الرئيسية أحداث منوعة
أحداث اليوم -
مشاحنات مستمرة يشهدها منزل العائلة بين يوم وآخر، بسبب غيرة النساء تارة، ولعب الأطفال تارة أخرى، وقد يتحول الأمر في بعض الأحيان إلى معركة ترتفع فيها الأصوات، لتخرج الصرخات مثيرةً فضول الجيران، حتى يتدخل أحد العقلاء فيفصل بين الطرفين وينتهي الخلاف، لكن هذه المرة حدث ما لم يكن في الحسبان.
صرخات امرأة واحدة كان يسمعها الجيران، وفجأة حدث ما جعل الجميع يشاركونها الصراخ، حتى الأطفال والرجال انطلقت صرخاتهم في صورة تنذر بوقوع مكروه، بل كارثة لا يمكن أحداً هذه المرة التدخل لإنهائها.
تجمّع الجيران لمعرفة تفاصيل ما حدث في منزل العائلة، من دون أن يتوقع أي منهم رؤية جثة لأحد أفرادها تسبح في دمائها على درجات السلّم، ومن حولها التفّ الجميع في مشهد نحيب جماعي، في وقت وقفت في أحد الأركان إحدى السيدات في حالة ذعر وهي تمسك بيدها سكيناً تتساقط منه قطرات الدماء.
لحظات وكان رجال الشرطة ينتشرون في المكان، بعضهم صعد الى المنزل، والبعض الآخر ظل في أسفل المبنى يجمع المعلومات عن جريمة قتل عجز الجميع عن رواية تفاصيلها، فما حدث في هذا اليوم كان يتكرر منذ عشرات السنين، لكن من دون أن ينتهي بجريمة قتل.
«بالانتقال والفحص، عثر على جثة المدعو علاء الدين فاروق، 46 سنة، مصاباً بطعنة سكين أسفل الصدر من الجهة اليسرى تسببت في وفاته»، بهذه الكلمات بدأ ضابط المباحث تدوين محضره، بعد تلقيه بلاغاً من الأهالي يفيد بوقوع جريمة قتل.
دوّن الضابط معاينته لمسرح الجريمة قبل أن يذكر في محضره بيانات القاتلة: هاجر ربيع، 42 سنة، ربة منزل، زوجة شقيق المجني عليه، حيث سددت له طعنة قاتلة أودت بحياته في الحال، وقد عُثر على السلاح المستخدم في الجريمة، حيث كانت تمسك به.
الأجواء لم تكن تسمح باستجواب القاتلة لمعرفة دوافعها لهذه الجريمة البشعة، لذا تم اصطحابها في حراسة مشددة، بعدما كادت زوجة القتيل تفتك بها وهي تدعو عليها، بعد أن تسببت في حرمان أبنائها من والدهم الى الأبد بفعل جريمتها الشنعاء.
خرجت المتهمة من منزل العائلة وقطرات دماء القتيل تتساقط من يدها، وعلى وجهها آثار جرح يشير إلى دوافعها في ارتكاب هذه الجريمة، التي قلبت منزل العائلة رأساً على عقب، وتسببت في حرمان صغارها منها قبل أن تتسبب في حرمان أبناء عمّهم من والدهم.
آثار دماء تلطخ وجهها امتزجت بدموع تسيل كالشلال من عينيها وهي تركب سيارة الشرطة، في الوقت الذي وقف فيه صغارها في حالة ذهول تعجز أعمارهم عن فهم ما حدث، فاكتفوا بتوسلاتهم إليها بألا ترحل، لكن هيهات أن تستجيب بعدما بات مصيرها في يد غيرها وهي مقيدة الحرية.
«هاجر» امرأة قد لا تشير ملامحها إلى قدرتها على ارتكاب جريمة قتل على الإطلاق، كذلك كل من يعرفها لا يصدق أنها قتلت شقيق زوجها، حتى هي نفسها لا تصدق أنها فعلت ذلك، فهي لا تزال مصدومة وتعجز عن استيعاب ما حدث.
بصعوبة بالغة بدأت هاجر تروي تفاصيل الواقعة، التي تصاعدت أحداثها في لحظات، حيث كان أطفالها يلهون على درجات السلّم مع أبناء عمّهم كعادتهم كل يوم، ولم يمر وقت طويل حتى اختلفوا، لينتقل الخلاف بينها وبين والدتهم، التي بدأت تكيل لها ولأطفالها الاتهامات والشتائم من دون أن تراعي أن الأمر مجرد خلاف بين الصغار، مما أثار غضب هاجر فاتخذت قرارها بالدفاع عن صغارها، مؤكدةً لها أنها أمٌ فاشلة في تربية أبنائها، وقبل أن تهمّ بالانصراف ظهر في المشهد شقيق زوجها.
لم يكن لدى الرجل من الحكمة ما يجعله ينهي الخلاف في لحظة، وبدلاً من أن يطفئ النيران التي اشتعلت في منزل العائلة، وجّه صفعة قوية لزوجة شقيقه آلمتها كثيراً، مما أثار في داخلها الحقد عليه.
عجزت هاجر عن التحكم بأعصابها بعد أن تملكها الغضب وشعرت بإهانة بالغة من هذا الرجل، خاصة بعدما شاهدت علامات الانتصار في عيون زوجته وأبنائه، وعلامات الانكسار والهزيمة في عيون صغارها، فقررت الثأر لهم.
بسرعة البرق توجهت هاجر إلى مطبخها واستلّت سكيناً انطلقت به مثل سهم لا يخطئ هدفه، لتسدد طعنة قاتلة كانت كفيلة بأن تُخرس هذا الثور الهائج الى الأبد.
حالة من الذهول سيطرت على الجميع والرجل يسقط على الأرض وسط بركة من الدماء.
لم تكن هاجر في حالة تسمح لها بالمراوغة أو نكران الجريمة، فكل شيء واضح للجميع، هي من قتلت شقيق زوجها، وهي من ضُبطت وسلاح الجريمة في يدها، ليبقى لها أن تعترف بدوافع فعلتها التي دمرت كل شيء.
«لم أتمالك نفسي بعدما صفعني على وجهي، شعرت بإهانة بالغة، بل أحسست أنه طعنني بسلاح بارد، فقررت الثأر لكرامتي من زوجته قبل أن أثأر منه. قررت أن أسلبها رجلها، قررت أن أيتّم صغارها، أردت رؤية نظرات الانكسار في عينيها كما رأتها في عينيَّ من دون أن يتحرك زوجي لاستعادة حقي كما كان يفعل زوجها»... بهذه الكلمات روت المتهمة تفاصيل جريمتها، ليصدر القرار بحبسها على ذمة التحقيق تمهيداً لإحالتها الى المحاكمة الجنائية.