الرئيسية أحداث اقتصادية
أحداث اليوم -
بعدما تراجعت أسعار النفط بنسبة 50 % خلال الأشهر الاثني عشر الماضية يعتقد خبراء ومحللون أن المستويات السعرية الحالية ستبقى سائدة في ظل وجود العوامل الضاغطة على منحنى أسعار "الذهب الأسود" حول العالم.
وفقد النفط 50 دولارا من قيمته منذ شهر آب (أغسطس) العام الماضي إذ كان يبلغ سعر خام برنت 100 دولار للبرميل آن ذاك وهو يبلغ اليوم 48 دولارا فيما يبين خبراء لـ"الغد" أن زيادة المعروض وتراجع الطلب من قبل الصين ؛ ثاني أكبر مستورد للبترول في العالم؛ ربما تدلل على أن الأسعار ستبقى منخفضة خلال الفترة المقبلة.
وأشاروا إلى أن موقف منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) من ابقاء سقف إنتاج النفط كما هو ساهم هو الآخر في رفع الكميات المعروضة والضغط على سعر النفط ومنعه من الارتفاع.
وفي آخر تداولات الأسبوع بلغ سعر النفط الأميركي 39.8 دولار للبرميل، في حين بلغ سعر مزيج برنت 45.4 دولار.
وواصلت أسعار النفط الخام تراجعها الأسبوع الماضي مع سماح الصين لعملتها بمواصلة الانخفاض وصدور بيانات دون المتوقع عن ناتجها الصناعي مع وصول إنتاج النفط إلى أدنى مستوياته في عدة سنوات.
الخبير العراقي والمختص في شؤون النفط لهب عطا عبدالوهاب قال إن "الأسعار سوف تبقى ضمن مستوى 40 و43 دولارا للبرميل".
وأوضح عبدالوهاب أن زيادة المعروض من النفط عالميا جاء نتيجة ثورة الوقود الصخري وزيادة الانتاج العراقي.
وبين عبدالوهاب أن الانتاج العراقي من النفط لم يصل إلى تلك الكميات منذ العام 1979 إذ أصبح يبلغ نحو 4 ملايين برميل باليوم.
وأشار إلى أن الاتفاق النووي الإيراني الذي يتضمن رفع العقوبات عن إيران سمح لها بزيادة صادراتها النفطية مما فاقم من زيادة الكميات المعروضة من النفط، لافتا إلى أنه من المتوقع أن تضخ إيران كميات أكبر من النفط.
ويقول المحلل المالي والاقتصادي مازن ارشيد إن "العوامل الضاغطة على أسعار النفط موجودة منذ فترة زمنية دفعت الأسعار للدخول ضمن نطاق دون 50 دولارا للبرميل".
وأضاف ارشيد أن "كل العوامل الضاغطة على سعر البرميل موجودة ومن المرجح أن تستمر وأن يواصل سعر برميل النفط تراجعه ويتذبذب ضمن نطاق الأربعين دولارا".
وأشار إلى أن ارتفاع الكميات المعروضة من النفط نتيجة ارتفاع الإنتاج وزيادة الإمدادات من العراق ساهم في الضغط على السعر لكي يهبط.
ولفت ارشيد إلى أن تخفيف قيود التصدير على إيران ساهم أيضا بزيادة الكميات المعروضة عالميا.
وبين أن العلاقة العكسية بين الدولار والنفط، ساهمت بخفض سعر الأخير.
وارتفع الدولار في آخر تداولات الأسبوع مقابل سلة عملات رئيسية مدعوما ببيانات مشجعة بشأن أسعار المنتجين والناتج الصناعي في الولايات المتحدة في حين أنهى اليورو أسبوعا جيدا على تراجع برغم موافقة البرلمان اليوناني على اتفاق إنقاذ ثالث.
وبين أن إعلان الصين تعديل قيمة عملتهم المحلية "اليوان" زاد من كلفة مستورداتها من النفط وبالتالي فإن ذلك أثر على استهلاك الصين من البترول.
وأشار إلى أن المخزون الأميركي من النفط يسجل ارتفاعات ملحوظة، لافتا إلى أن كلها تعتبر عوامل ضاغطة تخفض من سعر برميل النفط.
من جانبه؛ اتفق د.الاقتصاد محمد العبادي مع سابقه؛ مستبعدا ارتفاع سعر برميل النفط في الوقت الذي زادت فيه العراق انتاجها ورفضت المملكة السعودية العضو الرئيسي في أوبك تقليل انتاجها.
وأكد العبادي أن تراجع الطلب العالمي سواء من الصين التي هبط سعر صرف عملتها أو من دول الإتحاد الأوروبي التي تعاني من أزمة ديون اليونان سيساهم أيضا في بقاء سعر النفط يتراوح بين 40 إلى 50 دولارا.
ولفت إلى أن استمرار قوة الدولار أمام العملات الأخرى سياهم أيضا في انخفاض أسعار النفط.
إلى ذلك ؛ عاود الخبير عبدالوهاب للتأكيد على أن تراجع الطلب الصيني نتيجة ارتفاع كلفة مستوردات الصين من النفط بفعل انخفاض سعر صرف اليوان الصيني ساهم في تراجع الطلب من ثاني أكبر مستورد للنفط وبالتالي أدى إلى انخفاض سعر البرميل.
وسجل اليوان الصيني أدنى مستوى له في أربع سنوات الأسبوع الماضي مواصلا تراجعه بعد قيام السلطات بخفض قيمته لدعم اقتصادها المتعثر بينما جاء الناتج الصناعي للبلاد دون التوقعات.
وأضاف عبدالوهاب أن "ارتفاع سعر صرف الدولار لأعلى مستوياته أمام سلة من العملات أدى الى انخفاض الطلب على النفط".
وبين أن موقف أوبك من هبوط أسعار النفط كان مفاجئا للأسواق إذ قررت في اجتماعها الأخير في فيينا إبقاء سقف الانتاج عند 30 مليون برميل يوميا استجابة للموقف السعودي المنتج الأكبر للنفط في منظمة أوبك.
ويرى أن هذا الشيء أثار تساؤلات لدى العديد من الخبراء وأن فريقا منهم يرى أن هناك اعادة نظر في السياسة النفطية السعودية إذ أن السعودية بعد أن كانت المنتج المرجح تبنت اليوم سياسة المحافظة على حصتها في السوق وخاصة في السوق الآسيوي.
في حين أن فريقا آخر يرى بحسب عبدالوهاب أن هناك حربا سعرية خفية تقودها السعودية بحيث "يتم ضرب عصفورين بحجر وهي أن تؤدي إلى اصابة الوقود الصخري الأميركي في مقتل لتصبح أسعاره منخفضة ويصبح غير مجدي اقتصاديا."
وأضاف أن السبب الثاني هو تلقين روسيا وإيران درسا بضربهم في ميزانياتهم المالية.
ورأى عبدالوهاب أن المستفيد الأكبر من هبوط أسعار النفط هو الدول المستهلكة وهناك فرصة أمامهم لاستثمارها وأن الخاسر هي الدول المنتجة وشركات النفط.