الرئيسية مقالات واراء
هل يقود الخلاف الأميركي الروسي حول سورية إلى مزيد من التأزيم، وإطالة أمد الأزمة؛ أم أنه مقدمة لصفقة سياسية؟
الفريق الذي يرجح خيار الصفقة، يستند إلى جملة من المعطيات؛ أهمها التحول في موقف الإدارة الأميركية والدول الغربية حيال الرئيس السوري بشار الأسد، والقبول بدور له في المرحلة الانتقالية. وثاني المعطيات، التوافق الروسي الأميركي على ضرورة التصدي لخطر الإرهاب، والقضاء على تنظيم "داعش".
لكن حتى في النقاط المشتركة، ثمة خلافات حولها تبدأ ولا تنتهي؛ متى يبدأ دور الأسد، ومتى ينتهي؟ معنى "الانتقالية" في وثيقة "جنيف1"؛ تعريف المعارضة السورية "المعتدلة"، ومن يملك الحق منها في المشاركة في العملية السياسية؛ وغيرها من التفاصيل.
خطوات روسيا على الأرض لا توحي أبدا بنيتها المساومة على مصير الأسد في المرحلة المقبلة. لقد انتقلت من مرحلة الدعم السياسي والعسكري والمادي، إلى المشاركة الفعلية في العمليات.
في المقابل، منيت خطط واشنطن "لتأهيل" المعارضة السورية بالفشل. وآخر حلقات الخيبة إلغاء برنامج تدريب المقاتلين السوريين بعد انكشاف أمره.
حلفاء واشنطن في المنطقة، في حالة ارتباك، خاصة في العراق والخليج العربي. لم يعودوا يفهمون سياستها في سورية. واللقاءات التي جمعت بعضهم مع مسؤولين أميركيين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، حملت لهم أسئلة، في وقت كانوا يبحثون فيه عن إجابات.
يقول دبلوماسي رفيع في الأمم المتحدة: إن التصريحات النارية المتبادلة بين بوتين وأوباما لا تعكس حقيقة المواقف في الغرف المغلقة. خلف الكواليس، يُظهر الطرفان رغبة في التفاهم حول سورية. ويرى أن لا بديل أمام الطرفين سوى تقديم تنازلات، تفضي إلى صفقة في سورية.
ويؤكد الدبلوماسي ذاته أن واشنطن، وبعد أن فرغت من الصفقة حول البرنامج النووي الإيراني، ستتفرغ في السنة الأخيرة من ولاية أوباما للملف السوري، وستعمل بكل طاقتها للوصول إلى حل بضغط من الدول الأوروبية الحليفة التي بدأت تعاني من مخاطر انفجار الصراع السوري، ووصوله إلى أراضيها.
وينظر دبلوماسيون عرب في نيويورك إلى التحرك الروسي الأخير في سورية، بوصفه مؤشرا على ضعف نظام بشار الأسد، وعدم قدرته على مواجهة الاستنزاف العسكري المستمر منذ خمس سنوات. ويلفت هؤلاء إلى أن التحرك العسكري الروسي لم يتعد تحصين معاقل النظام في الساحل السوري، في خطوة تمهد للخيار البديل في حال أخفق النظام في حماية ما تبقى من مناطق تحت سيطرته.
وسيكون أمرا مثيرا لعديد المراقبين في العالم، أن تطور موسكو من مقاربتها في سورية، وتوسع دائرة العمليات لتشمل قصف معاقل تنظيم "داعش" في الرقة وتدمر. وإذا ما حصل ذلك، فإن المتفائلين بخيار الصفقة، سيجدون فيه مؤشرا قويا على اقترابها.
لكن ليس كل من شارك في "كولسات" نيويورك الحالية يرى بصيص أمل في سورية. لدى البعض قناعة بأن واشنطن نفضت يدها من الملف السوري تقريبا، وهي غير مستعدة لخطوات جريئة على غرار خطوات بوتين. وأن كل ما يمكن أن تسعى إليه واشنطن هو احتواء الصراع داخل سورية لأطول فترة ممكنة، وإضعاف قدرة "داعش" على تهديد دول الجوار والغرب.