الرئيسية أحداث اقتصادية

شارك من خلال الواتس اب
    تضامن : في الجريمة الجنسية العار عار الجاني

    أحداث اليوم -

    تشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" لإجابات الأردنيين على سؤال وردت نتائجه بدراسة "الجرائم الجنسية ضد النساء- المادة 308 من قانون العقوبات الأردني نموذجاً" عن الأسباب التي تدفع بالأسرة والعائلة لتزويج الضحية من الجاني، وكانت إختيارات متعددة وهي الخوف من العار وللحفاظ على سمعة وشرف العائلة، والحرص على مستقبل الضحية، ولعدم إمكانية زواج الضحية من شخص آخر غير الجاني، والطمع في الكسب المادي ومصالح آخرى، وضغوط من متنفيذين لحماية الجاني، والرغبة في إثبات نسب الطفل إذا كانت الضحية حامل.

    وتشير النتائج الى أن 73.4% من الأردنيين يعتقدون بأن سبب قيام العائلة بتزويج الضحية من الجاني هو لخوفها من العار، ولم تسجل النتائج أي فروقات جوهرية بين نسب الأفراد حسب الفئات العمرية والمستويات التعليمية وبإختلاف علاقتهم مع مؤسسات المجتمع المدني حيث إتفقوا جميعاً على النتيجة السابقة.

    وأما السبب الثاني فكان لعدم إمكانية زواجها من شخص آخر وبنسبة 10%، إضافة الى ما سبق فقد بينت النتائج أن 9% من الأفراد أجابوا بأن الحرص على مستقبل الضحية كان السبب الرئيس الذي يدفع الأسرة والعائلة لتزويج الضحية من الجاني في الجرائم الجنسية، في حين كانت نسبة الأفراد الذين إختاروا سبب الرغبة في إثبات نسب الطفل في حال الحمل 3%، كما تشير النتائج الى أن 3% من الأفراد إختاروا سبب ضغوط من متنفذين لحماية الجاني ونسبة ضئيلة من الافراد لم تتجاوز الـ 2% أجابت بسبب الطمع في كسب مادي أو مصالح أخرى.

    وتقول ناديا (إسم مستعار) وهي ضحية لجريمة إغتصاب :"قرفانه من حالي ومن عيشتي...لأنه البنت هي اللي بتتبهدل وهي اللي بتدفع الثمن...مع إنه مرات كتير السبب في مشاكلنا هو أشخاص غيرنا".

    وقصة ناديا تلخص بشكل عفوي وطبيعي معاناة ضحايا الجرائم الجنسية من لوم الضحية وتحميلها المسؤولية عن الجريمة وبالتالي الإعتقاد بأنها جلبت العار والفضيحة لأسرتها وعائلتها، وتعتقد "تضامن" بأن العار عار الجاني خاصة في الجرائم الجنسية.

    وقد أكدت نتائج الدراسة على التأثير الكبير للعادات والتقاليد المسيئة للنساء والفتيات على المجتمع الأردني، حيث أفاد 44% من الأفراد بأنه في الجرائم الجنسية الواقعة على النساء فإن المجتمع في العادة يحمل المسؤولية للجاني والضحية معاً، وكان أكثر الأفراد تأييداً للإجابة السابقة من الفئة العمرية 18-25 وبنسبة بلغت 53%.

    كما أفاد 43% من الأردنيين بأنهم يحملون المسؤولية للضحية فقط وكان الأكثر تأييداً للإجابة السابقة من الفئة العمرية 36-45 عاماً وبنسبة بلغت 50%. في حين بلغت نسبة الأفراد الذين يحملون المسؤولية للجاني فقط 9% وأن 4% يحمل المسؤولية للأهل و1% يحمل المسؤولية لأطراف أخرى.

    وأكدت الدراسة على إختلاف المعاني المحددة لكل من العادات والتقاليد والأعراف والقيم على الرغم من تداخلها مع بعضها البعض، إلا أن العديد من الأشخاص يعتبرونها متشابهة وهي في حقيقة الأمر ليست كذلك.

    ويتلازم مصطلحي العادات والتقاليد معاً من أجل إزالة الغموض المحتمل لتوضيح أن المقصود هو العادات الإجتماعية وليست العادات الفردية التي يقوم بها شخص بعينه. فحينما تقبل مجموعة من الناس سلوكاً مكرراً يحقق لها توافقاً مع البنيتين الطبيعية والإجتماعية فإنه يتحول الى عادة إجتماعية، وعند توارث هذه العادة بين الأجيال فإنها تتحول الى تقليد راسخ، وعليه فإن العادات أكثر تغيراً ضمن التقاليد ذاتها، ولهذا فالتقاليد أكثر إنتشاراً من العادات .

    إلا أن العادات والتقاليد بحاجة الى ضوابط تحكمها وتنظم عملها داخل المجتمع فتكافئ من يحسن تطبيقها وتعاقب من فشل في تحقيقها، وتمثل هذه المعايير مجموعة القيم التي هي المثل العليا للسلوك داخل المجتمع وتشكل نظاماً متكاملاً مما يجوز أو لا يجوز فعله. وأكثر الأمثلة التي يمكن سردها في هذا المجال بأنه لا يجوز لرجل أن يعتدي على إمرأة ولا يجوز لرجل وإمرأة أن يقررا الزواج بعيداً عن عائلتيهما ودون علمهما .

    وكل من يخالف نظام العادات والتقاليد والقيم يعرض نفسه للعقاب، سواء أكان عقاباً معنوياً ومادياً أو عقاباً قانونياً وإجتماعياً، ومن الأمثلة على ذلك عدم إحترام المجتمع. في حين الإعتداء على الغير يكون عقاب المعتدي أكبر وحينها تبرز أهمية العرف القضائي أو العشائري في إصدار الأحكام وتنفيذها. والعرف هو ما تعارف عليه المجتمع من سلوكيات معينة لتصبح عرفاً إجتماعياً يتمتع بقوة القانون الرسمي ويساهم في حل العديد من المشكلات الصغيرة منها والكبيرة .

    إلا أن الكثير من العادات والتقاليد الخاصة بالنساء والفتيات تعرضهن لمختلف أشكال العنف وتنطوي على تمييز واضح بين الجنسين، فمصطلح "الممارسات الضارة" بالنساء والفتيات يربط ما بين التقاليد والعادات الإجتماعية والثقافية التمييزية المتصلة بمكانة النساء والفتيات داخل الأسرة والمجتمعات المحلية والمجتمع بشكل عام والسيطرة على حريتهن ، والناتجة عن التمييز وعدم المساواة بين الجنسين. وتستخدم تلك العادات والتقاليد كمبرر لإرتكاب العنف بمختلف أشكالة ضدهن . وبعض هذه الممارسات الضارة بالنساء والفتيات إندثرت مع مرور الزمن ومنها زواج المرأة من إبن عمها، أو منعها من العمل.

    وتنتشر "الممارسات الضارة" على مستوى العالم وتختلف بأساليبها من دولة الى أخرى ، وقد تتعرض النساء والفتيات لأحداها أو أكثر خلال فترة حياتهن وتمتد من قبل الولادة الى الشيخوخة ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر إختيار جنس الجنين ووأد البنات والزواج المبكر وتشويه الإعضاء التناسلية وجرائم "الشرف" والزواج بالإكراه وتحريض النساء والفتيات على الإنتحار وفرض قيود على تغذية الحوامل وتقييد حق البنت الثانية في الزواج والتسمين وزواج الأرملة من أخ زوجها المتوفي.

    إن "الممارسات الضارة" تتأثر وتتغير وتتنقل بين المجتمعات والدول نتيجة للهجرة والعولمة لا بل أن بعضها يتماشي وفقاً للأوضاع الإقتصادية كزيادة مهر وثمن العروس في بعض المجتمعات الشرق آسيوية. وأصبحت بعض "الممارسات الضارة" وبفضل التطورات التكنولوجية أكثر إنتشاراً كتحديد جنس الجنين وإجراء عمليات تشوية الإعضاء التناسلية للنساء والفتيات في المستشفيات والمراكز الطبية.

    وتضيف "تضامن" بأن الدول إلتزمت بسن تشريعات لوضع حد لـ "الممارسات الضارة" بالنساء والفتيات من خلال المعاهدات والإتفاقيات الدولية ، فمثلاً نصت الفقرة الثانية من المادة (10) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية الذي إعتمد عام (1966) على أنه "يجب أن ينعقد الزواج برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء لا إكراه فيه" ، ونصت التوصية رقم (19) الصادرة عن لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة على أن "المواقف التقليدية التي تعتبر المرأة تابعة للرجل أو أن لها دوراً نمطياً ، إنما تكرس الممارسات الشائعة التي تنطوي على العنف أو الإكراه ، بما في ذلك الزواج بالإكراه ، وحالات القتل بسبب المهور ، والإعتداء بالأحماض ، وختان الإناث.

    وتوصي اللجنة بأن تتخذ الدول الأطراف تدابير قانونية فعالة ، بما فيها فرض عقوبات جزائية وتوفير سبل إنصاف مدنية والنص على أحكام تعويضية لحماية المرأة من جميع أنواع العنف. وتوصي خاصة بأن تلغي التشريعات الإحتجاج بالدفاع عن الشرف فيما يتعلق بالإعتداء على إحدى الإناث من أفراد الأسرة أو قتلها".

    كما نصت الفقرة الثالثة من المادة (24) من إتفاقية حقوق الطفل والتي إعتمدت عام (1989) على أن "تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير الفعالة والملائمة بغية إلغاء الممارسات التقليدية التي تضر بصحة الأطفال". ويحث التعليق العام رقم (4) الصادر عن لجنة حقوق الطفل الدول الأطراف بقوة على "وضع وتنفيذ التشريعات الرامية الى تغيير العقليات السائدة ، والتصدي لتنميط أدوار الجنسين وللقوالب النمطية التي تؤدي الى الممارسات التقليدية الضارة" وعلى "حماية المراهقين من جميع الممارسات التقليدية الضارة مثل الزواج المبكر وجرائم الشرف وتشوية الأعضاء التناسلة للإناث".

    ففي إطار المساءلة ينبغي للتشريعات أن تنص على إجراءات فعالة ضد أي شخص يتغاضى عن "الممارسات الضارة" أو يشارك فيها ، بما في ذلك صناع القرار في المجتمعات المحلية والعاملون في المهن الصحية ومقدمو الخدمات الإجتماعية وموظفو المؤسسات التعليمية.

    وفيما يتعلق بجرائم "الشرف" ينبغي للتشريعات أن تعّرف بصورة موسعة ما يسمى بجرائم "الشرف" بما يشمل المجموعة الكاملة لأشكال التمييز والعنف المرتكبة بإسم "الشرف" ضد النساء والفتيات للسيطرة على خياراتهن في الحياة وتحركاتهن.
    أما الجرائم المرتبطة بما يسمى بجرائم "الشرف" فينبغي للتشريعات أن تضع تعريفاً محدداً ومنفصلاً للجرائم التالية : إرتكاب وتسهيل ما يسمى بجرائم "الشرف" والمساعدة على إرتكابها أو التغاضي عنها ، وتحريض القاصرين على إرتكاب ما يسمى جرائم "الشرف" ، وتحريض النساء والفتيات على الإنتحار أو على إحراق أنفسهن بإسم "الشرف" ، والجرائم التي ترتكب بإسم "الشرف" وتصور على أنها حوادث.

    وفي إطار الزواج المبكر والزواج بالإكراه ، فينبغي على التشريعات أن تعّرف الزواج بالإكراه على أنه إي زواج يعقد بدون رضا الطرفين بشكل كامل ولا إكراه فيه ، وتحدد السن الدنيا للزواج بـ (18) عاماً للإناث ، وتعريف الزواج المبكر على أنه أي زواج يعقد قبل سن (18) عاماً.

    أما في مجال توفير الحماية والخدمات الإيوائية لضحايا كافة أنواع "الممارسات الضارة" وللناجيات منها ، فينبغي للتشريعات أن تقضي بتوفير خدمات إيواء متخصصة لضحايا "الممارسات الضارة" وللناجيات منها. كما ينبغي عدم السماح للجناة بالإفلات من العقاب عن طريق التوصل الى إتفاق مع أسرة الضحية / الناجية ومدها بمبلغ من المال .

    وفي ظل هذه المعطيات، فإن "تضامن" والتحالف المدني الأردني لإلغاء المادة 308 يطالبان الحكومة ومجلس الأمة الإستجابة للمطالب التي عبرت عنها الحركة النسائية في الأردن منذ سنوات، والوفاء بإلتزاماته خاصة أمام اللجان الدولية، والعمل سريعاً على إلغاء نص المادة 308 لإنهاء سياسة الإفلات من العقاب ولتحقيق العدالة الجنائية للنساء والفتيات ولإنهاء النصوص التمييزية ضدهن في التشريعات خاصة قانون العقوبات الأردني.

    يذكر أن مشروع "نجاة – معاً لملاحقة الجناة وحماية النساء الناجيات من جرائم العنف الجنسي" بدعم من الشعب الأمريكي ومن خلال المنحة المقدمة من برنامج USAID لدعم مبادرات المجتمع المدني والمنفذ من قبل منظمة صحة الأسرة الدولية FHI 360 وبتمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID). ويعتبر هذا المحتوى من مسؤولية "تضامن" ولا يعكس بالضرورة آراء الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) أو آراء الحكومة الأمريكية أو حتى آراء منظمة صحة الأسرة الدولية FHI 360.





    [06-12-2015 11:29 AM]
التعليقات حالياً متوقفة من الموقع