الرئيسية أحداث اقتصادية
أحداث اليوم -
تشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" لإجابات الأردنيين على سؤال وردت نتائجه بدراسة "الجرائم الجنسية ضد النساء- المادة 308 من قانون العقوبات الأردني نموذجاً" عن الأسباب التي تدفع الجاني لإرتكاب الجريمة الجسية، وكانت هنالك إختيارات متعددة وهي ضعف الوازع الديني، والإدمان على الكحول والمخدرات، وسلوك وتصرفات الضحية، وإذلال الضحية وأسرتها، وضعف القيم والأخلاق، والتغكك الأسري، والحرمان والكبت الجنسي، وتأثير الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي.
وأظهرت النتائج بأن الغالبية العظمى من الأردنيين (ذكوراً وإناثاً) والذين فاقت نسبهم عن 83% لا يؤيدون أن الجاني يرتكب الجريمة الجنسية بسبب التفكك الأسري أو سلوك وتصرفات الضحية أو الحرمان الجنسي والكبت أو اذلال الضحية وأسرتها أو تأثير الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي أو الإدمان على الكحول أو المخدرات.
ومن الجدير بالذكر أنه لم تسجل النتائج أي تباين واضح بين نسب الأفراد حسب الفئات العمرية والمستويات التعليمية وعلاقتهم بمؤسسات المجتمع المدني حول هذه الأسباب.
وتشير النتائج الى أن أكثر من نصف الأفراد لا يؤيدون أن ضعف الوازع الديني يسبب إرتكاب الجريمة الجنسية حيث بلغت النسبة 56% ومن الملفت للإنتباه أن أعلى نسبة للأفراد الذين أجابوا بالإجابة السابقة كانوا ضمن الفئة العمرية 46-55 عاماً بنسبة بلغت 63% تلاها الفئة العمرية 26-35 عاماً وبنسبة بلغت 59% في حين تقاربت نسب الأفراد في الفئة العمرية 18-25 عاماً والفئة العمرية 56 عام فأكثر بحيث بلغت على التوالي 54% و52%.
في المقابل بلغت نسبة الأفراد الذين يؤيدون أن ضعف الوازع الديني يسبب بإرتكاب الجريمة الجنسية 44% معظمهم من الفئة العمرية 36-45 عاماً وبنسبة بلغت 50%، وكانت نسبة الأفراد الحاصلين على شهادة الإبتدائي الأعلى بين الأفراد الذين يؤيدون أن ضعف الوازع الديني يسبب إرتكاب الجريمة الجنسية حيث سجلت 55%، كما كشفت النتائج أن واحد من كل ثلاثة أفراد متطوعين وناشطين وموظفين وأقل من نصف غير الناشطين بمؤسسات المجتمع المدني يؤيدون ان ضعف الوازع الديني يسبب بارتكاب الجريمة الجنسية.
وعند سؤال الأفراد إذا كانوا يؤيدون أن كافة الاسباب السابقة (التفكك الأسري أو سلوك وتصرفات الضحية أو الحرمان الجنسي والكبت أو إذلال الضحية وأسرتها أو تأثير الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي أو الإدمان على الكحول أو المخدرات أو ضعف الوازع الديني أو ضعف القيم والاخلاق) تسبب إرتكاب الجريمة الجنسية، أفاد 59% منهم بأنهم لا يؤيدون ذلك.
وتجدر الاشارة الى ان النتائج تدل على أن واحد من كل اثنين من المتطوعين والناشطين وغير الناشطين والموظفين بمؤسسات المجتمع المدني لا يؤيدون أن جميع الاسباب المذكورة سابقاً (التفكك الاسري أو سلوك وتصرفات الضحية أو الحرمان الجنسي والكبت أو اذلال الضحية وأسرتها أو تأثير الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي أو الإدمان على الكحول أو المخدرات أو ضعف الوازع الديني أو ضعف القيم والأخلاق) تسبب إرتكاب الجريمة.
وتضيف "تضامن" بأنه وعلى الرغم من أهمية معرفة إتجاهات الأردنيين والأردنيات عن الأسباب التي تدفع بالجاني الى إرتكاب الجريمة الجنسية والتي من شأن دراستها الحد من معدلات الجريمة، إلا أن الجريمة الجنسية عند إرتكابها هي جريمة بكل الأحوال وتتطلب حماية وإنصاف الضحايا وضمان عدم إفلات الجناة من العقاب.
وقد حاولت الدراسة التعمق في سيكولوجية مرتكبي الجرائم الجنسية للوقوف عن قرب على الأسباب الحقيقية التي تدفع الجناة لإرتكاب الجرائم الجنسية، حيث أشارت الدراسة والتي إعتمدت بشكل أساسي على كتاب الإتجاهات النظرية في دراسة الجريمة والإنحراف لمؤلفة علي عبد المعطي فرج، بأن التفكير المبكر في السلوك الإجرامي – بوجه عام – إتسم بطابع فلسفي ميتافيزيقي غيبي إتخذ صورة إنطباعات فردية شخصية في معظم الأحوال.
وقد تلى ذلك إنتقال التفكير في ظاهرة الجريمة وتفسيرها – وبالتالي في السلوك الإنحرافي أو الجنوح – إلى الأسلوب العلمي الموضوعي تأثيراً بنمو العلوم الإنسانية والتبادل المتساند بينها.
كما أن النظرة العلمية للتطور التاريخي للإنسان التي كانت نظرة فردية، بشعبتيها البيولوجية والنفسية، أخذت تتلاشى مع بداية القرن العشرين أمام إتجاه آخر يعطي أهمية كبرى للعوامل الإجتماعية .
النظرية الإجتماعية
ظهرت النظرية الإجتماعية في القرن العشرين، وترتكز على البيئة الإجتماعية والعلاقات الإجتماعية وأثارها على البنية والتنظيم الإجتماعي والتفكك الإجتماعي وثقافة المجتمع، على أساس أن الجريمة بما فيها الجريمة الجنسية تتكون من فعل يتضمن السلوك أو الإمتناع عن القيام بواجب معين ، وفاعل يتخذ الفعل صفة الجريمة كأن يكون شخصاً أو جماعة، وردود الفعل الإجتماعية التي تصاحب عادة الفعل الإنحرافي أو الجريمة .
لقد تعددت النظريات الإجتماعية التي تفسر السلوك السلوك الإنحرافي وغير السوي والجريمة بما فيها الجريمة الجنسية، فنظرية اللامعيارية تعتمد أساساً على التفسير السوسيولوجي للإنحراف بما تعنيه من ضعف القانون وفقدان القدرة على الإنضباط وإنعدام الشكل أو النموذج وإنعادم الإخلاق. وبالتالي فإن أغلب الرغبات والغرائز التي تستدعي التحقيق والإشباع ليست بالضرورة رغبات وغرائز طبيعية وإنما هي عبارة عن إغراءات وإستمالات تنتجها الثقافة السائدة، وأن المشكلة الأساسية تكمن في أن بعض المجتمعات تضع حدوداً وحواجزاً أمام بعض فئات المجتمع تحول دون تمكنها من إشباع هذه الرغبات وتحد من إشباعها أو تجعلها صعبة المنال.
فيما ترى نظرية الثقافة الفرعية بأن " الكل الذي ينطوي على متغيرات ثقافية توجد في أقسام معينة عند شعب بالذات ولا تتميز الثقافات الفرعية بسمة أو بسمتين منفصلتين، بل إنها تشكل أنساقاً ثقافية متماسكة نسبياً وتقوم كمجموعة عوامل داخل العالم الأكبر المتمثل في الثقافة القومية"
ومن ناحية أخرى كشفت الدراسات الأمبيريقية التي إعتمدت عليها هذه النظرية عن أن إنحراف الأحداث والجريمة مظهران للسلوك الإنحرافي يميلان إلى الإقتصار على المناطق الحضرية غير المحدودة، والتي يقاوم فيها مثل هذا السلوك التغيرات الديموجرافية بشدة، في الوقت الذي يواجه بالإستحسان من جانب الآباء، حيث تعتبر السرقة بين الجيران ممارسة شائعة عند الأطفال والمراهقين، ومحل مباهاة وفخر.
وتقوم نظرية المخالطة الفارقة أو نظرية الإختلاط التفاضلي على شرح كيفية إنتقال السلوك الإجرامي عن طريق التعليم عن الآخرين أو من خلال الإحتكاك بالمنحرفين في تعلم الأشكال الإجرامية والبواعث والمبررات التي تشجع على إرتكاب الجريمة من خلال علاقات شخصية وثيقة بين الأفراد المنحرفين.
فالسلوك الإجرامي مثله مثل أي شكل آخر من السلوك، يتم تعلمه من خلال إختلاط الأفراد الوثيق بالآخرين، ويشمل هذا التعليم الإتجاهات نحو القانون ونحو أساليب إرتكاب الجريمة. فالصبية الذين ينشئون في مناطق يكون الجُناح فيها منتشر سوف يتعلمون أن يصبحوا جانحين، أما إذا نشئوا في مناطق أخرى فلن يتعلموا ذلك.
أما نظرية الوصمة الإجتماعية أو ردة الفعل الإجتماعية تنظر إلى السلوك الإجرامي بإعتباره (وصمة) توسم كل من يقوم بخرق القواعد والمعايير التي حددها المجتمع، فبمجرد إدانة الشخص في جريمة ما يلقب بالمجرم وتظل وصمته الإجرامية عالقة في تاريخه الإجتماعي، وترى أن المنحرفين يتجهون إلى أن يكونوا منفردين أو متميزين بخصائص يخلعها عليهم آخرون، وإن هذه الخصائص هي تسميات أو صفات تعمل على إثارة أنساق الضبط الإجتماعي وتحريكها، علاوة على أن الأنشطة الضابطة التي تمارسها هذه الأنساق تتميز بطابع الشرعية القانونية بإعتبارها تمثل إستجابات نظامية للإنحراف .
فالوصمة نتاج الإدانة وصدور الحكم بالعقوبة، وهي في مجملها تعني أن الإدانة والحكم لا يمثلان نهاية العقاب بالنسبة للمجرم، بل إن المجتمع بفئاته المختلفة يقوم بعقابه وعقاب كل من لهم صلة به خلال دورة الحياة الإجتماعية، مما يعوق حركته وحركة من ينتسبون إليه في التفاعل الطبيعي من المجتمع.
وتقوم هذه النظرية على أساس إيضاح قضيتين هما: أنه قد تتكون هوة بين حكم بعض الأفراد على سلوكيات معينة وحكم الجماعة التي ينتمون إليها، ففي الوقت الذي يبيح الأفراد لأنفسهم إبداء تلك السلوكيات نجد الجماعة تجرمها وتحكم على فاعلها بكونه خارجاً عن قواعد الإجماع بالمجتمع، وهذه هي الوصمة الاجتماعية.
أما القضية الثانية والجوهرية في هذه النظرية فتتمثل في الأبعاد العكسية أو السلبية لقوة الضبط الاجتماعي على الأفراد والتي قد تدفعهم للإجرام بعد فقدانهم ما كانوا يسعون إلى بلوغه وهو الصيت الحسن وشهادة الأخلاق الاجتماعية، وهذا هو الجديد الذي تطرحه هذه النظرية.
النظرية البيولوجية
يعتقد أنصار هذا الإتجاه أن السلوك الإجرامي يرجع إلى إستعداد فطري بيولوجي موروث في الفرد، فهناك علاقة بين السلوك الإجرامي وتكوين الجسم سواء من ناحية الكفاية الوظيفية لأجهزته المختلفة وخاصة المخ والجهاز العصبي والغدد.
ويعتبر سيزار لمبروزو Lamboraco, C زعيم هذا الإتجاه وصاحب التفكير الأساسي في تفسير الجريمة بردها إلى أسباب فطرية بيولوجية، لذا فإنه يعد بحق مؤسس المدرسة الوضعية في علم الإجرام التي تسلم بالحتمية البيولوجية للسلوك الإجتماعي.
وقد كان لمبروزو طبيباً مهتماً بدراسات علوم الأحياء ووظائف الأعضاء والتشريح وكان مؤمناً بأن الوراثة هي العامل المسئول عن تكوين السلوك الإجرامي، حيث أنه ابتكر نظرية "المجرم بالفطرة" أو "المجرم المطبوع"، فالمجرم يولد مزوداً بإستعداد طبيعي للقيام بالأعمال الإجرامية، وحاول أن يحدد لنا الملامح الفيزيقية للمجرم في عدة خصائص مثل : ضخامة الفك وضيق الجبهة، وإندفاع الأذن بعيداً عن الرأس، وبروز الوجنات، وإستطالة الرأس ... الخ مما تعرض له في دراسته المتعددة عن "الرجل المجرم" و "المرأة المجرمة".
ويذهب لمبروزو في هذه الدراسات إلى أن وزن دماغ المجرم أقل وزن من دماغ الرجل الشريف، وبوجه عام يحاول هذا الباحث أن يصور لنا المجرم في شكل ضخم، ومرد هذه الضخامة إلى ما يطلق عليه "الإرتداد" الذي يرجع بالمجرم إلى تكوينه المورفولوجي أو البنائي الخارجي فحسب، ولكنه يختلف عنه كذلك في تكوينه الجسمي الداخلي، وفي بنائه السيكولوجي والعقلي وتتضافر هذه الخصائص لتحول دون إمكانية توافقه السوي مع مجتمعه مما يجعل المجرم شخصاً بدائياً متوحشاً غير قادر على الامتثال لمعايير المجتمع وقيمه فيقع فريسة للسلوك الإجرامي.
وقد ميز لمبروزو بين خمسة أنماط من المجرمين على النحو التالي: "المجرم بالميلاد أو الغريزة" الذي يتميز بوجود ملامح عضوية خاصة وإرتدادية، وسمات نفسية وعقلية، ومزاجية تمثل ردة وراثية إلى صفات وسمات الإنسان الأول والمخلوقات البدائية.
و"المجرم المجنون" وهو مصاب بنقص عقلي يفقده ملكة التمييز بين الخير والشر، وهو يشبه في تصرفاته المجرم بالفطرة، ولذلك ينبغي أن يوضع في مصحة عقلية حتى تتقي شره ويعالج من مرضه. و"المجرم بالعادة" الذي يولد هذا المجرم دون أن تتوافر لديه صفات المجرم بالميلاد وهو مصاب بضعف خلقي، ويعتاد على إرتكاب جرائمه بتأثير ظروف إجتماعية تغرس فيه النـزعة إلى إرتكاب الجريمة، ومن أهم هذه الظروف: اتصاله بالمسجونين، وإدمانه المخدرات والخمور، والبطالة. الأمر الذي يكسبه استعداداً إجرامياً.
و"المجرم بالصدفة" ويتميز هذا المجرم بعدم وجود ميل أصيل إلى الإجرام، كما أنه لا يسعى وراء الجريمة، وإنما يخضع بصورة تلقائية وقوية لمجموعة من المؤثرات الخارجية الطارئة، فيعجز عن تقدير نتائج وعواقب فعله. و"المجرم بالعاطفة" الذي لا يرتكب جريمته بسبب تكوين وراثي خاص أو ضعف في قواه العقلية، وإنما يرجع سلوكه الإجرامي إلى أسباب أخرى عاطفية مثل: الحب، والغضب، والحقد، والغيرة، والحماس، والدفاع عن الشرف. ويتميز المجرم في هذه الحالة بشعور رهف وحساسية مفرطة لا يمكن مقاومتها، وبالتالي فيدفع إلى إرتكاب الجريمة تحت تأثير الثورة النفسية والإيمان المطلق بعقيدته.
النظرية النفسية
المدرسة النفسية هي إمتداد للمدرسة البيولوجية، على الرغم من رفضها لبعض الآراء والأفكار التي تبنتها مع إهتمامها بالإضطرابات العاطفية وما يشابهها عند الحديث عن المزاج الفردي. وقد أرجعت الإنحراف إلى إضطراب في طبع الإنسان، ورأت أن تفسير السلوك الجانح يجب ألا ينظر إليه كغاية في حد ذاته بقدر ما هو أسلوب حركي لإنشاء علاقة مع الآخرين تكمن وراءه دوافع أساسية مثل: الدافع الجنسي أو العدواني. ومن المفيد القول بأن المدخل النفسي لا ينفصل عن المدخل الاجتماعي في تفسير الجناح. فقد اهتمت دراسات عديدة بدور الأسرة في عملية التنشئة الاجتماعية – التطبيع الاجتماعي في نمو السلوك غير السوي.
ومن أهم نظريات علم النفس في تفسير الجناح والإنحراف، نظرية "التحليل النفسي" حيث تعزى الجريمة إلى إختلال في الجهاز النفسي للشخصية المتمثل في الهو (Libido) والأنا (Ego) والأنا العليا (Super Ego) من حيث بناء هذا الجهاز وقوته وضعفه والعلاقة بين عناصره الثلاثة وبين الواقع المحيط من ناحية أخرى.
إلى جانب ما ينشأ في النفس من صراع ودوافع مكبوتة تؤدي إلى أساليب سلوكية – لا شعورية – شاذة للدفاع عن ذات الفرد. وهذا يؤدي إلى السلوك اللا سوي بمختلف صوره (السلوك الذهاني أو السلوك العصابي أو السلوك الإجرامي). عندما يخفق الأنا في إشباع متطلبات الهو تنمو ميكانزمات الدفاع، فتستعين بالتعويض والنكوص والإسقاط، والكبت، وبذلك يلعب اللاشعور دوره في توجيه السلوك الإنساني.
وعليه تكون مظاهر الإنحراف عبارة عن حياة دفاعية ضد القلق كمشكلة الهروب، أو بديلاً للاستمناء الذاتي كالسرقة. ويتمثل الصراع في وجود الذات (الأنا) محاطاً بثلاث قوى: أولها الدوافع الفطرية وحاجات الإنسان ورغباته، وهي تتطلب إشباعاً يستند إلى اللذة دون إعتبار لمقتضيات الواقع. وثانيها هو الضمير الخلقي الذي يفرض حوائل وموانع تحرم تحقيق تلك الدوافع والرغبات استناداً إلى القيم الخلقية والإجتماعية المتمخضة عن الدين أو الحياة في المجتمع. أما ثالث هذه القوى فهو مقتضيات البيئة والوضع السائد. وهذا يؤدي إلى حالة من اللا توازن وعدم الإستقرار النفسي، مما يؤدي بالتالي إلى أن تجد الأنا خلالها في السلوك غير السوي بما في ذلك السلوك الإجرامي.
إن السلوك الإجرامي أو المنحرف من وجهة نظر التحليل النفسي هو سلوك لا شعوري هدفه التعويض أو الإبدال والتخلص من الصراع الذي يعانيه الفرد من جراء الصراع بين المكونات النفسية الثلاثة للشخصية من ناحية، ومطالب المجتمع وقواعده السلوكية من ناحية أخرى. فمحدودية قدرة الفرد على الكبت الدائم للدوافع (الهو) وغرائزها بصورة كافية يقوى إحتمال أن يصبح الفرد منحرفاً حتى وإن أفلح في كبت دوافعه.
ويرى فرويد Frowed أن المجرم قد يفلح في كبت نزعاته وإسقاطها في اللاشعور، ولكنه مع ذلك يعود للتعبير عنها رمزياً بسلوك يعتبر جريمة في نظر القانون.
وإجمالاً فإن الجريمة تعود إلى أحد الأمرين: إما عجز الذات عن مواجهة ضغوط الهو من جهة، وصرامة الذات العليا من جهة ثانية، وفشلها في التوفيق بين نزعات الأولى ومثل الثانية. وإما إلى تخلف الذات العليا نفسها أو ضعفها بحيث لا تجد الذات من يزودها بالقوة بحيث تكون قادرة على الردع، وفي كلتا الحالتين تجد الهو نفسها بدون رقيب فتفعل ما تريد.
وفي ظل هذه المعطيات، فإن "تضامن" والتحالف المدني الأردني لإلغاء المادة 308 يطالبان الحكومة ومجلس الأمة الإستجابة للمطالب التي عبرت عنها الحركة النسائية في الأردن منذ سنوات، والوفاء بإلتزاماته خاصة أمام اللجان الدولية، والعمل سريعاً على إلغاء نص المادة 308 لإنهاء سياسة الإفلات من العقاب ولتحقيق العدالة الجنائية للنساء والفتيات ولإنهاء النصوص التمييزية ضدهن في التشريعات خاصة قانون العقوبات الأردني.
يذكر أن مشروع "نجاة – معاً لملاحقة الجناة وحماية النساء الناجيات من جرائم العنف الجنسي" بدعم من الشعب الأمريكي ومن خلال المنحة المقدمة من برنامج USAID لدعم مبادرات المجتمع المدني والمنفذ من قبل منظمة صحة الأسرة الدولية FHI 360 وبتمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID). ويعتبر هذا المحتوى من مسؤولية "تضامن" ولا يعكس بالضرورة آراء الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) أو آراء الحكومة الأمريكية أو حتى آراء منظمة صحة الأسرة الدولية FHI 360.