الرئيسية أحداث منوعة
أحداث اليوم -
نادر إبراهيم سوري يبلغ من العمر 44 عاماً ويتقن 5 لغات. كان غنياً في بلاده، قبل أن تُجبره الظروف السياسية على المغادرة، لكنه عوض أن يؤسس مشروعاً في البلاد التي استقبلته، وجد نفسه عاملاً يبحث عن الخردة والأوراق المرمية في شوارع اسطنبول بعد أن سُرق منه كل ما يملكه، لعل المال الذي يحصل عليه مقابل بيعها يقيه مذلّة السؤال.
حكاية نادر التي تختصر حال وقصص الكثير من أبناء بلده بدأت في العام 2012، حينما قرّر الرجل الرحيل عن حلب هارباً من ويلات الحرب، لكنه لم يخرج خاوي الوفاض، فالسنوات التي عاشها في عاصمة سوريا الاقتصادية والتي كان واحداً من أغنيائها، تركت بين يديه ثروةً لا بأس بها.
وبحسب ما رواه لصحيفة "حرييت" التركية ونقله موقع هافينغتون بوست عربي، فإن إبراهيم كان يملك قبل بداية الحرب في بلاده شركتين؛ الأولى متخصصة في البناء وبيع وشراء العقار، بينما الثانية كانت شركة لبيع السيارات.
غني في سوريا.. فقير في تركيا
ويقول نادر جالساً بجانب العربة التي يجرّها في شوارع اسطنبول بحثاً عن الخردة والورق، أنه عقب خروجه من سوريا استقر رفقة عائلته لمدة سنة في أحد فنادق المدينة، وهناك تعرّف على أشخاص اكتشفوا امتلاكه لأموال لا بأس بها، فأصبح همهم الوحيد البحث عن طريقة ما للحصول عليها، فبدؤوا في تقديم عددٍ من العروض المغرية لإنشاء مشاريع أملاً في خداعه بطريقة ما.
وأضاف للصحيفة أنه سقط في فخ أصدقائه الجدد ليذهب معهم نحو مدينة أدرنة على الحدود مع بلغاريا واليونان، على أساس إنشاء مشروع استثماري يدرّ عليهم أرباحاً، لكنه تعرّض للسرقة هناك واختفى شركاؤه في لحظة ما هاربين خارج الحدود بعد أن أخذوا معهم كل أمواله، حسب ما يقوله.
وكأن الهروب من الحرب ومشاهدة البلاد تتدمر وتفرق الأهل والأحباب بين أقطار العالم لم يكن أمراً كافياً لإبراهيم، ليصبح بين لحظات حلم بتأسيس مشروعه ولحظات اختفاء أصدقائه شخصاً بلا مال ولا مأوى، وليبدأ فصلٌ آخر من حكايته المحيرة، حيث عاد أدراجه إلى اسطنبول قبل أن يجوب مدن تشاناقالي وأضنة وأنطاليا وكارامان أملاً في إيجاد فرصة عمل من دون أن يتمكن من ذلك.
الحياة في اسطنبول صعبة
ولأن الحياة في مدينة ضخمة كاسطنبول التي عاد إليها بعد مسيرة البحث عن عمل في بلاد الأناضول ليست بالسهلة أبداً، اضطر الشاب السوري أن يُرسل أبناءه وزوجته إلى لبنان حيث لجأ صهره في انتظار أن تتحسّن ظروفه من جديد ويُرجعهم إلى جانبه.
منذ أن ودع ابنيه الاثنين يوسف (8 سنوات) ومريم (5 سنوات) ووزوجته، وهو يلفُّ شوارع اسطنبول الضخمة يجمع الخردة ويُعيد بيعها، لعله يتمكن ذات يوم من أن يجمع مالاً يسمح له بأن يعيدهم إلى جانبه.
ويُتقن نادر 5 لغات إلى جانب لغته الأم العربية، حيث تعلم الفرنسية والإنكليزية في المغرب حينما كان يدرس فيها الاقتصاد، كما تعلّم الإسبانية والإيطالية بسبب تنقلاته الكثيرة إلى إسبانيا وإيطاليا، بينما علمته ظروف الحياة في اسطنبول اللغة التركية بالدرجة التي يستطيع أن يعبّر بها عن آلامه ومعاناته.
وبعد أن كان يربح الكثير في بلاده قبل اندلاع الحرب، يحصل إبراهيم اليوم من بيع للخردة ما بين 50 و100 ليرة في اليوم (بين 17 و33 دولاراً)، لكنه يفتقد أبناءه كثيراً، وازداد الشوق خصوصاً بعد أن علم أن ابنته الصغيرة مريم قد أصبحت مريضة من مدة.
ورغم كل هذه الظروف، إلا أن إبراهيم يرفض تماماً أن يركب البحر كما فعل الكثير من معارفه أملاً في الانتقال إلى الضفة الأخرى وبناء مستقبلٍ أفضل في أوروبا، ويقول أنه سيستمر في مواجهة الحياة حتى ينتصر.