الرئيسية أحداث منوعة
أحداث اليوم -
حوار شيق أثار اهتمام مروة وهي جالسة على مكتبها، جعلها تترك عملها وكلها آذان صاغية للنقاش الذي كان يدور بين زميلتيها في العمل؛ حيث كانت إحداهما توبخ الأخرى على صراحتها المبالغ بها مع زوجها وأنها تخبره بكل صغيرة وكبيرة وبأدق التفاصيل التي ليس لها أي داع بوجهة نظرها.
رد الأخرى كان حول اعتيادها على مصارحة زوجها بكل شيء حتى في أبسط الأمور، ما يجعلها أحياناً تتعرض للتوبيخ منه وتلوم نفسها على الصراحة المفرطة.
فما كان من صديقتها الا أن شمتت بها وبتصرفاتها، متفاخرة بنفسها وقائلة “أغلب الأشياء التي أقوم بها لا يعرف عنها، وهي كلها أشياء عادية ليس فيها أي أخطاء، لكن لا داعي لأن يعرفها، وكثير من الأمور قد تحدث خلال اليوم بالصدفة لا داعي أن يعرفها لأنها لا تهمه”.
هذا النقاش جعل مروة تقف في حيرة متسائلة من الأصح، وهل فعلاً كل شيء يجب أن يقال للزوج، أو أن هناك أشياء لا داعي لأن يعرفها وهذا لا يعني أنها أشياء خاطئة أو تؤثر سلبا في حين عرفها؟!
ومن وجهة نظر سهاد علي، وبعد خبرة زواج 15 عاما، فإنه كلما قلت الأشياء التي يعرف بها الزوج، خصوصاً اذا كانت لا تخصه، كان الأمر أفضل بكثير، مبينةً أنه في بداية زواجها كانت ما تزال متأثرة بالروايات والأفلام ما جعلها تخبر زوجها بكل شيء وبأدق التفاصيل عنها وعن صديقاتها وعن أهلها خصوصاً عندما تكون متضايقة منهم.
وعند أول مشكلة بينهما، عرفت أن زوجها لا ينسى شيئا، بل على العكس بات يستخدم كل تلك القصص ضدها ويعايرها، ويمنعها من رؤية الصديقة الفلانية لقصة عابرة قالتها عنها، أو معايرتها بأختها التي اختلفت معها فترة وعادت المياه الى مجاريها، الا أنه بقي يذكرها بما فعلته بها.
من ذلك الوقت، تعلمت سهاد بأن هناك أمورا كثيرة لا تخص الرجل ولا يجب أن يعرف بها على الإطلاق حتى لو كانت أمورا عادية وليس فيها أي شيء، مبينةً أن الرجال يفكرون بطريقة معينة وهناك أشياء كثيرة لا داعي لأن يعرفوها على الاطلاق، خصوصاً اذا كانت لا تقدم ولا تؤخر.
جمانة هي زوجة أخرى ترى أنه لصحة الحياة الزوجية يجب على الزوجة أن تتمتع بالذكاء وتعرف ما الذي يقال لزوجها وما الذي يفضل عدم قوله والطريقة والوقت الذي تقوله فيه، مبينةً أن هناك أمورا كثيرة قد تكون ليس فيها شيء، لكن لا ضرورة لأن يعرفها الزوج كونه قد يضع لذلك اعتبارات أخرى هي بغنى عنها.
وتعطي مثلا على قيامها بمساعدة أهلها بمبلغ مالي كل شهر من راتبها ودخلها الخاص، وهو الأمر الذي تقوم به منذ أكثر من ثلاث سنوات بدون علم زوجها ولا تفكر حتى مجرد تفكير بأن تخبره لأسباب عدة أولها أن هذا أمر يخص عائلتها وليس له علاقة فيه. ثانياً والأهم لا تريد أن تتأثر صورة أهلها أمام زوجها بأنهم محتاجون للمال، كما أنها لا تريد أن يبدأ بالتفكير بأن تلك المبالغ أولى بها الأبناء أو أنهم يأخذون “تعبي”.
ويستغرب أبو سيف من الأزواج الذين يتدخلون بكل شيء، ويهوون سماع كل تفصيلة صغيرة حدثت مع الزوجة سواء بعملها، أو عند زيارة عائلتها، أو خروجها مع صديقاتها، مبينا أن هنالك أمورا كثيرة تخص عائلته لا يخبر زوجته بها، وبالتالي من حقها عدم التحدث بالتفاصيل كافة التي لا تؤثر على علاقتهما أمامه.
ويبين أبو سيف أنه وفي بداية الزواج كانت زوجته تخبره بكل “شاردة وواردة”، إلا أنها كانت أمورا لا تهمه على الإطلاق، فطلب منها أن لا تخبره بشيء إلا إذا كان الموضوع يخصهما، وغير ذلك من الأمور هو غير معني بأن يعرفها.
وفي ذلك، ترى اختصاصية العلاقات الزوجية د. نجوى عارف، أن الأمر يعود لطبيعة العلاقة بين الاثنين، الا أنه عادة أي معلومة لا تخص العلاقة الزوجية بحد ذاتها يفضل بأن لا تتم معرفتها، خصوصاً وإن كانت لا ثؤثر على العلاقة الزوجية ولا تضرها.
وتوضح عارف أن المشاكل العائلية من طرف أهل الزوجة على سبيل المثال، ليس للزوج علاقة بأن يعرفها، ولا بد أن يكون هناك نوع من التفرقة والوعي في الأشياء التي يجب أن يعرفها الزوج ولماذا.
وتنصح عارف الزوجات بإخفاء أسرار الصديقات، فلا يجب أن يعرفها الزوج ولا أن تحكى أمامه، كذلك أسرار عائلتها الشخصية لا داعي لأن يطلع عليها، بينما الأشياء التي تخصها هي وتتعلق بها شخصياً يجب أن يعرفها.
وتضيف أن هذه الأمور بحاجة الى ذكاء اجتماعي من قبل الزوجة، وموازنة بحيث تعرف ما الذي يقال والذي يفضل أن لا يعرف به، فهناك أمور قد تكون طبيعية ولكن تفهم بشكل خاطئ من قبل الزوج.
ويذهب الاختصاصي الاجتماعي د. حسين الخزاعي، إلى أن هذا الموضوع يعتمد بالدرجة الأولى على مدى تفهم الزوجة لطبيعة السلوكيات والقضايا التي تهم الزوج والتي لا تؤدي الى مزيد من الأعباء على الزوج؛ إذ إن الزوجة من خلال تعاملها اليومي مع الزوج تكشف عن القضايا التي يركز عليها والتي لا تهمه.
ويبين الخزاعي أن هناك خصوصيات بين الزوج وأهله والزوجة وأهلها لا يجب أن يعرف بها أحد.
ويشير الى أن أكثر شخص قادر على تقدير ما الذي يجب قوله وما الذي يجب التكتم عليه هو الزوجة نفسها، فهي التي تعرفه وتعرف ما يرضيه وما يغضبه، لافتا الى أن 75 % من حالات الطلاق في الأردن تعود لأسباب بسيطة جداً لا تذكر وليس لها أي داع.