الرئيسية مقالات واراء
من المؤكد ان اندفاع مئات الاف اللاجئين الشرق اوسطيين الى اوروبا سيقلل كثيرا من كلفة الاغاثة في المنطقة: في سوريا الداخل والأردن ولبنان.
ومن المؤكد ان حرب اليمن، وإغاثة ملايين اليمنيين سيقلل من تبرعات دول الخليج للاجئي سوريا بشكل خاص. ومثل هذه «.... » تبرز الآن في اشكال غير مفاجئة لضمور موازنات التعليم والصحة في هيئة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.
والعقل السياسي العربي معتاد على «الاستمرارية» على انه في داخله يعرف ان موازنات الاغاثة بغض النظر عن المشمولين فيها هي تبرعات، وليست مستحقات. والمتبرع يستطيع دون اي وازع اخلاقي–سياسي ان يوقف تبرعه حتى اذا استمر لاكثر من نصف قرن.. كالاغاثة الفلسطينية.
واذا كان العاملون في هذه الاغاثة يحبون ربط استمرارها بحق عودة اللاجئ الى دياره التي طرد منها، فإن هذا الربط بالنسبة للمتبرع ليس حتمياً.
المشكل يبقى في البلد الذي تحمل مسؤولية فتح حدوده امام اللجوء السياسي، وخاصة اذا كان كالأردن او كلبنان، يحتاج شعبه الى الاغاثة.. في وجه عواصف عدم الاستقرار، والانهاك الداخلي القادم بتياراته من خارج حدوده.
لقد استقبل الأردن من اللاجئين اكثر من عدد سكانه الاصليين: في بداية تأسيس الامارة جاءه السوريون الذين لم يقصّر الاحتلال الفرنسي في طرد قواهم الحيّة من بلدهم، الى جانب تجار اغراهم توسع العاصمة عمان التي كانت تفتقد الى الخدمات الضرورية الاولية كالخبز، والطاقة، والطعام..وكل شيء تقريباً.
وجاء الفلسطينيون بمئات الالاف بعد كارثة 1948 الى الضفة الغربية والشرقية على السواء. ثم صار للاجئين اسم آخر هو النازحون بعد حرب 1967.. وبعدهم جاء الاخوة العراقيون.. ثم الزحف السوري.. ثم اليمنيون والليبيون. وهكذا صرنا عشرة ملايين يخزي العين.
- هل كنا نستطيع غير ذلك؟!
-.. لا. فالقانون الدولي لا يقبل اغلاق الحدود في وجه ملهوف هارب بروحه وبارواح اطفاله. ويستطيع اغلاقها في وجه اللاجئين الاقتصاديين كعمال مصر والفلبين وسيرلانكا والبنغال ثم ان القانون القومي العربي–وهو مازال معمولاً به في الاردن–فيفرض ما هو ابعد من فتح الحدود.. انه يفرض الاستضافة الكاملة. واحياناً الموئل والطعام والشراب.. والبقية.
إن ترحيب المانيا بالاف اللاجئين السوريين الى حد 000ر800، سيقلل حتماً من التبرعات الالمانية للاجئين في الداخل السوري وفي الاردن ولبنان سواء بسواء. وعلينا في الاردن ان نستعد لأخذ وقف المعونات مأخذ الجد. واذا كنّا الآن على شفا حلول سياسية قد توقف السيل البشري، وقد تعيد بعضه الى مدن وقرى حوران، فاننا لا نستطيع ان نقول للسوريين: لا نتحمل بعد الآن.
فهناك القانون القومي والقانون الانساني. لكننا نستطيع ايقاف النظام الارهابي عند حده.. بالقوة. فهذا الوحش المسعور يلفظ انفاسه الاخيرة وإلا فكيف يتصور انصار النظام ان مفخختين في جبل العرب،.. هما الحل لامتناع الجبل عن تزويد ماكنة فرم اللحم، بالمزيد من الابناء وهما الحل لمنع هروب جيش النظام كما حدث في تدمر؟!