الرئيسية أحداث منوعة
أحداث اليوم -
عقوق للوالدين سواء برفع الصوت عليهما أو شتمهما، مقابل ردود فعل تلقائية من الشارع ترفض ذلك بشدة، إلى مشاهد أخرى تبرز تعامل البعض مع الخادمة بكل قسوة، إلى أخرى تبرز كيفية استغلال من هو ضرير وكيف يرد المارة على ذلك، كل هذه مشاهد كانت المادة الرئيسة في برنامج "الصدمة".
"الصدمة" الذي هو أقرب ما يكون إلى الكاميرا الخفية، يحاول القائمون عليه عبر حلقاته التي تبث خلال الشهر الفضيل، وصورت في دول عربية عدة أن "يستفزوا المشاعر الإنسانية في داخل كل شخص عادي يعيش في هذه الحياة، ليتلمسوا بشكل جدي هل ما يزال أبناء الوطن العربي بكامل صحتهم الإنسانية والاجتماعية".
وفي كل حلقة تبث من "الصدمة"، تظهر بالفعل أن الإنسان العربي لديه كم كبير من المشاعر الإنسانية التي لا تقبل الإساءة للآخرين أو إهانتهم مهما كانت العواقب.
البرنامج الذي يُبث يومياً عند الساعة السادسة والنصف مساء، وبحسب مواقع التواصل الاجتماعي، يحظى بمتابعة كبيرة من قِبل المشاهدين في العالم العربي، كونه أقرب إلى الطابع الاجتماعي والإنساني، وهو من ضمن أكثر البرامج المُتابعة من قِبل المشاهدين.
و"الصدمة"، يعتمد على طرح مواقف مختلفة يتعرض لها الناس وقياس ردود أفعالهم تجاه هذه المواقف، وفي الغالب هذه المواقف ليست عادية ولا يمر بها الإنسان بشكل يومي.
وحرص فريق عمل البرنامج على أن يكون هناك مجموعة من الأخصائيين النفسيين والمتخصصين لتحليل ردود فعل الناس المتواجدين في البرنامج؛ إذ يتم تصوير حلقاته في كل من؛ الإمارات والسعودية ولبنان ومصر والعراق، ويتناوب على تقديمه مجموعة من الإعلاميين والممثلين من تلك الدول.
البرنامج له صدى "إيجابي" كبير بين المشاهدين، وعن ذلك ما تقوله الأخصائية في مجال ذوي الإعاقة بثنية محمد العبادي "إن البرنامج جميل وواقعي يحاكي المشاعر ويختبر القدرة على الدفاع عن أي شخص يقع عليه الظلم في أي مكان عام؛ حيث يشعرك أن الخير ما يزال موجودا في هذه الحياة".
وفيما يخص الحلقة التي تناولت موضوع تشغيل ذوي الإعاقة ومدى رفض المجتمع لهم أو قبوله، فقد بينت أن الحلقة كان هدفها هو تحسين نظرة المجتمع نحو ذوي الإعاقة ودور المجتمع في مساعدتهم على الاندماج في مجتمعهم، والتأكيد أن لديهم القدرة على العمل بحسب قدراتهم وطاقاتهم، مؤكدة أن الهدف الأجمل والأسمى هو تحسين نظرة مجتمعاتنا للأشخاص ذوي الإعاقة.
وأظهرت الحلقة تعاطفا كبيرا مع الممثلين في الحلقة من ذوي الإعاقة؛ إذ كان مضمون الحلقة أن يقوم شاب من المصابين بمتلازمة داون بالعمل في إحدى الأسواق التجارية ويقوم بتعبئة المشتريات، إلا أنه ولقدراته يكون بطيئا بالعمل، وهنا يظهر دور الممثل وهو (الزبون) ويبدي انزعاجه من عمل هذا الشاب ويبدأ بالكلام عنه بطريقة سيئة ومستفزة أمام الناس، وهنا تبدأ الأحداث تتوالى.
ولا تقتصر الحلقات على ذوي الإعاقة، بل بأفعال أخرى مشابهة تقريبا، مثل الإساءة لكبار السن، أو الإساءة للعاملات في المنازل، وأقوى الحلقات كانت تلك التي يعالج فيها البرنامج فكرة الإساءة للأم والأب أو معالجة ظاهرة التحرش بالفتيات في الشوارع، وغيرها من الفئات "التي لا تستطيع الرد على إساءتها".
ويبدأ الناس بإظهار ردود فعلهم الغاضبة على مثل تلك التصرفات والتي تعطي عمقاً وتأثراً للمشاهدين؛ إذ إن الكثير من الشباب يحاولون وبطريقة لافتة أن يدافعوا عن هذه الفئة، بالإضافة إلى مواقف مختلفة فيها عمق إنساني كبير، وهي الفكرة التي يحاول القائمون على البرنامج تقديمها.
ومن اللقطات القوية التي لاقت رواجاً وانتشاراً على مواقع التواصل الاجتماعي ونالت كما كبيرا من المشاهدات على "يوتيوب"، حلقة الإساءة للأب، والتي قام بها مواطن عراقي بتوجيه ضربات قوية للممثل الذي كان يؤدي دور الابن المسيء لوالده، حتى تدخل فريق البرنامج وقاموا بكفه عن ذلك وشرح تفاصيل البرنامج له، إلا أنه انهار باكياً حتى بعد معرفته بأن كل ما يحدث هو تمثيل.
وتعتقد ندى خالد، وهي طالبة جامعية، "أن البرنامج بالرغم من قساوة الأحداث فيه، إلا أنه يعد من أقوى البرامج الرمضانية من وجهة نظرها، فهو بعيد عن أجواء الكاميرا الخفية التي اعتدنا عليها، لأنه يلامس مشاعرنا" كما تقول. وتتابع ندى يومياً البرنامج، وتقول "لا أفوت أي حلقة أنا وعائلتي، وعادةً ما أبكي من بعض المشاهد القاسية وتعجبني الرحمة والإنسانية عند الناس على الرغم من أني أعلم أنها تمثيل".
وكذلك الحال لدى سيرين جواد التي ترى أن الحلقة التي تناولت عقوق الوالد كانت من أكثر الحلقات التي أثرت فيها لغاية الآن، فهي لم تستطع استيعاب فكرة أن يسيء الإنسان إلى والديه أمام الناس أو في السر، وهي تتفق مع غيرها من الجماهير المتابعة للبرنامج بأنه "يحمل في مضمونه إيجابيات كبيرة تبين مدى وجود أشخاص لا يمكن أن يكونوا سلبيين ويقفوا مكتوفي الأيدي بدون الدفاع عن الحق.
فإن الإعلاميين يحاولون من خلال استديوهاتهم المنتشرة في العواصم العربية، نقل صور شارعهم، وكيفية معالجة المشاكل الاجتماعية التي تعصف بهم عبر لوحات تمثيلية يتمّ تقديمها في الشارع، أو عبر مشاهد حيّة تنقلها كاميرات خفية يتم تركيبها في الشارع.
وتعتقد الاستشارية التربوية والأسرية سناء أبو ليل، أن بعض هذه البرامج بشكل عام قد تكون لها آثار إيجابية وأخرى سلبية على المشاهدين؛ إذ إن معرفة ردود الأفعال الجيدة والإيجابية من قبل الناس لها تأثير على المشاهدين ومعرفة نسبة الخير الموجودة لديهم وتدخلهم لمنع الإساءة لآخرين بأي طريقة.
إلا أن أبو ليل في الوقت ذاته تحبذ لو أن البرامج المنوعة التلفزيونية يكون تركيزها على الأفعال الإيجابية وعدم إظهار أي فعل سلبي بغض النظر عن الهدف منه؛ إذ يوجد في علم النفس ما يُسمى بنظرية "الإطفاء" والتي تدعو إلى عدم إظهار أي فعل سلبي حتى لا يقارن الإنسان نفسه بهذا الفعل وبأنه يفعل أقل من ذلك ولا يعد مذنبا.