الرئيسية أحداث البرلمان
أحداث اليوم - فيصل ملكاوي
كثير من الخطابات والمناقشات خلال نقاشات البيان الوزاري الذي تقدمت به الحكومة ونالت الثقة على اساسه كان مكانها الخطابات والمناقشات النيابية للموازنة العامة والعكس صحيح ايضا اذ ان كثيرا من النقاشات التي تتم حيال الموازنة العامة يكون مكانها الصحيح خلال مناقشات الثقة بالحكومة وهو أمر تم ليس في عهد هذه
الحكومة بل خلال الحكومات المتعاقبة التي ناقش فيها النواب البيانات الوزارية والموازنات العامة المتتابعة للدولة.
وفي مرات كثيرة لم يكن المراقب قادرا على التمييز بين الخطاب الذي القاه نواب خلال مداولات البيان الوزاري وبين تلك المتعلقة بالموازنة العامة ، فهي متشابهة
في كثير من الاحيان الى حد التطابق، وفي غالبية فقراتها ومحاورها مطالب الدائرة الانتخابية بشكل عام ، وتوجيه النقد الاستعراضي للحكومات من باب ان مثل هذا الامر لا بد ان تتضمنه خطابات النواب في مناسبتي الثقة والموازنة ولا تكتمل الحلقة بدونهما، بصرف النظر عن نتائج التصويت على الثقة والموازنة العامة للدولة.
ومع ان الفرق كبير في كلتا الحالتين ، فالبيان الوزاري الذي تطلب الحكومات الثقة على اساسه هو غالبا البرنامج الواسع والشامل لاي حكومة ، في كافة المفاصل،
دون التطرق مباشرة الى الكلف المادية المترتبة عليها ، كما يتضمن كافة الخطط والسياسات الحكومية التي تكون محل الطموح لتنفيذها ، وفي هذا الجانب تكون المسألة اقرب الى اعلان نوايا العمل والجدية وامكانية تجاوز التحديات لكن دون شرط للوصول الى كافة الاهداف التي وضعت في البيان الوزاري او تنفيذها كافة وبدرجة مئة بالمئة.
خطاب الموازنة هو الذي يتعامل مع الواقع على الارض ، ويتضمن لغة الارقام الممكنة وغير الممكنة، وهو الذي يضع البرنامج الاوسع الذي تطرحه الحكومة في
بيانها الوزاري الى خطط استراتيجية واضحة ، وجداول عمل ، وايضا احتساب التقلبات التي يمكن ان تحدث في بلد كالاردن يقع في منطقة ملتهبة وغالبا ما كانت انواء الاقليم تلقي باثارها على خططه وبرامجه سلبا ، بما يجب التحوط له في برنامج الحكومة التنفيذي في الموازنة العامة للدولة الاطار العملي لما يرد في البيان الوزاري من خطط وبرامج وتوجهات شامله في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ومن هنا فان خطابات السادة النواب ومناقشاتهم ، يجب ان تذهب الى نقاط الفرق بين البيان الوزاري الذي تقدمت الحكومة به ونالت الثقة على اساسه وبين الموازنة العامة للدولة التي تتعامل مع لغة الارقام والواقعية ، دون الافراط في التوقعات ، بل بترتيب الاولويات ، ورصد الموازنات الدقيقة لكافة المشاريع والخطط والبرامج
التنموية والاقتصادية وايضا السياسية التي هي ايضا لها كلفها التقديرية لاجل تنفيذها والمضي بها قدما.
وتكمن الاهمية في هذا السياق على ضرورة اعادة النواب مراجعة ما أدلوا به من خطابات خلال مناقشات البيان الوزاري ، وما يمكن ان يتقدموا به خلال خطاباتهم
ومناقشاتهم للموازنة العامة للدولة ، بشكل استراتجيجي يجسد حالة منتجة لانضاج كافة البنود الواردة في الموازنة ، بعيدا عن لغة المطالب سواء الفردية او تلك المتعلقة باحتياجات الدوائر الانتخابية وابقاء زاوية التركيز والجهد لاجل احداث اختراقات مهمة في مسارات التنمية المستدامة والمتكاملة على المستوى الوطني الذي يحقق الصالح العام ويرتب الاولويات بشكل واقعي وممكن دون تكرار واغراق في الاماني التي يصعب تحقيقها.
ليس من المفترض باي حال عند كل مفصل تجري مناقشته بين الحكومة والنواب ، ان تظهر حالة صدامية كغاية بحد ذاتها ، وهذا ليس مطلوب ولا يعبر عن قوة
الطرح باي حال ، بل ان القوة هذه تتجلى اذا ما كان النواب اعدوا انفسهم لاجل نقاش منتج ونقاط التقاء في منتصف الطريق ، في كافة القضايا التي يتطلبها عمل السلطتين التنفيذية والتشريعية ، اذ ان المسألة في حالتي البيان الوزاري والموازنة العامة للدولة لا يمكن اختزالها بخطابات ومطالب بل ثقة ترفع منسوب مسؤوليات الحكومة وتؤكد واجباتها والتزاماتها لاجل خدمة الوطن والمواطن واقرار موازنة يوازي تنفيذها اداء رقابي برلماني موصول لا يبدأ وينتهي فقط خلال الاسبوع الذي تجري فيه النقاشات النيابية على موازنة الدولة.