الرئيسية أحداث منوعة
أحداث اليوم - يبقى الحب مجرد كلمة حتى تترجمها أحاسيس صادقة ذات معان تلمس القلب وتغير النفوس، وفي الوقت الذي قيل فيه إن الحب لا يحصل سوى مرة واحدة. لكن الحقيقة هي أننا نحتاج لأن نحب أكثر من مرة وعلى وجه التحديد ثلاث مرات وكل واحدة فيها مرتبطة بسبب مختلف.
وفي الوقت الذي قالت فيه غادة السمان "لا رفيق سوى العشق.. طريق بدون بدء أو نهاية". ذكر موقع "سايكولوجي اليوم"، أن للحب ثلاث حالات يمر بها الفرد ويختبرها في حياته، وكل واحدة تحمل تفسيرات مختلفة، فالحب الوصفي يكون شخصا مناسبا في الوقت والزمان المناسبين، وهو ما يعرف بالحب "الحقيقي"، وأي خلل في أحد هذه العناصر يحول القصة لمشاعر حب وليس حالة حب.
وفي وقت يصيب وهم الحب وخداعه، الكثير، خصوصا حين تتواجد العناصر كاملة، ولكن افتقدت لديمومة الحب وصيانته ورعايته، لأن مشاعر الحب قابلة للتبدل والتغير في حال لم تنل كل ما يجب لتزهر وتكبر، ومن هنا فإن حالات الوقوع في الحب الثلاث التي نختبرها خلال حياتنا تمثل مراحل نمونا العاطفي والفكري وقدرتنا على فهم الحياة بشكل أكبر؛ حيث تراكمت الخبرات المعرفية والإدراكية.
وهذه العواطف وتحديدا الحب بكل أنواعه تعتمد على الأخذ والعطاء، كونها مشاعر استراتيجية وتكتيكية، فالعلاقات الناجحة تحقق ذاتها بالتواصل والعطاء، فالحب وحده لا يكفي لبناء العلاقات، لكنه جوهرة مهمة في توليد الثقة والمتانة والصداقة وحتى الشعور بالأمان والأهم بناء علاقة صحية.
ولأن الحب لا يخلو من التحدي، والرحمة والحلول الوسطى لإشعار كلا الطرفين بالراحة والتوازن الذي يتمثل بالأخذ والعطاء، فإن التعبير عن الحب لا يعني إشعار أحد الطرفين بالعجز وعدم القدرة على التفاعل، لأن ذلك حينها يفقد العلاقة موازينها ومعاييرها الصحيحة.
ويولد الحب الشعور بالانتماء للمحيط؛ حيث إن العلاقات التي تنطوي على المشاعر الإيجابية تعتمد التبادلية في العطاء وتلقي الاهتمام، والنتيجة الحتمية هي محيط دافئ إيجابي سعيد كله تفاؤل. كما أن الحرية في العلاقة وإتاحة المساحة للآخر تسمحان بتكوين بيئة صحية لمشاعر قوية وأكثر عمقا، تقودان للالتزام والبقاء فترة طويلة من دون محاولة إلغاء كيان الآخر، بحجة الحب والتملك والقلق وعدم الثقة، فالحب خيار مشترك وليس فرديا:
- الحب الأول: غالبا ما يكون في مرحلة عمرية مبكرة، ويبدو وكأنه حالة من وحي قصص الخيال كتلك التي طالعناها ونحن صغار، وهذا النوع من الحب يوقظ ما بداخلنا حول أحلامنا وما نريد أن نفعل في المحيط وهو يمثل حب الحياة أكثر، فيوقظ كل الأحاسيس بالعواطف الجياشة والرغبة بتكوين أسرة ولو بسن مبكرة؛ حيث يبدو كل شيء مثاليا. وإن كان هذا الحب لا يبدو صحيحا في وقت لاحق وقد نكون خلاله قد تجاهلنا حقائق شخصية عميقة مفترضين أن هذا ما يكون ويبدو عليه الحب.
- الحالة الثانية: هي تلك التي يفترض أن يكون "الحب الثابت"، ويعلمنا دروسنا حول من نحن وكيف ندرك ما نريد وما الذي نحتاجه لنشعر بأننا محبوبون، وهذا النوع من الحب يسبب الألم بدءا من الكذب والتلاعب.
وفي الحب الثابت نظن أننا قمنا بخيارات مختلفة عن تلك التي قمنا بها في الحب الأول، ولكن الحقيقة هي أننا ما نزال نقوم بالخيارات نفسها، وما نزال بحاجة لتعلم مزيد من الدروس، ونصمد خلال التجربة الصعبة أيضا.
حاجتنا للحب الثاني تكون دورة طبيعية وجزءا من النمو، ونستمر في تكرار ذلك ظنا أن التجربة والنهاية ستكون مختلفة عن سابقتها، لكن مع كل هذا تنتهي ونحاول فيها بطريقة أسوأ من التي سبقتها وأكثر ألما.
وفي بعض الأحيان، تكون العلاقة في مثل هذا النوع من الحب غير صحية تفتقر الى التوازن، وتميل للنرجسية. وقد يحصل تلاعب عاطفي وعقلي، يدفعنا إلى تكرارها بطريقة الإدمان لأن العواطف فيها تكون مسلية ومتطرفة بمستوياتها الدرامية، فهي تارة ترتفع وأخرى تنخفض مثل ركوب الافعوانية، وفي كل مرة تحاول فيها إصلاح الأمر تبقى التوقعات أعلى من الحقيقة. وفي الحب الثابت يصبح الأمر أكثر أهمية ومتعلقا بمحاولة إنجاحه من الوضع الذي ينبغي أن يكون عليه فعليا، وهو الحب الذي نتمنى دائما أن يكون صحيحا.
- الحالة الثالثة وتمثل "الحب الذي لا نراه قادما"، وعادة ما يكون خاطئا للوهلة الأولى بالنسبة لنا، ويدمر كل المثاليات والأفكار التي تمثل الحب بالنسبة لنا وتشبثنا بها عن الحالة التي نراها ونتصوره بها. وهذا النوع من الحب يأتي بطريقة سهلة لدرجة أننا لا نظنه ممكنا ونميل لنكران حقيقته؛ حيث لا يمكن شرح وفهم التواصل بين الطرفين وتضربنا مشاعره كعاصفة هوجاء أو نسمة صيف منعشة. وهو يأتي بدون أي مخطط سابق، وفيه نجتمع جنبا الى جنب مع شخص وكل شيء يسير فيه كسير النهر متدفقا بدون أي عرقلة تسبب حالة من الحيرة أحيانا. فلا توجد أي تفسيرات وتوقعات مثالية حول الطريقة التي يجب أن نتصرف بها، ولا يوجد أي ضغط أو خوف منا للتحول لشخص مختلف.
وفي هذا الحب، يتقبل كلا الطرفين الآخر كما هو ببساطة، ما يهز أعماقنا لرقة هذه الأحاسيس، وهو لا يمثل الصورة التي وضعناها في خيالنا عما سيبدو عليه الحب، بل نخرج فيه على كل القواعد بأريحية تامة محطمين أي أفكار مسبقة ليثبت لنا عما كنا نظن أنه صحيح.
وهذا الحب يطرق باب القلب بغض النظر عن المدة التي نستغرقها في الاستجابة له، وهو الحب الذي نشعر بأنه صحيح.
وقد لا نختبر كل هذه الأنواع الثلاثة خلال حياتنا، ربما أحيانا لأننا لم نكن مستعدين لها ونخشى كثيرا من خوض تجربة مليئة بالمشاعر، والحقيقة أنه يجب أن ندرك حقيقة الحب قبل أن نتمكن من فهمه، وهذا يستغرق حياة وعمرا بأكمله. والأمر يتعدى أن تكون مستعدا للحب بل أن يكون الحب مستعدا وجاهزا لنا وليدخل حياتنا.
والحالة الأخيرة الثالثة تمثل بلسما لكل من مر بقلب مجروح، وعانى من لوعة وفقدان، محاولين من خلاله مرارا وتكرارا فهم ما الذي حصل لهم في حالة عاشوها بدون أن يحصلوا على إجابات. ففي الحب تحصل أمور لا تعني أنك قمت بأمر غير صحيح بل يصدف أنه ليس الوقت المناسب.
والأهم من كل هذا بقدر ما يبدو عليه الحب كعاصفة هوجاء، لكن الحقيقة أنه سلام داخلي، ويبقى لكل حالة كينونتها وخصوصيتها، فالحب الأول لا ينسى، لكن الحب يبقى يدهشنا في كل مرة تحركت فيها مشاعرنا ويعكس الرغبة في العيش وحب الحياة وحب الذات والآخر. في الحب نجد جزءا منا في الآخر فكل يكمل الآخر بطريقة وبأخرى، وكما في رواية الخيميائي لباولو كويلو "لماذا إذن يجب أن أصغي الى قلبي؟ لأنك لن تنجح في إسكاته أبدا وحتى لو تظاهرت بأنك لا تسمع ما يقول، يظل هناك في صدرك ولن يكف عن ترداد ما يعتقده عن الحياة والعالم".