الرئيسية مقالات واراء
لا يرحمونك ولا يريدون لرحمة الله أن تنزل عليك، واذا كان لكل زمان تنابلته فإن تنابلة هذا الزمان من طراز آخر، وقد يكونون أثرياء حروب أو سماسرة هجرات و دماء، لكنهم قرروا التقاعد و التفرغ لِتَسفيه كل ما تقع عليهم عيونهم، يسخرون ممن يستغرق في أي جهد ذهني و ممن يتصبب العرق من جباههم بحثا عن الحدّ الأدنى من السِّتر، انهم كهؤلاء الذين لا يقرأون و يسخرون ممن يحمل كتابا أو صحيفة قائلين بأن الكلام بالمجان و بمعنى آخر ببلاش رغم أنهم ينفقون الكثير على الثرثرة بالهواتف، و لم يعد الكلام بالنسبة لأمثالهم بالمجان. تنابلة عصرنا قد يهشون الذباب عن أنوفهم بخلاف اسلافهم تنابلة السلطان لكنهم عاجزون عن ادراك الاخطار التي تحدق بهم و تهدد ذريّتهم بالطرد من التاريخ. انهم تلامذة نجباء في مدرسة جُحا نفذوا تعاليمه و مواعظه و صدقوا أن الدنيا بألف خير مادام الشّر خارج غرف نومهم، لكنهم على موعد مع اكتشاف قد يصيبهم بالانهيار و هو أن غرف النوم هي احيانا صندوق باندورا الاغريقي الملىء بالشرور و أن من لا يبالي بموت الآخرين سيموت وحيدا ككلب ضال ومن لا يبالي بفقر الاخرين قد ينتهي متسولاً على رصيف أو عند باب مسجد، فالأيام كما شاهدها شاعرنا الحكيم دول، و من سَرّه زمن ساءته أزمان، لكن ماذا نفعل بهذه اللغة التي جعلت المرادف للدولة هو الزّوال، و المرادف للعقل هو الاعتقال؟ تنابلة الالفية الثالثة لا يعرفون فقط من أين تؤكل الاكتاف بل يعرفون حدّ الإتقان كيف ينحنون بحيث تلامس رؤوسهم الأقدام. و لمن يقولون لنا بين وقت و آخر بل بين مذبحة و أخرى انظروا الى النصف الممتلئ من الزجاجة نقول.. رأيناه ووجدناه ممتلئا بالدم و الدمع و ليس بالماء! تنابلة عصرنا استمرأوا مذاق الدم و لم يدركوا الا بعد فوات الأوان أنهم كالقط الذي لحس المبرد!