الرئيسية 
مقالات واراء
لا يذهبنّ ذهنكم إلى خارطة طريق حياتي كاملة ..بل هي خارطة طريقي لشرب فنجان قهوة فقط ؛ كنتُ قد تورطتُ مع صديقي «إيهاب عماوي» في قبول دعوته لشربه معه في مقهى العريشة في شارع المدينة المنورة .. ولأنني ضعيف في الجغرافيا البشرية ..طلبتُ منه أن يحدد لي أين المقهى بالضبط ؟ كي أستلذ بشرب فنجان القهوة على أنغام بوح مشترك ..وليتني لم أسأل «إيهاب»..! فهذا الصديق تعامل معي باعتباري أملك كل مباني شارع المدينة إلا مبنى المقهى ..أو على أقل تقدير باعتباري ( حيّوم قيّوم) هناك ..ولا يعلم إنني أمرّ من هناك وأنا بكامل جهلي ..وبالكاد أعرف محلاً أو محلّين ..! لذا فقد اعتمد في شرحه للمكان على أماكن أخرى أكثر تعقيداً لي ..يذكر أسماء محلات قريبة من المقهى «عمر أهلي ما سمعوا فيها»..فكانت خارطة طريقي تزداد غموضاً و توهاناً..! المشكلة إنني نبهتُ هذا الـ «الايهاب» على ضرورة الوضوح في الوصف ..وبدون إحداثات معروفة لي ستفشل خارطة الطريق بايصالي إلى فنجان قهوة استلذّ به .. كل الوصف كان محصوراً بين دوار الواحة إلى دوار الكيلو ..وأنا أعجز تماماً عن تخيّل المكان أو حتى التعرّف على شيء قريب منه ؛ مع إنه على الشارع الرئيسي..و بعث إليّ بصورة خارطة من (جوجل إرث) باعتباري خبيراً في قراءة الخرائط ..وفشلتُ في قراءة الخريطة ..! إلى أن سألته : على يمين أم شمال حلويات حبيبة ..؟ فقال لي ..لالالالالا ..على اليمين قبل ما توصل دوار الواحة ...بعد ساعة من الشرح نطق الجوهرة ..قبل دوار الواحة ..يعني بداية الوصف يجب أن تكون : وإنت جاي من مستشفى الجامعة باتجاه دوار المدينة ..!! أما كان بالإمكان لهذا الإيهاب أن يحدد بداية خارطة طريقي بهذا الوضوح ..والأدهى إنني سألته : هل مواعيدك دقيقة فأجابني بالثانية ..وجاءني متأخراً ..! ليست الحكاية في وصف إيهاب لخارطة طريقي ..بل الحكاية في خارطة طريقنا الواضحة تماماً لنا كلّنا و نحن نصرّ اصراراً عجيباً للسير في خرائط أخرى لا توصلنا للمكان الصح ..! اسألوا السياسيين الذين أحالوننا إلى قطيع تائه في الشوارع و الزقق و الحارات نبحث عن نهاية للخارطة و لا نجدها للآن ؛ بل ما زالت هذه الخرائط تشرف على مجازرنا و جثثنا و لا توصلنا إلى كرامتنا المفقودة ..!
