الرئيسية أحداث البرلمان
أحداث اليوم -
أحمد عبد الباسط الرجوب
تطالعنا الصحف اليومية وعلى صدر صفحاتها قرارات مجلس الوزراء في بلادنا الاردنية بقوائم المحالين على التقاعد ومما يلفت الانتباه انها اتت بالعموم لموظفين بلغوا السن القانوني للتقاعد او من الموظفين المحالين على التقاعد بتوصية من مؤسساتهم لضعف ادائهم وحصولهم على تقارير اداء ضعيفة ومتكررة لاكثر من سنة ، وهذا ليس ما اود سبر غوارة في مقالي هذا ، وايضا عدم اختلافي بأن التقاعد هو نظام عالمي ومطلب لتجديد الاداء وتطوير الاعمال واستدامتها ، اذ ان منظمات العمل الدولية حينما فسرت مفهوم التقاعد اوضحت ان الشخص عندما يصل سناً معينة يفترض عليه ان يرتاح لان هناك موازنة ما بين المصلحة العامة للدولة وانتاجية الفرد والمصلحة الخاصة للفرد ، وهنا فإنني لست معنيا بتناول موضوع الاحالات على التقاعد في الظروف الطبيعية وفقا للوائح قوانين الموارد البشرية في الوزارات والمؤسسات الحكومية وما يهمني كمتابع للحالة الادارية في مؤسساتنا الحكومية هو احالة كل من بلغ 60 عاما في عمرة على التقاعد ومنهم من المتميزين في عملهم ولديهم كامن الطاقات والمبادرات الشخصية والذين يعتبروا من الاصول القيمة للمؤسسة (Asset Value) والقادة الذين لهم رؤية شمولية في قيادة الاعمال ونقل خبراتهم لمن يليهم وفي ذلك استمرار في نهج اندفاعية عمل واداء المؤسسات لتنفيذ برامجها بقوة واقتدار.
وهنا وباعتقادي بأن احالة قادة الجهات الحكومية من ذوي الخبرات المتميزة ممن تجاوزوا الـ 60 عاما في اعمارهم للتقاعد وركنها (على الرف) بعد اكتسابها للخبرات الميدانية وقضائها لعقود من الزمن في خدمة مصالح مؤسساتها يعتبر فقدان هذه المؤسسات لمثل هذه العقول المتشبعة بحلول ومهارات اهل الميدان وللقدرة على معالجة الامور العالقة بوجهات نظر ثاقبة ووضع خطط واستراتيجيات تُبنى على أسس متجذرة بمعايشة واقعية يومية للشؤون الوزارية ، ويعد من اكبر الخسارات التي تلحق بالكادر الوظيفي للدولة ولأي وظيفة كانت ' بدون تحديد المهنية ' حيث تعتبر المؤسسات والشركات العملاقة على المستوى العالمي بان هؤلاء الخبرا هم بمثابة مراكز التفكير ( Think Tanks) أو صناديق الفكر (brain boxes) لإعطاء النصح ودورهم في التأثير على صنع السياسة لاية قضية او مشكلة تتعرض لها اي مؤسسة كانت ، وهنا اعرض لكم سيدي أبا فوزي مثالا حاضرا بين يديكم فإن بعضا من طاقم حكومتكم قد تجاوز الـ 60 عاما بعشرة سنوات ومن في حكمهم من الوزراء والامناء والمدراء العامون في الوزرات والمؤسسات الحكومية ولا زالوا يمارسون مهام عملهم.
سيدي الرئيس لا اتناقض مع احالة اصحاب الخدمة الطويلة من الخبرات المكررة وغير المطورة وهنا اتذكر مقولة الاستاذ الدكتور محمد نوري شفيق وزير التربية والتعليم الاسبق رحمة الله بقولة عن الخبرة المكررة ' 20 سنة ... مكرر ' وضخ الدماء الشابة شريطة عدم الاستغناء عن اصحاب الخبرات المتراكمة واستثمار عطائهم بالاستمرار في شغل وظائفهم أو بتعيينهم مستشارين يستشارون وعلى عكس القاعدة المتعارف عليها ' المستشار لا يستشار ' في مؤسساتهم وليس تجديد الولاء لموظفين ليس لهم المام بابجديات العمل ووضعهم في كراسي القرار مجاملة ومحاباة وهم لا يمتلكون ادارة امورهم ، وامكانياتهم الفنية والمهنية والعلمية متواضعة وتقتصر على لقب يسبق اسماؤهم فقط ، ويكون التجديد بعلم دولتكم من خلال دراسة ملف وسيرة الموظف وشهادات تميزة وابداعاته وينطبق هذا ايضا عند اختيار دولتكم للوزراء في قادم الايام ان حصل ؟ ، ومراعاة العدل في ذلك كما قال الله جلّ في علاه ' وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ علـى ألاَّ تَعْدِلُوا اعْدلُوا هُوا أقْرَبُ للتَّقْوَى ' [سُورَة الْمَائِدَة 8] والا يكون التجديد لاسترضاءات او محاصصات كما كان يفعل بعض وزراء طاقمكم الحكومي عندما كانت التمديدات على حبل الغارب وتتم على اساس المعارف الشخصية او الجهوية المقيته ، واستعمالهم للسلطة في احالة بعض الموظفين على التقاعد وهو بهذه الطريقة يطبق القانون بانتقائية ، وكما يقولون يطبق القانون بانتقام - اي انك لا تطبق القانون كونه قانونا وانما تطبقه لتنتقم - ، حيث كان قرار الاحالة كلمة حق يراد بها باطل فظاهره الرحمة وباطنه العذاب وما بني على باطل فهو باطل ، افرغوا وزاراتهم من كثير من الكفاءات حتى ممن لم يبلغوا سن التقاعد القانوني سامحهم الله وكشف عورتهم امامك دولة الرئيس لانهم عاثوا في الارض فسادا اداريا في وزاراتهم يعجز عن حلة عالم الادارة المعروف بيتر دراكر (Peter Drucker)
ولما تقدم وفي رأينا يعتبر التقاعد هدر للطاقات وفقد للخبرات خاصة في هذا الوقت الذي تقدمت وتطورت الحالات الصحية واستمرار الشباب لوقت أطول - ارتفاع معدل عمر الرجال والنساء الأردنيين الى ما يقارب 75 سنة - ولا يقارن بما سبق من الأزمنة التي أعد فيها نظام التقاعد كون الحال تغير واصبح الموظف أيا كان عمله واختصاصه قادر على العطاء والتطور ، لذا من الضروري إعادة النظر في نظام التقاعد وفق المعطيات الحالية والتركيز للاستفادة من خبرات الموظفين وعطائهم وتوظيف كل ذلك في خدمة الوطن وبرامج التنمية الوطنية ، وبالطبع هناك حالات خاصة للتقاعد كالمرض والإصابة المقعدة إلا ما يسمح بمزاولة العمل وفق شروط خاصة ، وخلاف ذلك من الأمور التي يستوجب التقاعد الإلزامي من ناحية إدارية وما إلى ذلك ، وكما تعلم دولة ابا فوزي بأن سن الأربعين وما حوله يعتبر السن المثالي في النضوج والكمال ، وما ذكر سن الأربعين في سورة الاحقاف إلا دليل على أنه سن استيفاء كمال العقل والفهم ، وذروة تمام نعمة الله على الإنسان في كمال القوى التي منحه الله إياها ، وهي مرحلة زائدة على بلوغ الأشد الذي يتم ببلوغ الحلم ، يقول الله عز وجل : ( وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [سُورَة الأحقاف:الاية 15]
وتعقيبا على ما تقدم فإننا نضع امام شاهدكم دولة الرئيس بعض الاقتراحات لتجاوز قضية التمديد للخبرات المهنية المحترفة وهى ابتدءً:
1.التمديد للموظفين من اصحاب الخبرات المتراكمة 'حسب كل حالة ' واستثمار عطائهم في شغل وظائفهم في المؤسسات التي يعملون بها.
2.دراسة مدى جدوى تمديد سن التقاعد إلى 65 عامًا لموظفي الدولة عموما أو لعدد من الفئات العاملة بالدولة مثل القضاة وأعضاء هئية التدريس والأطباء وغيرهم. (كان متوسط عمر الإنسان قبل 60 عاماً في الأردن 50 عاماً وكان يعتبر كل من تجاوز الخمسين عاما في عمرة على أنه طاعن في السن وآن الأوان لاستراحتة ، اما اليوم وحسب دارسة معهد القياسات الصحية والتقييم في جامعة واشنطن تحت عنوان 'الحالة الصحية في العالم العربي , تحليل عبء الأمراض والإصابات وعوامل الخطر منذ 1990 حتى 2010.' ونشرت بعض نتائج هذه الدراسة في مجلة لانسيت كجزء من سلسلتها المخصصة للصحة في العالم العربي وأظهرت الدراسة ارتفاع معدل عمر الرجال الأردنيين الى 75.7 سنة ، كما أظهرت ارتفاع معدل عمر النساء الأردنيات الى 75.1 سنة ، وعلية فإن تقاعد الموظف في سن الستين لم يعـد مقبولا لأنه ما زال في صحته واوج عطاءة).
وللتنويه فإن بعض الدول العربية ودول العالم قد رفعت سن التقاعد إلى 65 عاماً ، ناهيك عن ارتفاع تكلفة المتقاعدين على خزانة الدولة الاردنية عاماً بعـد عام ، بحيث تصل إلى حوالي نصف مليار دينار في السـنة او يزيد عن ذلك ، اذا ما اعتبرنا ان المتقاعد يعيش في المتوسط لعشرين عاماً بعد تقاعدة ويتقاضى راتبا تقاعديا له ولورثته من بعدة أضعاف اشتراكاته بالضمان الاجتماعي أوصندوق التقاعـد المدني.
ختاما فإن إحالات الكفاءات على التقاعد وان بلغت أو ' طافت ' سن التقاعد القانوني يفقد الوطن الكثير من الخبرات وعبء اقتصادي على خزينة الدولة وهو مناف للمصلحة الوطنية برأيي ونضع هذه المسألة امامكم دولة ابا فوزي مصلحة وطنية 100% بامتياز ، راجيا لك من الله التوفيق في مسعاك لخدمة وطننا الحبيب لانه يستحق الافضل.
حمى الله الاْردن وادام الله عليه نعمة الامن والامان في ظل قيادته المظفرة.