الرئيسية أحداث اقتصادية
أحداث اليوم -
تشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" لإجابات الأردنيين على سؤال وردت نتائجه بدراسة "الجرائم الجنسية ضد النساء- المادة 308 من قانون العقوبات الأردني نموذجاً" حول موافقة الضحية على الزواج من الجاني، وكانت إختيارات الإجابة بقرارها لوحدها أم بقرار العائلة أم بقرارها الإكراهي أم بقرارها لوحدها أم بقرارها وقرار العائلة معاً.
ومن الملفت للنظر الى أن موافقة الضحية على الزواج من الجاني تكون في الغالب بقرار العائلة وبنسبة بلغت 38% بين الافراد، وأن النسبة الاعلى منهم (52%) ضمن الفئة العمرية 56 سنة فاكثر.
كما أفاد ثلث الأردنيين بأن موافقة الضحية على الزواج من الجاني تكون في الغالب بقرارها الإكراهي وكانت أعلى نسبة للأفراد الذين إختاروا هذه الإجابة في الفئة العمرية الشابة من 18-25 سنة، وبنسبة بلغت 39%.
في المقابل أفاد 22% من الأردنيين بأن موافقة الضحية على الزواج من الجاني تكون في الغالب بقرارها وقرار العائلة معاً، بحيث أن النسبة الأقل على هذه الإجابة كانت بين الأفراد في الفئة العمرية 26-35 سنة فأكثر (17%). في حين انخفضت نسبة الافراد الذين أجابوا بأن موافقة الضحية على الزواج من الجاني تكون في الغالب بقرارها لوحدها بحيث سجلت 6%، وواصلت النسبة إنخفاضها لتسجل 2% لإجابة أن موافقة الضحية على الزواج من الجاني تكون في الغالب بقرارها الحر.
تجدر الاشارة الى ان 58% من حملة شهادة الإبتدائي 46% من الأميين و 41% من حملة شهادة الدكتوراة أجابوا بأن موافقة الضحية على الزواج من الجاني تكون في الغالب بقرار للعائلة، وكذلك أيد 38% من حملة البكالوريوس و36% من حملة الدبلوم المتوسط الإجابة السابقة. كما أجاب 38% من حملة الماجستير و36% من حملة شهادة البكالوريوس و35% من حملة شهادة الدبلوم المتوسط بأن موافقة الضحية على الزواج من الجاني تكون في الغالب بقرارها الإكراهي.
وتشير "تضامن" الى عدم إختلاف آراء من تم مقابلتهم من القضاة الشرعيين عن غيرهم فيما يتعلق بزواج المغتصبة من الجاني، غير أن آراءهم تستند إلى أسانيد وحجج مستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة، ويرى بعضهم أن هذا الزواج هو إغتصاب ويترتب عليه خطورة فادحة، وهو في الوقت نفسه ليس سوى مكافأة على الجريمة، ولا يقره عرف أو شرع أو قانون، وعليه لا بد من إيقاع العقوبة الرادعة على المغتصب.
ويرى رجال الدين المسيحي الذين تمت مقابلتهم للوقوف على وجهات نظرهم بشأن المادة 308 / عقوبات الرؤية نفسها التي رآها رجال الدين الإسلامي، فقد أجاب أحد العاملين في هيئة محكمة الروم الأرثوذكس بأنه لم يسمع بهذه المادة ولم تمر عليه في المحكمة أي حالة مثل هذه الحالات التي يتزوج بها المغتصب من المغتصبة، ومع ذلك فهو يرفض هذا الزواج لأنه يتنافى مع الحرية المعطاة للفرد ولأنه برأيه إغتصاب".
ويضيف :"ولأننا خلقنا بحرية فبالتالي كل ما يرفضه الشخص وترفضه المرأة وتجبر عليه يعتبر إغتصاباً وهذا مرفوض حتى داخل الزواج... ومن إغتصب إمرأة أو زنا بها لا يحق له الزواج بها".
كما بينت نتائج الدراسة أن أكثرية من تمت مقابلتهم لا تحبذ هذا الزواج رغم تفهمهم العميق لأسبابه ودوافعه. فهو من وجهة نظرهم ليس سوى عملية "إغتصاب قانوني"، لأنه - برأيهم – لا يقوم على رضا المغتصبة ولا يحترم إرادتها ولا حقها في تقرير مصيرها ولا يقوم أيضا على إحترام حقها في تكوين أسرة سعيدة مع رجل تحترمه ويحترمها.
وتقول إحدى الناشطات النسويات والتي تم مقابلتها :"لا يوجد إرادة في حال الإكراه والعنف، لكن كما سبق وذكرت... في كل الحالات أعتقد أن ضحايا الإغتصاب الحقيقي حتى لو صرحت بالموافقة أمام القضاء فإنها على الأغلب تكون تحت الضغط الإجتماعي والأسري بل والنفسي خصوصاً عندما تفقد الفتاة بكارتها في ظل مجتمع يختزل الأنثى في غشاء البكارة. وعلى العموم أنا أعتقد أنه لا يوجد مغتصبة تقبل بالزواج من المغتصب أبداً مهما كانت الظروف ولكنني لا أستطيع التعميم فربما لكل حالة ظروفها وتداعياتها".
وتضيف ناشطة أخرى: " في المجال المتعلق بالزواج، فهي تمانع زواج المغتصبة من مغتصبها لأن العلاقة بينهما لن تستمر ولن تدوم، وإذا ما صدف ودامت فلن تكون طبيعية كالعلاقات الزواجية القائمة على الاختيار الحر والإرادة الحرة".
كما بينت نتائج الدراسة الأسباب النفسية والعوامل الإجتماعية والثقافية والأخلاقية التي تبرر هذا النوع من الزواج. ففيه – كما يقولون – حماية للمغتصبة من القتل والتهديد به والنبذ والإهمال والتهميش. لذا، يرى عدد من أفراد العينة أن السبب الرئيس لهذا الزواج هو "ستر" وحماية للمغتصبة، ولأهلها وأقاربها وأسرتها أيضاً من " وصمة العار" الثقافية والإجتماعية التي قد تلحق بهم كما تبين لنا عند إستعراض مسلمات نظرية الوصم الإجتماعي.
فوصمة العار التي تلاحق المغتصبة وأهلها طيلة حياتها لها من الثقل النفسي والخزي الإجتماعي – كما ترى نظرية الوصم الإجتماعي - ما يبرر مثل هذا الزواج، على الأقل في القطاع الإجتماعي الريفي والبدوي وإلى درجة أقل في القطاع المدني.
وقد إتضح هذا البعد " الوقائي " من الجريمة في إجابات الفتيات المغتصبات أيضا اللواتي تمت مقابلتهن، إذ أجمعن على أن زواجهن كان بمثابة حماية لهن من القتل رغم أنهن لا يردن هذا الزواج. ففي أحد المقابلات مع فتاة من الفتيات اللاتي تم إغتصابها عبرت عن ذلك صراحة حيث قالت :"وبعد ذلك طلبوا أهلي من الشيخ أن نقوم بتسليم أنفسنا للشرطة وهم بعد ذلك يقوموا بحل الموضوع على طريقتهم الخاصة، وطبعاً نحن نعرف ماذا تعني طريقتهم الخاصة لإنهاء المشكلة: "القتل ولا شيء سواه" ... وعائلتي موقفها سيء جداً مني خاصة أخي البالغ من العمر 20 عاماً وكان قد هددني بالقتل...".
وقد أكدت هذه الإجابة فتيات أخريات مغتصبات حين تمت مقابلتهن. فقد قالت هذه الفتيات :"إن تزويجهن من مغتصبيهن كان لا بد منه لحمايتهن من وصمة العار التي ستلحق بهن وبأولادهن وأسرهن.
وفي ظل هذه المعطيات، فإن "تضامن" والتحالف المدني الأردني لإلغاء المادة 308 يطالبان الحكومة ومجلس الأمة الإستجابة للمطالب التي عبرت عنها الحركة النسائية في الأردن منذ سنوات، والوفاء بإلتزاماته خاصة أمام اللجان الدولية، والعمل سريعاً على إلغاء نص المادة 308 لإنهاء سياسة الإفلات من العقاب ولتحقيق العدالة الجنائية للنساء والفتيات ولإنهاء النصوص التمييزية ضدهن في التشريعات خاصة قانون العقوبات الأردني.
يذكر أن مشروع "نجاة – معاً لملاحقة الجناة وحماية النساء الناجيات من جرائم العنف الجنسي" بدعم من الشعب الأمريكي ومن خلال المنحة المقدمة من برنامج USAID لدعم مبادرات المجتمع المدني والمنفذ من قبل منظمة صحة الأسرة الدولية FHI 360 وبتمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID). ويعتبر هذا المحتوى من مسؤولية "تضامن" ولا يعكس بالضرورة آراء الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) أو آراء الحكومة الأمريكية أو حتى آراء منظمة صحة الأسرة الدولية FHI 360.