الرئيسية أحداث منوعة
أحداث اليوم -
على مدى السنوات الطويلة الماضية، تركزت جهود الكثير من الاختصاصيين لإيجاد أنسب طرق الحوار بين الناس، بحيث يتمكن كل طرف من التعبير عن نفسه بشكل صحيح ولبق، إلا أن تلك الجهود ما تزال بعيدة عن النجاح المأمول.
والسبب في ذلك يرجع للتفاوت في تطورات البيئات الاجتماعية المختلفة، الأمر الذي سبب اختلاف المعايير المناسبة للتواصل بين تلك المجتمعات. بحيث أدى هذا التطور لإقناع المجتمعات على استخدام كلمات في غير المحل المناسب لها، وربما يرجع هذا لعوامل نفسية مجتمعية، كما يصف الطبيب النفسي أندرو هويل من جامعة غرانت ماكوان.
فعلى سبيل المثال لما سبق، نجد أن كلمة “آسف” أو “عفوا” يجب أن يكون استخدامها صعبا على المرء، لكن المفاجئ أن تلك الكلمة أصبحت تستخدم بكثرة بدون أن تحمل معناها الحقيقي؛ “آسف، هل أجد لديك الشامبو الذي أبحث عنه؟”، “آسف، ولكنك تدوس على قدمي!”، “عفوا، لكن تصرفك كان فظا أمس”. كل ما سبق أمثلة شائعة نستخدمها في حياتنا اليومية بدون إدراك أن الكلمات لم تكن في محلها.
ترى هل استخدام كلمة “آسف” في غير محلها نتيجة لعدم فهمنا الصحيح لها؟ بالطبع لا، لكن السبب يعود لكون المجتمع الذي نعيش فيه رسخ في أذهاننا أن زيادة استخدام كلمة “آسف” تجعلنا أكثر قبولا لدى الأطراف الذين نتعامل معهم.
لكن الشيء الذي قد نجهله بالفعل هو أن كل استخدام خاطئ لكلمة “آسف” يجعلنا نخسر عددا من الأمور، منها:
- الثقة: لنفترض أن مديرك طلب منك تحضير وصف موجز عن الخدمات التي تقدمها الشركة وعرض ذلك الوصف على شاشة الكمبيوتر من خلال خاصية استعراض الشرائح متبوعة بشرح توضيحي منك. وبعد أن بذلت جهدا مضاعفا لإنجاز تلك الشرائح، شعرت بأنه كان يفترض بك أن تحسن عملك بشكل أكبر. هذا أمر طبيعي فطموحك يجعلك تسعى لتحسين عملك في كل مرة، لكن لو بدأت استعراض الشرائح بالاعتذار عن أي تقصير يمكن أن يلاحظ، فإن هذا الاعتذار سيفقدك ومنذ البداية ثقتك بنفسك ويهز أسلوبك في الشرح، علما بأن الاعتذار قد تتبعه باختلاق المبررات التي أدت لتقصيرك المفترض، وهذا يمكن أن ينتج خسارة عملاء للشركة أو ربما خسارة عملك بأكمله.
- التأمين: في حال تعرض المرء لا قدر الله لحادث سيارة، فإن بدء كلامك بكلمة “آسف” مع رجال السير أو مع الشهود الذين كانوا متواجدين وقت وقوع الحادث يقلل احتمالية حصولك على نقود التأمين. فحتى لو كنت تعتقد بأنك المتسبب بالحادث، فعليك أن تعلم أن هناك الكثير من العوامل التي يستخدمها المختصون بتحديد المتسبب بالحادث، لذا لو لم تكن على دراية كافية بهذا الأمر، فمن الأفضل أن تتركهم يقومون بعملهم بدون تدخل منك إلا بكلمات مناسبة. ومن جهة أخرى، فلو كنت تدرك بأنك لست المتسبب بالحادث، فإن تصدير كلامك بكلمة “آسف” يضعف موقفك بشكل كبير.
- المصداقية: يمكن أن يؤدي الإفراط باستخدام كلمة “آسف” لكل من تقابله لفقدانك المصداقية. فعلى الرغم من أن كلمة “آسف” عندما تكون في محلها بعد خطأ ارتكبته بالفعل تدل على أخلاقك العالية وتجذب الناس لك، إلا أن استخدام الكلمة بغير مكانها أو أن تكون الافتتاحية المفضلة لأحاديثك يمكن أن تجعلك تفتقد المصداقية لدى الناس وتشجعهم على لومك عن كل خطأ يحدث لهم.
- تبدو أنت المخطئ: لو سألت نفسك إن كنت مدركا للمعنى الحقيقي لكلمة “آسف” فبالتأكيد ستجيب نعم، الأمر الذي يجعل استخدام الكلمة بغير محلها أمر يسبب نوعا من التشتت وضعف الثقة بالنفس. فعلى سبيل المثال لو كنت تجلس في حفلة لأحد الأصدقاء ومر بقربك شخص وسكب عن غير انتباه العصير الذي يحمله على ملابسك. اعتيادك على استخدام كلمة “آسف” وما شابهها يجعلك ترد على ذلك الموقف بجملة “عفوا.. ما هذا؟” وهذا يجعلك تبدو بمظهر المعتذر أمام عدد كبير من الناس، الأمر الذي سيخلخل ثقتك بنفسك بشكل واضح. فالواجب أن يبادرك هو بالاعتذار ومن ثم تتقبل اعتذاره، لا أن تكون استجابتك أسرع من رده.