الرئيسية مقالات واراء
هذه المفردة القرآنية تعبر عن أقصى ما يمكن أن أن يلحق بالانسان من خسائر، سواء كان لديه حاسوب يحصيها أو تتراكم على كاهليه كالدُّيون وهو آخر من يعلم. الأخسرون هم الذين توهموا أنهم قادرون على حمل عشر بطيخات وليست اثنتين في يد واحدة، وأعجبهم ما يقال عن المنشار الذي يأكل الخشب صاعداً وهابطاً فَقَدْ اعتقدوا بأنهم بالفعل رجالاً ونساء لكل العصور، وأن الشمس تشرق لاجلهم وتغرب كي يستغرقوا في نومهم وشخيرهم . الأخسرون هم الذين راهنوا على الرّبح من تجارة الموت والرقيق وخشب التوابيت وخشب مهود الاطفال، ان لهم في كل عرس اكثر من قٌرْص، يقفزون برشاقة قرد من مأتم الى حفل زفاف، دمعتهم قريبة بسبب التمارين والخبرة وابتسامتهم الصفراء أقرب. انهم يلبسون لكل حالة لبوسها ولو كانوا مجرد مقامرين بحثا عن الرّبح السريع وبلا أي جهد لكانوا من الخاسرين، لكن الأخسرين اكثر من ذلك بكثير، بحيث يكتشفون بعد فوات الأوان أن ما خسروه هو أنفسهم، وأن ما سجلوه من اهداف وصفقوا له كان في مرماهم. انهم مع الله والقيصر في اللحظة ذاتها ويعملون لدنياهم كانهم يعيشون أبداً لهذا عندما يفاجئهم الموت تبدو الدهشة على عيونهم المَفْتوحة لأنهم راهنوا على الخلود، فالموت من نصيب الآخرين وكذلك الفراق والفقر، أما هُمْ فقد طووا تحت آباطهم المعروقة بوليصات تأمين ضد كل الشّرور. واذا صحّ لنا أن نفاضل أو نقارن بين الخاسر والأَخْسَر فالأول قابل للصحو من غيبوبته ومراجعة ذاته ونقدها، أما الثاني فقد أغلق الباب على نفسه واسدل السّتار على عُمْر بددته الأوهام وقضمت أيامه ولياليه أنانية عمياء و إثرة يوشح منها السّم كما يقضم الحمار جزرة! ما من مفردة تفي بالغرض قدر تعلقه بهؤلاء غير هذه المفردة البليغة التي تذهب بالخسارة الى أقصاها ان كل من سال لُعابهم لامتلاك كل شيء نعقوا في الغروب مُقلدّين ذلك الغراب المغرور الذي بكى على ذُبابة