الرئيسية مقالات واراء
من كان يصغي الى الشعارات الاكثر تداوُلاً في الحِراكات العَربّية قبل أربع سنوات لا بد أنّه يشعر الآن بالخذلان، فثالوث الحرية و العدالة و الديمقراطية انتهى الى مثلث القمامة و البطالة و الحرب الطائفية، و من هتفوا و تظاهروا من أجل الحرية التي سُلبت قرونا يتظاهرون الآن من اجل الكهرباء بعد ان استطال ليلهم خصوصاً في هذا الصيف القائظ الذي آذاب اجنحة الشمع كلها وكذلك الاوهام الهلامية التي غذاها محترفو التهييج الموسمي ، اين ذهبت تلك الشعارات ، و لماذا حلّ مكانها ما كان الناس ينعمون به في عهود تسمى الان بائدة ؟ قبل أيه اجابة علينا أن نتذكر ما سمي الحروب البديلة، و القضايا المترجمة و الاسئلة الخاطئة التي تبقى بلا اجابات اذا لم تجد من يعيد صياغتها ! لن نقول بالطبع أن العربي يكرر حكاية ذلك الغراب الذي انتظر حتى الغروب و صاح من فرط الجوع آه على ذبابة. فتلك حالة بشرية لا سبيل الى تخطيها، فالانسان قد لا يعيش بالخبز وحده .. لكنه لا يعيش على الاطلاق بدون الخُبز ، وذلك هو السّر الأبدي في تطويع وتركيع الشعوب عبر التاريخ . وان المرء ليصاب بالدهشة وهو يرى ان القمامة تحولت الى تلال وسلاسل وجبال في عواصم عربية عريقة ، ونحن بانتظار فلاسفة جدد على غرار من يسمون في اوروبا فلاسفة الأحد كي يجدوا لنا رابطا بين الديكتاتورية والقمامة او بين الليبرالية ومحطات الكهرباء ! واسوأ ما في الكوميديا كلّها اضافة الى كونها تبكي ولا تضحك ان الاعلام المعلب الذي انهى التاريخ صلاحيته منذ زمن يواصل العزف على الوتر الرثّ ذاته . لقد تطور الفقر وكذلك الحرب والنزاعات الاهلية وثقافة الاستهلاك لكن الاعلام الذي لا يعبر عن كل ذلك بقي مكانه على طريقة محلك سِر! اما من قالوا ان في الحركة بركه فقد جهلوا او تجاهلوا عن قصد ان الحركة قد تكون الى الوراء وان التغيير قد يكون الى الاسوأ !