الرئيسية أحداث منوعة
أحداث اليوم -
كعادتها في كل عام، لا تنفك أم سيف عن الذهاب بشكل شبه يومي إلى المراكز التجارية لشراء حاجتها لطبخة اليوم، لكنها تكتشف حينما تصل عند “الكاش” للمحاسبة، أنها تبضعت أكثر بكثير مما يلزمها، لتصل البيت وتجد أنها اشترت أشياء كثيرة لديها مثلها تماما.
تقول أم سيف إنها لا تسيطر على نفسها بـ”هوس” الشراء، خصوصا أنها تذهب قبل الإفطار، وهو ما يجعلها تشتهي طبخ الكثير من الأكلات، وشراء ما يلزم وما لا يلزم.
هي حالة تعم في الأسواق والمحال التجارية مع قرب حلول الشهر الفضيل وخلال أيامه. وتساعد العروض التي تطرحها الأسواق على الأطعمة والمنتجات التموينية، وتنتشر في كل مكان، ربات البيوت وحتى الأزواج، على التهافت وشراء السلع بشكل مبالغ به، وبدون الحاجة لها في كثير من الأحيان.
ويتجه سامح في كل يوم إلى المراكز التجارية، ليحضر سلعة ما طلبتها زوجته، ورغم تأكيدها عليه بأن لا يجلب غيرها، إلا أنه يعود لها محملا بالأكياس، وكلها أشياء لم تطلبها. يقول سامح “العروض تجذب الزبائن بشكل كبير وأجد نفسي آخذ من هنا وهناك، وأجلب كل مقادير الطبخة التي تخطر في بالي حينها وأنا أتسوق”.
غير أن سامح يعترف بأنه “يبالغ” كثيرا في التسوق، مما يحدث خلافات بينه وبين زوجته، والتي تحتار أين تذهب بكل ما يأتي به، لأنها لا تحتاجه، مبينا أن في ذلك تبذيرا، يندم عليه لاحقا.
أم حسن وزوجها يجدان متعة في التسوق، فهما يتوجهان إلى الأسواق لأن هنالك وقتا طويلا قبل الأفطار، ويجدان في العروض فرصة كبيرة لإحضار السلع وتخزينها، حتى وإن كانا لا يحتاجانها في ذلك اليوم.
وتعترف لمياء أن برامج الطبخ التي تغزو المحطات التلفزيونية في رمضان، تعد سببا في جعلها محبة بشكل كبير للتسوق، والتفنن بصنع أكلات جديدة، وكذلك المقبلات والسلطات، لتفاجئ عائلتها بأطعمة جديدة تزين المائدة.
لذلك، تذهب إلى الأسواق برفقة جاراتها، لشراء حاجيات يصنعن بها أكلات تعجب جميع أفراد العائلة.
ويذهب الاختصاصي الاقتصادي الاجتماعي حسام عايش، الى أن المرأة غالباً توكل اليها مسؤولية إدارة الأسرة، الا أن رمضان يجعل جميع أفراد الأسرة يتنافسون وراء متعة التسوق لرمضان، فيقومون بشراء مستلزمات خاصة رغم أنها قد تتلف مع الوقت ولا تستخدم جميعها.
وبذلك، يبدؤون باستهلاك جزء من ميزانية رمضان منذ الأيام الأولى، متناسين أنه بحكم رمضان وطول الوقت قبل الإفطار، يذهب الأشخاص للتسوق ليمر الوقت، من دون أن يدروا أن الكلفة تتضاعف عليهم.
ويشير الى أن التهافت على الأسواق حتى لو كانت نسبة العروض كبيرة، يؤدي الى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، بالتالي فإن رب الأسرة ستتضاعف عليه الكلفة.
ويؤكد عايش أن على العائلات أن تتعلم من تجاربها الشخصية خلال الأعوام الماضية، وعدم شراء ما لا يلزم، مبينا أن التهافت على الأسواق لا يخدم سوى زيادة الأسعار والكلف، كون كمية الطعام التي تستهلك هي نفسها، لافتا الى أهمية التحلي بروح الانضباط عند التسوق.
وفي ذلك، يرى الاختصاصي النفسي د. موسى مطارنة، إلى أن رمضان بالعادة يرتبط بثقافة مجتمعية بالشراء بشكل مضاعف، وذهاب الشخص الى السوق قبل الإفطار يجعله يميل لشراء كل ما هو موجود، خصوصاً بوجوده بمكان يعج بالناس وعرض المنتجات بشكل مغر.
كل تلك عوامل تجعل الشخص يقبل على الشيء أكثر ويشتري أشياء قد لا تلزمه ولا يستخدمها، مبيناً أنه يفضل أن يبتعد الشخص عن التسوق كثيراً في رمضان، وفي حال نزوله للتسوق يفضل أن يكون بعد الإفطار لأن النظرة الى الأشياء تكون أكثر موضوعية وتوازنا، كما يشتري الشخص الشيء الذي يحتاجه فعلاً، من دون الغرق بموضوع شراء كل ما يحتاجه وما لا يحتاجه.
ويضيف مطارنة أنه يفضل النظر الى شهر رمضان نظرة عادية كباقي الأشهر وأن يكون المصروف والكميات التي يستهلكها الإنسان عادية جداً، وطبخ كميات تكفي العائلة فقط.
وفي ذلك، يقول أستاذ الفقه والدراسات الإسلامية د. منذر زيتون “إن من أهداف رمضان محاربة شهوات النفس التي من بينها حب الشراء وكثرة الأكل”، مبيناً أن الأصل في رمضان محاربة المبالغة، إلا أن كثيرا من الناس يفعلون العكس تماماً.
ويضيف “أن المبالغة بالشراء من دون الحاجة له، ليس من قيم رمضان كون ذلك له تأثير على المجتمع، ويزيد المصروف في هذا الشهر تحديداً، ويؤثر على مستوى الإنفاق العام”، لافتاً الى أن ذلك فيه هروب من بركة الشهر الفضيل.
ويضيف أن الأسعار في رمضان ترتفع بسبب كثرة الطلب، وذلك يعود سلبا ويضر بالفقراء. وينصح أن يكتفي الإنسان بالقليل ويستغل وقته ويومه بالعبادة في هذا الشهر المبارك.