الرئيسية أحداث منوعة
أحداث اليوم -
أساليب متعددة وحديثة أصبح يتبعها بعض أصحاب المقاهي، سعيا وراء جذب أكبر عدد من الزبائن لتدخين الأرجيلة، متجاهلين القوانين والأضرار التي قد تلحق بمرتادي هذه الأماكن.
آخر طرق الجذب، والتي استهدفت فئة محددة؛ عبارة “أرجيلة مجانا للفتيات” داخل المقاهي!.. وإعلانات من هنا وهناك على صفحات التواصل الاجتماعي، وتحديدا “فيسبوك”. وليس انتهاء ببعض العاملين الذين يقفون على أبواب المقاهي، وينادون الفتيات، “تفضلوا.. اليوم شرب الأراجيل مجانا للفتيات”.
عروض “مغرية” تقدمها تلك المقاهي، غير أن اللافت للنظر مؤخرا هو التشجيع على تدخين الأرجيلة تحديدا للفتيات، وهو ما أثار حفيظة العديد من الخبراء الذين اعتبروه أسلوبا جديدا للإضرار بالشباب والفتيات تحديدا، ومخالفا لقانون الصحة العام من جهة أخرى.
ويعد اكتظاظ المقاهي بالفتيات في أوقات العروض، فرصة ذهبية لأصحاب المقاهي والمطاعم الذين لا يشمل عرضهم سوى الأرجيلة، في حين تغطي الفتاة تكاليف تناولها الطعام والمشروبات والضريبة المفروضة، فضلا عن كون مثل هذه العروض نقطة جذب للشباب الذين يحرصون على التواجد في مثل هذه الأيام على الرغم من أن هذه العروض لا تشملهم!
أرجيلة مجانا للصبايا!
وأثار رؤية الكم الهائل من الفتيات اللواتي يدخن الأرجيلة استغراب الثلاثيني عصام محمد أثناء دخوله إلى أحد المقاهي في عمان الغربية يوم الثلاثاء الذي بدا على ملامح وجهه الدهشة والاستغراب ليمازحه النادل، ويقول له بصوت خافت “عادي اليوم الثلاثاء”.
لم يفهم عصام بداية، ولكن عينيه بقيتا تجوبان طاولات المطعم كافة التي لم تخلُ من الفتيات اللواتي يدخنّ الأرجيلة، متسائلا في قرارة نفسه ما هي العلاقة بين ما قاله النادل وتدخين هؤلاء البنات.
يقول “عندما قمت بطلب مشروب، قرأت إعلان المقهى الذي يتعلق بيوم الثلاثاء”، الذي يفيد بتقديم الأرجيلة مجانا للفتيات فقط يوم الثلاثاء.
“الأرجيلة مجانا للصبايا”، هكذا “عنون” أصحاب المقاهي والمطاعم لإعلاناتهم على “فيسبوك”؛ حيث تم تخصيص يوم معين تتمكن من خلاله الفتيات فقط من تدخين الأرجيلة مجانا، في حين يدفع الشباب ثمن تدخينهم لها، ولا تشمل العروض المجانية قائمة الطعام والمشروبات.
صفحات على مواقع التواصل تروج للأرجيلة
وتعرض المقاهي والمطاعم، ومن خلال صفحتها على “فيسبوك” بين الحين والآخر عروض المقاهي للأرجيلة المجانية للفتيات والذي اعتبره العديد من متابعي هذا الموقع أمرا صادما ويهدد الصحة ويدمرها.
بدوره، أكد الناطق الإعلامي باسم أمانة عمان الكبرى لـ”الغد”، التعامل بحزم مع محلات الكوفي الشوب والمقاهي، التي تروج لوسائل التدخين المختلفة عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”.
وتابع في تصريحه أن الأمانة قد سجلت 136 مخالفة بحق المقاهي والمطاعم المخالفة في الربع الثالث من 2015 والربع الأول من 2016، وفقا للتعليمات 1، 2 للعام 2015 والتي تنص على الالتزام بشروط عرض تداول وبيع التبغ ومنتجاته والمنبثق عن القانون رقم 73 للعام 2013 الذي يستند لقانون الصحة العامة النافذ.
وتقوم الأمانة، ومن خلال فرقها التفتيشية، باتخاذ الإجراءات بحق المقاهي والمطاعم المخالفة للقانون ومخالفتها حسب القوانين والأنظمة المتبعة كل حسب مخالفته.
جهات معنية تتصدى للمقاهي المخالفة
مدير الرعاية الصحية في وزارة الصحة الدكتور مالك حباشنة، أكد تكاتف جهود جميع الجهات المعنية في التصدي للجهات المخالفة، لافتا إلى الدور الكبير الذي تقوم به وزارة الصحة وأمانة عمان الكبرى، إلى جانب مؤسسات المجتمع المحلي مثل جمعية “لا للتدخين” و”الأيادي الخضراء”.
ويؤكد حباشنة تعامل الوزارة بحزم مع كل من يقوم بالتطاول ومخالفة قانون الصحة العام الصادر في 2008 الذي فرض عقوبة مالية تتراوح بين 500 و1000 دينار، إلا أن تعديل القانون قام بتغليظ العقوبة من 1000-3000 دينار، إيمانا من الجهات المعنية بأن تغليظ العقوبة جزء من الحل.
ويؤكد الحباشنة نجاح الوزارة في السيطرة وبنسبة كبيرة على حملات الترويج في الصحف الورقية ومحطات الإعلام، لافتا إلى أن المشكلة الحقيقية تكمن في الترويج للمعسل والشيشة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ويتابع “نحن نتابع وباستمرار مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن السيطرة ليست بالأمر السهل”، مبينا تلقيه العديد من الشكاوى والمشاركات من قبل العديد من الجهات المهتمة بهذا الأمر.
ولا تكتفي الوزارة بمخالفة المطاعم والمقاهي التي تروج للأرجيلة، بحسب الحباشنة، وإنما أيضا تقوم باستدعاء المُرَوج وتوقعه على تعهد بمبلغ مالي بمنعه من المخالفة مرة أخرى، مبينا أنه لولا المخالفات لما وجد القانون، خاصة وأنه يستهدف فئة السيدات والشباب، وهي فئة خطرة في المجتمع لابد من حمايتها والحفاظ عليها.
تهافت الفتيات على مقاه تقدم الأرجيلة مجانا!
بعض المقاهي وعلى الرغم من التشديدات التي تتخذها الجهات المعنية، ما تزال تقدم الأرجيلة مجانا للسيدات في يوم أو يومين من الأسبوع عبر صفحاتها الرسمية على “فيسبوك” حتى نهاية العام 2015.
وفي الحادي عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) 2015، قام أحد المطاعم بالترويج عن تقديمه الأرجيلة مجانا من السبت للأربعاء للسيدات فقط.
وقد حظي هذا الإعلان بإعجاب 2900 شخص و715 تعليقا و40 مشاركة غالبيتها من الإناث، إلا أن ما يستوقف المتأمل لهذه التعليقات هو أن عددا من الفتيات قمن بمشاركة الإعلان على صفحات صديقاتهن، مكتفيات بقول “يلا نجرب”.
تسابق المطاعم والمقاهي في تقديم الأرجيلة مجانا للفتيات وتنوع وحصر بعضها مجانا بفترة المساء والترويج غير المسؤول، كلها أمور دفعت مدير عام مؤسسة الحسين للسرطان الأميرة دينا مرعد، لاستنكار هذا التصرف من قبل مالكي المقاهي والمطاعم، معتبرة هذا النوع من الترويج استدراجا للفتيات للإدمان على التدخين وتدمير جيل كامل.
وأشارت الأميرة دينا، من خلال صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، التي تعد من أكثر الصفحات التي تحارب التدخين وتعمل على التوعية بخطره، إلى ضرورة وقف مثل هذه الممارسات، مؤكدة ومن خلال ما توصلت إليه الدراسات في مركز الحسين للسرطان أن التدخين هو المسبب الأول لـ85 % من سرطان الرئة بين الأردنيين و40 % من مجمل السرطانات، فضلا عن كونه مسؤولا عن 50 % من الوفيات بسبب السرطان، أمراض القلب، السكري وأمراض الرئة.
وتمنت الأميرة في التعليق ذاته من جميع الشباب والفتيات إعادة التفكير في قراراتهم ومعرفة المغزى الحقيقي من وراء هذا النوع من الترويج وهذه التجارة.
شركات التدخين المستفيد الأول من الترويج
رئيس قسم الأمراض الصدرية في مستشفى الحسين للسرطان، الدكتور فراس الهواري، أكد لـ”الغد” أن ما تقوم به المطاعم والمقاهي هو جزء من سياسة الترويج للأراجيل، وهو ما يهم شركات التدخين بالدرجة الأولى.
وأفاد الهواري أن نسبة المدخنين من الذكور تبلغ 66 %، وفق ما أكدته منظمة الصحة العالمية، ما يعني سعي شركات التدخين لرفعها بين الإناث، فيتم ذلك من خلال تلك العروض المجانية “التي تجر أرجلهن للتدخين ومن ثم البدء في رحلة الإدمان”، التي تبدأ بالمجان ومن ثم تستنزف الدخل المادي لهن.
ويلفت الهواري إلى أن نشر أي وسيلة جديدة يعمل على زيادة أعداد الأمراض غير السارية كأمراض الرئة والشرايين، القلب، السكري وأمراض الأوعية الدموية بزيادة نسبة التدخين.
ويرى أن هذا النوع من الترويج يفتح المجال أمام السيدات الأقل إقبالا على التدخين، الأمر الذي يعد مؤشرا خطيرا، خصوصا وأن العديد من الدراسات العالمية أثبتت ارتباط التدخين بالإصابة بسرطان الثدي الذي يعد السرطان رقم واحد بين السيدات والثاني بين أنواع السرطان كافة في الأردن.
ويتوجه الهواري بدوره للمسؤولين، لاسيما مع وجود قانون لمكافحة التبغ الذي يحظر التدخين في الأماكن العامة والمؤسسات الحكومية وإيجاد غرف متخصصة للتدخين خارج المبنى، محملا كل مسؤول مسؤولية عدم تطبيق القانون.
الأرجيلة قد تنقل أمراضا سارية تدمر الصحة
الناطق الإعلامي والعضو المؤسس في جمعية “لا للتدخين” الدكتورة لاريسا الور، تؤكد أن ما تقوم به هذه المقاهي مخالف للقوانين التي تمنع الترويج للأرجيلة عبر الإعلانات ومواقع التواصل الاجتماعي، فضلا عن أن تخفيض أسعار وسائل التدخين وتقديمها مجانا ممنوع أيضا في القانون، معتبرة ذلك مخالفة واضحة وصريحة.
ويلحق تدخين الأرجيلة، بجسب الور، ضررا كبيرا على الصحة، خصوصا الفتيات؛ إذ يؤثر على الصحة الإنجابية، وصعوبة الحمل، وهو أمر بات منتشرا مؤخرا ويرتبط بعلاقة وثيقة بالجو الملوث وتدخين الأرجيلة في الأماكن المغلقة.
وتشير إلى أثرها السلبي على الناحية الجمالية، فتفقد البشرة جمالها ونضارتها متأثرة بالنسب العالية لأول أكسيد الكربون، كما تعد هذه المناطق بيئة خصبة لانتقال الأمراض السارية مثل التهاب الكبد الوبائي، السل، انفلونزا الخنازير والكورونا التي تعد فيروسات تنتقل باللعاب، وهو ما يعززه تدخين الأرجيلة.
وتشدد على ضرورة تطبيق القوانين وتغليظ العقوبة على كل من يخالف، ومنع من هم تحت سن الثامنة عشرة والحوامل من الدخول إلى المقاهي التي تقدم فيها الأرجيلة والاكتفاء بتقديمها داخل المقاهي التي لا تقدم الطعام ولا تحمل الصبغة العائلية.
كما تم اعتبار تدخين التبغ ومنتجاته بصورة عامة -بشكل رسمي- إدمانا بحاجة إلى العلاج مثله كمثل إدمان الهيروين والكوكايين، وتدخين الأرجيلة والتبغ بصورة عامة يؤدي إلى خفض المناعة الموجودة في الأغشية المخاطية للجسم، وبالتالي يجعل احتمالية الإصابة بالفيروسات أكبر وأكثر فتكاً، إضافة إلى أن مشاركة برابيش الأرجيلة تؤدي إلى انتقال أي عدوى موجودة من شخص إلى آخر بمنتهى السهولة، كما تتسبب بالإدمان وأمراض القلب والأوعية الدموية والحساسية.
دراسة: 13 % من طالبات الصف السادس يدخنّ الأرجيلة!
وكانت نتائج الكشف الميداني الذي أجراه مكتب مكافحة السرطان في مركز الحسين للسرطان على 4 مدارس للإناث في عمان، توصل إلى أن 13 % من طالبات الصف السادس يدخنّ الأرجيلة، وهذا مؤشر مرعب ينذر بالخطر الجسيم الذي ينتظر مجتمعنا.
وبدورها، أكدت مديرة جمعية المطاعم السياحية الأردنية إليانا الجعنيني، أن الجمعية عممت على جميع المطاعم السياحية بضرورة الالتزام بقانون الصحة النافذ، بعدم نشر أو الترويج أو الإعلان عن أي منتجات للتبغ، بما فيها الأرجيلة، من خلال العروض التي توضع على صفحات المواقع الإلكترونية والتواصل الاجتماعي “فيسبوك”، وذلك تفاديا لأي مساءلة قانونية، قد يترتب عليها اتخاذ إجراءات من شأنها أن تؤدي إلى الإغلاق، من قبل الجهات صاحبة الاختصاص تطبيقا للقانون.
ويحظر قانون الصحة العامة على أي شخص أو جهة عامة أو خاصة، بما في ذلك وسائل الإعلام، طبع أو عرض أو نشر أي إعلان لأغراض الدعاية لأي من منتجات التبغ أو توزيع أي نشرة أو أدوات أو مواد للتعريف به أو الإعلان عن منتجاته. (الغد)