الرئيسية أحداث منوعة
أحداث اليوم -
استيقظ العشريني بهاء من نومه، تناول هاتفه، ومن خلال فيديو صغير مدته عشر ثوان ألقى تحية الصباح على أصدقائه والمتابعين، بعدها غاب عنهم للحظات لينشر صورة إفطاره ومكوناته.
بعد ذلك انتقل الى خزانة ملابسه لاختيار ما يرتدي طالباً منهم مساعدته في الاختيار، ليتجه الى سيارته، وخلال طريقه الى المكان الذي يريد التوجه اليه يصور فيديو للشوارع التي يمر بها ترافقه أغنية صباحية.
يصل الى المكان، ثم يشارك أصدقاءه بصورة أخرى عن طبيعة المكان وعنوانه، وماذا سيفعل بعدها وماذا سيأكل ويشرب وعنوان صالته الرياضية، وغيرها الكثير من أدق التفاصيل. هذا هو حال بهاء طوال اليوم حتى ذهابه للفراش لتكون آخر مشاركة له فيديو أو صورة “تصبحون على خير”.
كل الأحداث التي تمر به يشاركها بهاء لأصدقائه ومتابعيه على برنامج “سناب شات” من خلال فيديوهات وصور يومية ولحظية يحملها عبر التطبيق بدون أي كلل أو ملل، فهو يعتبر أنه يجد متعة كبيرة في مشاركة الناس تفاصيله ومعرفة روتين حياته المعتاد، اضافة الى أنه يشعر بوجود أشخاص معه في كل شيء يقوم به.
بهاء ليس وحده الذي يعتبر نفسه “مدمنا” على تطبيق “سناب شات”. سلمى علي هي الأخرى لا تستطيع الاستغناء عنه وتعيش تفاصيل حياتها كافة منذ ذهابها الى المدرسة في الصباح الباكر حتى اليوم الثاني.
تقول سلمى، وهي في المرحلة الإعدادية، إنها هي وكل زميلاتها وزملائها في المدرسة “مهووسون” بتطبيق “سناب شات” كونه لغة تواصل بينهم في الفرح والترفيه وحتى في لحظات العصبية والخلافات يكون هو السبب كقيام أحدهم بعمل “screen shot” لشخص آخر على صورة، مبينةً أن من لا يستخدم هذا التطبيق بينهم يعد خارج السرب تماماً.
وتضيف أنهم يستخدمونه في كل التفاصيل وأدقها، حتى في أمور لا تخطر على بال أحد، لدرجة أنها أحياناً كثيرة تعود للبيت وتجلس مع أهلها لكنها لا تتذكر أي شيء ذكر في الجلسة بسبب قضائها أغلب وقتها على “سناب شات”.
واستناداً الى الإحصاءات الرسمية الصادرة عن هيئة تنظيم قطاع الاتصالات، فإن عدد مستخدمي الانترنت بشكل عام في المملكة يقدر بحوالي 6 ملايين مستخدم.
الخبيرة والاستشارية في مجال ثقافة الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات، د. هناء الرملي، تعتبر تطبيق “سناب شات” من أخطر التطبيقات المستخدمة حالياً؛ حيث لا يدرك مستخدموه خطورته ويفتقدون الوعي الكافي الذي يجنبهم الوقوع في المشاكل.
وتبين أن أغلب مستخدمي “سناب شات” من أعمار صغيرة من الشباب واليافعين ومن كلا الجنسين، يشعرون بالراحة والمتعة في استخدامه لأسباب عدة منها أنهم يعتقدون أن ما ينشر يختفي فعلا بعد مشاهدته، الى جانب، أنهم يتمتعون بنشر خصوصياتهم بدون معرفة ورقابة من الأهل.
غير أنها تنبه في الحقيقة إلى أن ما ينشر من خلال “سناب شات” يمكن حفظه بسهولة، ومن خلال تطبيقات خاصة يمكن لأي مستخدم الاستعانة بها لحفظ ما ينشر في جهازه بكل سهولة سواء كانت رسائل نصية أو صورا أو مقاطع فيديو.
وتشير الرملي الى أنه قبل ظهور هذه التطبيقات، كان الكثيرون يعتمدون على تقنية “الكابتشر أو البرنت سكرين”، وقد بدأ البعض بأخذ الحذر من استخدام “سناب شات” بدليل انتشار هاشتاغ “#كم-سنابه-لبنت-صورتها-كابتشرعلى تويتر؟”.
وهذا الهاشتاج هو الأكثر تداولاً في السعودية مؤخرا؛ حيث اعترف بعض المغردين بأنهم يحفظون الصور التي تنشر من مستخدمات التطبيق.
وهناك من اعترف بسخرية أنه لا يستخدم الـ”كابتشر”، بل يستخدم تطبيقات أخرى كـ”سناب سايفد”.
وهناك ملفات كاملة تتضمن صورا ومقاطع فيديو تم نشرها على “سناب شات” انتشرت على مواقع عدة بأسماء أصحابها ومنها قنوات على “يوتيوب” كذلك.
كما اعتاد الكثير من مستخدمي “سناب تشات” على تصوير المواقف كافة أو الأحداث اليومية حتى أثناء قيادتهم السيارة؛ حيث تسببوا في حوادث مرورية مميتة أثناء تسجيل المقاطع أو مشاهدة المقاطع المرسلة.
وتضيف الرملي، أن تطبيق “سناب شات” من أكثر التطبيقات تعرضا للقرصنة، باستخدام ميزة البحث عن الأصدقاء في التطبيق والحصول على معلومات مستخدمي التطبيق من قاعدة بياناته. كذلك باستخدام برنامج توليد أرقام هواتف عشوائية ويحصلون على المعلومات كافة عن الحسابات الموجودة في التطبيق وتتم المطابقة لأرقام الهواتف.
وهناك ظاهرة إنشاء حسابات على “سناب شات” واستخدام خاصية التراسل الفوري على الخاص لأهداف تسويقية، أو بهدف الإزعاج أو تعطيل بعض الحسابات.
وتنصح الرملي جميع مستخدمي هذا التطبيق والآباء والأمهات أن يوجهوا أولادهم، وأخذ الحذر بعدم نشر التفاصيل والمعلومات الشخصية والصور بأوضاع غير لائقة كي لا تكون مادة للمتحرشين والمتنمرين لممارسة عمليات الابتزاز والتشهير.
ويذهب الاختصاصي النفسي والتربوي د. موسى مطارنة، الى أن الانشغال في التكنولوجيا لهذه الدرجة من قبل الأشخاص يكون بسبب ما يعانونه من فراغ ثقافي كبير، ما يجعلهم ينشغلون كثيراً بقضايا ليست مهمة، مبيناً أن هناك أمورا كثيرة لا بد من الحفاظ على خصوصيتها.
ويشير الى أن نشر كل هذه الفيديوهات والاندماج اللاشعوري الناتج عن الإحباط الفكري والذهني أو من أجل إبراز الذات ووضع كل الخصوصيات عليه تعد قضية لها أبعاد نفسية واجتماعية وأمنية عدة.
ومن الناحية النفسية، تجعل الشخص يخرج من الحالة الواقعية الى الوهمية فيخرج من عالمه ويتطور عنده الأمر ليصل الى الانعزال والانطواء بعد ذلك.
ويقول إنه أيضا ومن الناحية الاجتماعية، فهو يؤثر على الارتباطات الاجتماعية ويصبح الشخص في عزلة عن المجتمع ويخرج عن المتعة الحياتية. كذلك من الناحية الأمنية فهو يعرض نفسه وخصوصياته لغيره من الأشخاص ويعطي معلومات كاملة عنه على طبق من ذهب، مبيناً أن الشخص يصبح هو وكل ما يملك في يد الآخرين.
لذلك يعتبر مطارنة أنه لا بد من التوقف عند هذه الأمور وأخذها بجدية كبيرة وبناء استراتيجيات ووعي للشباب وجذبهم لأعمال أخرى مفيدة، يقضون بها وقت فراغهم كالعمل التطوعي وغيرها من الأمور.