الرئيسية أحداث منوعة
أحداث اليوم -
“اذا كنتِ في عمر الزواج وأردت أن تجدي شريك حياتك فما عليك الا أن تكوني فلسطينية أو أن تسافري الى فلسطين، حيث يسجل أقل معدلات عنوسة في العالم العربي”.
هذا الكلام بحرفيته بثته إذاعة “هنا أمستردام العالمية” من هولندا في تقرير استند الى إحصاءات مراكز الأبحاث والمعطيات الخاصة بالمنظمات غير الحكومية لمعرفة معدلات العنوسة في العالم العربي. أورد التقرير أرقاماً صادمة جعلت لبنان يحتل المركز الأول عربياً في نسبة العنوسة التي بلغت 85 في المئة، تلته الإمارات العربية المتحدة بنسبة 75 في المئة، العراق 70 في المئة، تونس 62 في المئة لتحتل فلسطين أسفل القائمة بنسبة لا تتعدى 7 في المئة.
وأشار التقرير الى أن هذه النسبة المرتفعة في لبنان تشمل العازبات اللواتي بلغن الخامسة والثلاثين من العمر من دون إيجاد “عريس لقطة” وفق المصطلح اللبناني الشائع، واللافت أن نسب العنوسة ترتفع تدريجياً في كل الدول العربية بسبب الأزمات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية. يعزو علماء الاجتماع هذه الظاهرة الى طموح المرأة اللبنانية الذي يعلو أكثر فأكثر من الناحية المهنية تحديداً مما يدفعها الى تأجيل فكرة الزواج بهدف تأسيس حياتها المهنية والخاصة وتأمين استقرارها المادي، وحين تتجاوز الخامسة والثلاثين أو الأربعين وتبدأ لديها الرغبة في تأسيس عائلة يكون “القطار قد فات”.
في الأساس، يعاني لبنان من مشكلة عدم التوازن الديمغرافي بين الجنسين، إذ ان هناك رجلاً مقابل خمس نساء، ويعود انعدام التوازن الى هجرة العديد من الشباب اللبناني الباحث عن مستقبل أفضل في بلاد الله الواسعة، من هنا ترسخت ظاهرة ” العريس الجيد أو اللقطة”، كما يقال لناحية أنه شاب يعمل في الخارج وقد بنى لنفسه مهنة جيدة، وبالتالي يملك امكانية تأسيس أسرة وبناء حياة اجتماعية ذات مستوى معين. في المقابل، تعمل الفتاة اللبنانية على أكثر من محور للخروج من إطار الحماية الذكورية وهي تواجه ضغطاً مزدوجاً: الأول يتمثل بضرورة الزواج، والثاني مرتبط بضرورة إيجاد عمل يسمح لها بالمساهمة في مصاريف المنزل، وهي تعيش وسط ثقافة عامة تفرض عليها أن تكون جميلة ومتعلمة ولديها عمل جيد كما أنه يجب أن تتحلى بالجاذبية والقدرة على الإغراء من دون أن تكون لها علاقات جنسية، في إشارة الى تقاليد المجتمع اللبناني، الذي لا يزال يرفض العلاقة الجنسية خارج إطار الزواج.
كل هذه المعطيات تنعكس على الفتيات مباشرة فتصبح العنوسة خياراً شخصياً يمكن أن تتخذه الفتاة بعد العديد من التجارب الفاشلة. ظاهرة العنوسة سيكون لها تأثيرات سلبية كثيرة على تركيبة المجتمع اللبناني، خصوصاً اذا ظلت النسب ترتفع تدريجياً كما يحدث منذ سنوات في لبنان والعالم العربي، هذه التأثيرات لن تبدأ بالبروز الآن انما بعد سنوات عدة مع انخفاض عدد الأطفال في العائلة مما يعني أن الشعب اللبناني سيصبح هرماً وغير فتي.
قد يرى البعض في ظاهرة العنوسة أمراً يثير الضحك أو قد يظن آخرون أن الحديث عن هذه المشكلة سببه اهتمام الفتاة اللبنانية في ايجاد عريس والزواج فقط، متناسين أن الزواج هو مؤسسة تلبي الرغبات العاطفية والجنسية لدى الشريكين وتمنح المرأة نعمة الأمومة، وهي الأهم.