الرئيسية أحداث منوعة
أحداث اليوم -
“يمنع التصوير بالأجهزة الخلوية”.. عبارة بدأت عائلات تلجأ لكتابتها على بطاقات الأفراح، تأكيدا لخصوصية الآخرين وحقهم بعدم التصوير أو نشر أي صورة تخصهم من دون إذن.
ويبدو أن عدم الالتزام بهذا الأمر، خلق العديد من المشاكل و”الاشتباكات” بين العائلات، تصل أحيانا إلى قضايا يتم تحريكها في المحاكم، وحالات طلاق تقع بين العروسين، وحوادث أخرى لا تنتهي بسبب انتهاك حرمة الأفراح والتصوير والنشر في بعض الأحيان على مواقع التواصل الاجتماعي.
اشتباك كبير حصل بين أهل العريس وأهل العروس أنهى حفل زفاف العشرينية سماح وهو اسم مستعار. والسبب أنه وبعد ساعة من بدء أحد الأعراس، تم التقاط صور عدة عبر الهاتف الخلوي من قبل صديقات العروس اللواتي عبرن عن تفاجئهن بطلة العروس عند دخولها قاعة الاحتفال بالتقاط صور وفيديوهات لها عبر الهاتف، ما أثار غضب واستياء والدة العريس وشقيقاته اللواتي سارعن إليهن، مطالبات التوقف عن التصوير وهنا بدأت المشكلة.
واعتبر أهل العروس تنبيه ضيوفهم ومنعهم من التصوير إهانة لهم، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الموضوع، كما تقول سماح؛ حيث أصرت والدتها على استمرار صديقاتها بالتصوير، مبررة ذلك بقولها “حرين بنصور بنتنا”.
تعالي الأصوات داخل قاعة الحفل دفع “العروسين” للتدخل السريع والاعتذار من الحضور ومغادرة الحفل بعد مضي ساعة “لو ضلينا بالحفلة اكتر كنا راح نخسر بعض أنا وياه”.
“التصوير داخل الحفلة من الغريب والقريب بات أمرا مزعجا”، يقول الأربعيني خالد الصمادي، الذي كتب على بطاقة دعوة زفاف ابنه “الرجاء عدم التصوير في الأجهزة الخلوية”، أملا في انصياع المدعوين وراء رغبة أصحاب العرس.
وما يزيد الطين بلة، وفق الصمادي، هو انتشار الهواتف الخلوية بين أيدي الصغار والكبار، الأمر الذي يجعل السيطرة على الموضوع أمرا صعبا، فما إن تبدأ الحفلة حتى تجد الهواتف الخلوية قد ارتفعت والفلاشات أصبحت تضيء من كل مكان.
يقول الصمادي “لابد من أن يكون الالتزام نابعا من داخل الشخص”، مكملا أن على كل شخص أن يضع نفسه مكان الفتاة التي تصورت في الحفلة أو التي تم نشر صورتها، فمنهن المحجبات ومنهن من لا يرغبن بأن يرى أحد صورهن بلباس الحفلات”.
التصوير العشوائي وغير المسؤول في المناسبات يتسبب بالحرج والمشاكل للكثير من الناس. وتفاجأ سند عطية برؤية إحدى قريباته في فيديو كان يتداوله مجموعة من الشباب فيما بينهم، حيث صور الشباب فرقة الزفة لأنها كانت مميزة ولم ينتبهوا لأهل الحفلة الموجودين بالفيديو، مؤكدا أن تصوير الفتاة تحديدا لم يكن مقصودا ولكن نشر الفيديو وتداوله كان “كارثة”، خصوصا بعد أن رأته أكثرية العائلة.
في حين لجأ العشريني حسام أحمد إلى وضع شروط معينة للمدعوين الذين سيحضرون حفل زفافه، فإلى جانب منع حضور الأطفال، أضاف عبارة “منع استعمال الهواتف النقالة”، ومن ثم قام بتوزيعها على الأقارب والأصدقاء.
ويعزو حسام كتابته لهذه العبارة إلى المشاكل الأسرية الكثيرة التي انتشرت مؤخرا بسبب التصوير داخل الحفلات التي يعتبرها كشف عورة وانتهاكا لخصوصية صاحب العرس.
ويقول “لا تخلو أي حفلة أو مناسبة عائلية من الهواتف الخلوية الحديثة والمزودة بالإنترنت، البنات يبدأن بالتصوير والتشيير على مواقع التواصل”، الأمر الذي غالبا ما يتسبب بكشف تفاصيل الحفلة، مؤكدا على جميع أقاربه في حال عدم الالتزام بأنه سيقوم بمصادرة الهاتف وتحطيمه أمام المدعوين في الحفل.
ماسة رزق مديرة العلاقات العامة في إحدى شركات تنظيم الحفلات، تشير إلى تشديد العديد من العائلات والأسر على ظاهرة التصوير داخل الحفلة سواء من خلال الهواتف الذكية أو كاميرات التصوير الفوتوغرافي والاكتفاء بالتصوير الذي تقوم به الشركة.
وتلفت رزق إلى قيام الفريق المسؤول عن تنظيم الحفل وبناء على طلب من قبل أهل العرس بتوزيع ملصقات في أنحاء قاعة الاحتفال كافة تمنع التصوير داخل القاعة، إلى جانب التنبيه عبر مكبرات الصوت.
وتؤكد رزق، في حال عدم استجابة بعض المدعوين ورضوخهم لرغبة أصحاب الحفل، تتم مصادرة الهاتف وتصل إلى الطرد من الحفل في بعض الأحيان، بناء على رغبة العروسين، حفاظا على حرمة المدعوين وسمعتهم من الأقارب والأصدقاء الذين كثيرا ما يجدون أنفسهم في مواقف محرجة بسبب ما يلتقط لهم من صور وفيديوهات.
من جهته، يشير أخصائي علم الاجتماع الأسري الدكتور فتحي طعامنة، إلى أن ظاهرة التصوير في الحفلات والأعراس سواء عبر الهواتف المحمولة أو التصوير الفوتوغرافي تعد واقعا ملموسا في القضايا التي ترفع في المحاكم والتي يكون سببها خلافات تراكمت بين الأزواج من ضمنها قضية التصوير وتصرف الزوجة بهذه الصور أو نشرها.
ويلفت طعامنة إلى الآثار السلبية لظاهرة التصوير على الأسرة والمجتمع بصورة عامة؛ إذ بدأ العديد من أصحاب المناسبات بكتابة عبارة “يمنع التصوير بالأجهزة الخلوية”، رغبة منهم بعدم التعرض لموقف محرج خلال الحفل أو التسبب بمشاكل بسبب التصوير تنغص عليهم فرحتهم بالعرس.
ويعتبر طعامنة الصورة من أسرار البيوت التي لا تقل أهمية عن الأسرار المحكاة والتي لابد من المحافظة عليها وعدم الإفشاء بها، مؤكدا أنه لا يحق لأي كان التعدي على خصوصية الآخرين بتصويرهم ونشر صورهم.
ويرى أن على جميع الأطراف من أهل العروسين والمدعوين عدم اختراق خصوصية الآخرين وتصويرهم بدون إذنهم، لاسيما وأن هذه الظاهرة سببت العديد من المشاكل والقضايا الأسرية، معتبرها انتهاكا للأعراف والعادات والتقاليد الاجتماعية والقوانين التي تؤكد احترام الخصوصية ومنع اختراقها.
“صالات الأفراح تجمع أمزجة مختلفة وأشخاصا مختلفين في التربية والعادات”،
متابعا أن ما يراه البعض مناسبا وأمرا عاديا قد يراه آخرون منافيا لتربيتهم وعاداتهم وتقاليدهم، الأمر الذي يجعل الطرفين في مأزق هم بغنى عنه.
ويردف أن هناك بعض الناس الفضوليين ويقومون بنشر كل ما يتم تصويره على مواقع التواصل الاجتماعي، فيتفاجأ من هم حريصون على عدم نشر صورهم، وبالتالي يحدث بعض الإشكاليات مع أفراد أسرتها.
ويرى طعامنة أنه لابد من ضرورة مراعاة خصوصية الآخرين حفاظا على العلاقات الأسرية والاجتماعية منعا لحدوث المشاكل الاجتماعية.