الرئيسية أحداث منوعة
أحداث اليوم -
إدراك شهر رمضان فيه الخير الكثير للمسلم، فهنالك نصوص وآيات تبين فضله وتزف البشرى والتهنئة بقدومه، لكن سيزول هذا العجب وتنقضي الدهشة، إذا ما قرأ الفرد في السنة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر، فلما رقي عتبة، قال "آمين" ثم رقي عتبة أخرى، فقال "آمين"، ثم رقي عتبة ثالثة، فقال: "آمين" ثم، قال: "أتاني جبريل، فقال: يا محمد، من أدرك رمضان فلم يغفر له، فأبعده الله، قلت: آمين...".
إنها كارثةٌ فعلاً، دعاءٌ من سيد الملائكة وتأمين من سيد البشر! على أي شيء؟ على إبعاد من فشل في رمضان ولم ينجح!، ومن أدركه رمضان فلم يغفر له.
شهر التوبة، شهر الصيام، شهر التراويح، شهر الفجر في المسجد، شهر القرب، شهر الحب، شهر الصلاة، شهر القرآن، شهر العبادة.
كل هذا يدركه المسلم من دون أن يغفر له، مصيبة كبرى وطامة عظمى، إن لم يغفر في رمضان فمتى إذن؟
ولذلك إن حال المسلم فيه لا يزيد على حالين لا ثالث لهما إما ناج أو خاسر.
ورحم الله المناوي إذ يقول: "رغم أنف من علم أنه لو كف نفسه عن الشهوات شهراً في كل سنة، وأتى بما وظف له فيه من صيام وقيام غفر له ما سلف من الذنوب فقصر ولم يفعل حتى انسلخ الشهر ومضى".
لذا ينبغي عليك أن تنظر لرمضان نظرة إيمانية، جديدة وواقعية تناسب هذا الزمان، فتراه كالبحر، رمضان يشبه البحر.
فعلى الرغم من أن الله عزَّ وجلَّ قد امتن علينا بتسخير هذا البحر العظيم لنا، لكن ليس كل من يدخل البحر ينال من خيراته وكنوزه، فكم حمل البحر أقواما لمنافعهم وأعطاهم ومنحهم، وكم ابتلع البحر من غرقى وأهلكهم، وهكذا رمضان، كم فيه من ناجٍ، وكم فيه من خاسر.
ومما يؤكد هذا حديث آخر للنبي صلى الله عليه وسلم يقول فيه "رُبَّ صائمٍ ليس له من صيامه إلا الجوع، ورُبَّ قائمٍ ليس له من قيامه إلا السهر"، رواه ابن ماجه وقال الشيخ الألباني: حسن صحيح.
فالانتفاع بنفحات رمضان وفضائله ليس لكل من أدركها، لأن رمضان كالبحر؛ ليس كل من رآه أو نزل فيه يفوز بما يحويه، والبحر ليس هو النعمة، وإنما تسخيره هو النعمة، وكذلك رمضان؛ مجرد إدراكه ليس هو الفوز، وإنما الفوز في اغتنام بركاته.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله "من صام رمضان إيماناً واحتساباً، غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه. ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً، غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه. ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً، غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه" [متفق عليه].
فالإيمان والاحتساب شرطان لحصول الأجر والفوز ببركات رمضان.
أما مجرد إدراك رمضان بلا توفيق، فليس فقط خسارة حسنات، وإنما شقاء وعذاب!، فإذا استقر عندك مدى خطورة إدراك رمضان من دون أن يُغفر لك، فهلم إلى مركب الاستعداد لاغتنام بركاته، فِرَّ إلى سفينة النجاة من النار.