الرئيسية أحداث اقتصادية
أحداث اليوم -
تركز الحملة العالمية لمناهضة العنف ضد النساء لعام 2015 والتي تمتد من 25 تشرين ثاني (اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة) الى 10 كانون الأول (اليوم العالمي لحقوق الإنسان) على موضوع "جعل التعليم آمناً للجميع" وذلك تعمقاً في الشعار الرئيس وهو "من السلام في المنزل الى السلام في العالم".
وقد نفذت ولا تزال جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" العديد من النشاطات والفعاليات تماشياً مع الموضوع العالمي حول التعليم الأمن للفتيات في الأردن، وإستهدفت طالبات المدارس والأهل والمجتمعات المحلية، وذلك بمختلف محافظات المملكة وفي إطار مشاركة "تضامن" بحملة اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة.
والى جانب ذلك تنفذ "تضامن" والتحالف المدني الأردني لإلغاء المادة 308 حملة مكثفة خلال ذات الفترة تركز على إلغاء المادة 308 من قانون العقوبات الأردني، من خلال نشر نتائج أول دراسة بحثية وعلمية شاملة والتي حملت عنوان "الجرائم الجنسية ضد النساء – المادة 308 من قانون العقوبات الأردني نموذجاً"، للوقوف على إتجاهات الأردنيين والأردنيات والمختصين والمختصات من الآثار الاجتماعية والنفسية والصحية والقانونية المترتبة على وجود هذه المادة، وتطبيقاتها الفعلية من خلال مقابلة عدد من ضحايا الجرائم الجنسية.
وتشير "تضامن" لإجابات الأردنيين على سؤال وردت نتائجه بالدراسة حول تأييد القيام بحملة من أجل منع زواج الفتيات من هن دون 18 عاماً، وأفاد 66.9% منهم بأنهم يؤيدون هذه الحملة، وكانت غالبية الذين أجابوا بهذه الإجابة في الفئة العمرية 26-35 عاماً وبنسبة بلغت 71%. ومن الجدير بالذكر أن نسبة الذين أجابوا بلا على هذا السؤال بلغت 21% وكانت نسبة الافراد في الفئة العمرية 56 عاماً فأكثر الأعلى بين النسب حيث سجلت 26%.
وأشارت سجلات محكمة الجنايات الكبرى الى أن إحدى الحالات التي طبقت عليها المادة 308 خلال عام 2013 كانت لضحية عمرها 15 عاماً، والجاني يكبرها بعشر سنوات، وقد تم تزويجها منه بعد أن حكمت المحكمة عليه بالإعدام شنقاً.
إن إجبار الضحية التي لم يتجاوز عمرها 15 عاماً على الزواج من الجاني جريمة لا يمكن قبوله من كافة النواحي فهو زواج قسري ومبكر، إضافة الى حرمان الضحية من التعليم، وهو الشعار الذي رفعته حملة "نجاة – حملة التحالف المدني الأردني لإلغاء المادة 308" برسالتها رقم 15 وهو "إغتصبني...وبالإكراه تزوجني...ومن التعليم حرمني".
وفي ذات السياق تضيف "تضامن" بأنه وخلال عام 2014 سجلت المحاكم الشرعية في الأردن 81209 عقد زواج عادي ومكرر تم تسجيل النسبة الأكبر منها في ثلاث محافظات من أصل 12 محافظة في الأردن وهي محافظات العاصمة وإربد والزرقاء، حسبما جاء بالتقرير الإحصائي السنوي لعام 2014 والصادر عن دائرة قاضي القضاة.
وبلغت نسبة الزواج المبكر من المجموع الكلي لحالات الزواج العادي والمكرر 13.3% حيث بلغت حالات الزواج للفتيات أقل من 18 عاماً 10834 حالة.
وعالمياً يؤكد تقرير حالة سكان العالم لعام 2013 حدوث 20 ألف حالة ولادة يومياً لفتيات أقل من 18 عاماً في الدول النامية ويقل العدد كثيراً في الدول المتقدمة ، وهنالك 70 ألف حالة وفاة بين المراهقات بسبب مضاعفات الحمل والولادة ، وحوالي 3.2 مليون حالة إجهاض غير مأمونة بين المراهقات سنوياً ، كما أن 19% من الفتيات في البلدان النامية يصبحن حوامل قبل بلوغهن 18 عاماً.
وتشكل هذه الأرقام تحديات عالمية يجب مواجهتها إضافة الى ضياع فرص الفتيات بالتعليم ، وإستمرار فقرهن وإستبعادهن وتهميشهن ، وإهدار لإمكانياتهن وقدراتهن ومساهماتهن في تنمية مجتمعاتهن ، وحرمان لهن من حقوقهن الأساسية.
ويرى التقرير بأن الأسباب الرئيسية الكامنة وراء ظاهرة حمل المراهقات وتحمل عبء الأمومة وهن بمرحلة الطفولة ، تعود الى زواج الأطفال (الزواج المبكر) ، وعدم المساواة بين الجنسين ، والفقر ، والعنف القائم على النوع الإجتماعي ، والسياسات الوطنية المقيدة لفرص الحصول على الثقافة الجنسية وموانع الحمل ، وعدم الحصول على خدمات الصحة الإنجابية ، وضعف الإستثمار في رأس المال البشري للفتيات.
إن 95% من حالات الولادة بين المراهقات تحدث في الدول النامية ، فمن بين 7.3 مليون حالة ولادة سنوياً في الدول النامية لفتيات أقل من 18 عاماً ، هنالك حوالي مليوني حالة ولادة لفتيات أقل من 15 عاماً. وفي الوطن العربي فإن النسبة المئوية للنساء اللاتي تتراوح أعمارهن ما بين (20-24 عاماً) وأبلغن عن الإنجاب قبل بلوغهن 15 عاماً وصلت الى 1% في حين وصلت النسبة للإبلاغ عن أول ولادة قبل 18 عاماً الى 10%.
وتتعرض الفتيات لضغوطات على مختلف المستويات من أجل الحمل سواء أكان حملاً مرغوباً به أم لا ، وهذه الضغوطات تشكل وحدة واحدة في مواجهة الفتيات إبتداءاً من الضغوطات الفردية الى الأسرية ، ومن المدرسة / الأصدقاء الى الضغوطات المجتمعية ، ودون إعتبار لحاجاتهن وحقوقهن التي كفلتها الإتفاقيات الدولية كإتفاقية حقوق الطفل من حيث الحق في الصحة والتعليم ومنع العنف والتمييز ، لا بل الحق في الحياة خاصة وأن حوالي 200 فتاة تموت يومياً بسبب الحمل المبكر.
ولإحراز تقدم في مجال الحد من حدوث حمل بين الفتيات فلا بد من إعتماد أسس أربعة ، أولها تمكين الفتيات وبناء قدراتهن في مختلف المجالات وضمان حريتهن في إتخاذ القرارات التي تهم حياتهن ، وثانيها إحترام حقوقهن الإنسانية ودعمها للقضاء على الظروف التي تسهم في حدوث الحمل بينهن ، وثالثها المساواة بين الجنسين وعدم التمييز بين الفتيات والفتيان ، ورابعها الحد من الفقر بإعتباره القوة الدافعة للحمل بين الفتيات.
ومن أجل تحقيق ذلك ، فيشير التقرير الى ثمانية طرق ، وهي التدخلات الوقائية لصفار الفتيات (10-14 عاماً) ، ووقف زواج الأطفال (الزواج المبكر) ومنع العنف والتمييز ، والمحافظة على صحة الفتيات وضمان مسارات حياة مأمونة لهن ، وحماية حقوقهن في التعليم والصحة والأمن والتحرر من الفقر ، وإلحاق الفتيات بالتعليم ولأطول فترات ممكنة ، وإشراك الفتيان والرجال بإعتبارهم جزء من الحل ، والتوسع في تقديم المعلومات والخدمات المتعلقة بالثقافة الجنسية والخدمات الصحية ، ووضع إطار لأجندة التنمية لما بعد عام 2015 يقوم على حقوق الإنسان والمساواة والإستدامة.
الآثار الاقتصادية للجرائم الجنسية
إن الجرائم الجنسية ضد النساء والفتيات تشكل إنتهاكاً جسيماً لحقوقهن التي هي جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان، وأن ممارسة العنف بكافة أشكاله والعنف الجنسي بشكل خاص تحد من مشاركتهن الفاعلة ومن تمكينهن بمختلف المجالات السياسية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية.
ومن جهة أخرى فإن التكلفة الإقتصادية للعنف الجنسي والجرائم الجنسية تعتبر من أحد أهم العوامل التي تستنزف الأموال التي يتشكل منها الناتج الإقتصادي المفقود وبنسب مرتفعة مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي للدولة، وعائقاً أمام النمو الإقتصادي الذي يتأثر بشكل مباشر بالإنتاجية من كلا الجنسين.
وقد أشارت دراسة حديثة أجريت لحساب مركز كوبنهاجن كونسينساس سنتر الى أن العنف الأسري لوحده وأغلب ضحاياه من النساء والأطفال يكلف العالم بحدود 8 تريليون دولار، وأن بمقابل وفاة شخص واحد بسبب الحروب فإن هنالك 9 أشخاص تقريباً يموتون بسبب العنف الأسري، وبمقابل كل قتيلين بسبب الحروب هنالك طفل يموت بسبب العنف الأسري.
تتمثل التكاليف الإقتصادية للعنف ضد النساء والفتيات والعنف الجنسي بشكل خاص في تكاليف مباشرة كتكاليف العلاج من الإصابات الجسدية والنفسية من مستلزمات طبية وأدوية والإجازات المرضية والتغيب عن العمل، وتكاليف غير مباشرة كتلك المتعلقة بتدني إنتاجية النساء والفتيات نتيجة العنف وبالتالي ضعف مساهماتهن في الناتج المحلي الإجمالي. علماً بأن آثار العنف الممارس ضدهن خاصة الآثار النفسية تلازمهن لفترات طويلة قد تمتد لطول فترة حياتهن.
إن تعزيز وحماية حقوق النساء والفتيات والقضاء على العنف ضدهن سيعود بالفائدة المالية على الأردن الذي ينفق ملايين الدنانير شهرياً لتقديم الخدمات الصحية للنساء المعنفات وضحايا الجرائم الجنسية وتأمين الرعاية الإجتماعية والإيوائية ويقدم المعونات النقدية للنساء خاصة اللاتي يرأسن أسرهن، كما ويفقد الأردن شهرياً ملايين أخرى بسبب تعطل النساء والفتيات المعنفات سواء عن القيام بادوارهن داخل منازلهن أو في أماكن عملهن.
التكلفة الإقتصادية الفعلية للعنف ضد النساء والفتيات، حيث أن تكلفتها تتراوح ما بين 1.2%-3.3% من الناتج المحلي الإجمالي في العديد من دول العالم وفقاً لتقرير صادر عن البنك الدولي.
الآثار المتعلقة بالعمل والإنتاجية على ضحايا الجرائم الجنسية
من أكثر أشكال عدم المساواة ظلما زواج الأطفال وختان الإناث وجرائم الشرف والعنف المنزلي والإغتصاب والحرمان الاقتصادي. فهو يحول دون مشاركة المرأة والفتاة بنفس قدر الرجل في الحياة الإجتماعية والاقتصادية والسياسية ويبقيها إلى الأبد في دائرة الفقر. وينتشر أثر هذه الظاهرة في قطاعات التنمية، من التعدين والبنية التحتية والنقل إلى التكنولوجيا والتعليم والصرف الصحي، ومن الحماية الإجتماعية والإدارة العامة إلى الصحة والعمل والتصدي للكوارث، ما يتطلب إجراءات تصدٍ شاملة ومتعددة القطاعات .
وفي العام الماضي، ذكرت منظمة الصحة العالمية أن 35% من نساء العالم تعرضن لعنف جنسي من غير الشريك أو عنف بدني و/أو جنسي على يد شريكها. ولا يسعى معظمهن إلى طلب المساعدة أو إبلاغ أي شخص آخر. وفي حين أن العنف على يد الشركاء هو الأكثر شيوعا، فإن العنف الجنسي من جانب الغرباء يمثل مصدر قلق خطير. فمن الشائع بشكل خاص في حالات التهجير والكوارث الطبيعية والصراعات، على سبيل المثال، أن يُستخدم الاغتصاب كسلاح.
وقد تصل تكلفة الرعاية الصحية المباشرة بسبب العنف على يد الشركاء إلى مستويات عالية للغاية. ففي الولايات المتحدة، تشير التقديرات إلى أن تكلفة الرعاية الصحية للنساء اللاتي تعرضن للإيذاء البدني تزيد بنسبة 42% عن مستواها للنساء اللاتي لم يتعرضن للإيذاء. وتقدر دراسة حديثة أن إجمالي التكلفة الاقتصادية لا يقل عن 5% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، أي أكثر من ضعف ما تنفقه الحكومات على التعليم الابتدائي.
وتشير الدلائل إلى أن العنف ضد المرأة والفتاة تنجم عنه تكلفة اقتصادية كبيرة يمكن أن تخلق تحديات جساماً أمام اقتصاد البلدان النامية بشكل خاص. وهي تشمل الإنفاق على الخدمات، والدخل الضائع، والإنتاجية المتناقصة. ويشير بحث جديد أيضا إلى أن العنف ضد المرأة يمكن منعه وأن أكثر الاستراتيجيات نجاحا تتسم بالتعقيد وتستخدم أساليب متعددة في مختلف القطاعات، مع إشراك الرجل والمرأة خلال فترة زمنية طويلة.
وفي ظل هذه المعطيات، فإن "تضامن" والتحالف المدني الأردني لإلغاء المادة 308 يطالبان الحكومة ومجلس الأمة الإستجابة للمطالب التي عبرت عنها الحركة النسائية في الأردن منذ سنوات، والوفاء بإلتزاماته خاصة أمام اللجان الدولية، والعمل سريعاً على إلغاء نص المادة 308 لإنهاء سياسة الإفلات من العقاب ولتحقيق العدالة الجنائية للنساء والفتيات ولإنهاء النصوص التمييزية ضدهن في التشريعات خاصة قانون العقوبات الأردني.
يذكر أن مشروع "نجاة – معاً لملاحقة الجناة وحماية النساء الناجيات من جرائم العنف الجنسي" بدعم من الشعب الأمريكي ومن خلال المنحة المقدمة من برنامج USAID لدعم مبادرات المجتمع المدني والمنفذ من قبل منظمة صحة الأسرة الدولية FHI 360 وبتمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID). ويعتبر هذا المحتوى من مسؤولية "تضامن" ولا يعكس بالضرورة آراء الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) أو آراء الحكومة الأمريكية أو حتى آراء منظمة صحة الأسرة الدولية FHI 360.