الرئيسية مقالات واراء
قدم رئيس الوزراء ووزير ماليته لـ"مالية النواب"، أمس، عرضا لتفاصيل الخطة التي توضح المصادر التي ستعتمد عليها الحكومة لتغطية الزيادة في الإيرادات العامة بما لا يقل عن 450 مليون دينار، كما ورد في مشروع قانون الموازنة العامة، قبيل بدء النواب مناقشات مفتوحة للمشروع.
الخطوط العامة للخطة كانت معروفة منذ أسابيع، وتتركز بشكل أساسي على زيادة ضريبة المبيعات على عديد السلع، خاصة المستوردة؛ ورفع رسوم بعض الخدمات الحكومية، والضريبة على المشتقات النفطية؛ إضافة إلى تقديرات أولية بأن هيكلة الإعفاءات الطبية ستوفر على الخزينة مبلغا لا يقل عن 180 مليون دينار، من دون المساس بحق المواطنين في الحصول على الخدمات الطبية اللازمة.
رئيس الوزراء د. هاني الملقي، وعلى ما تفيد مصادر رسمية مقربة منه، يدرك التداعيات المترتبة على رفع الأسعار، خاصة على أصحاب الدخل المحدود. ولذلك، رفض شمول سلع غذائية كثيرة بالقائمة المقترحة للسلع المنوي زيادة الضريبة عليها، مقابل زيادة الضريبة على سلع غذائية مستوردة، كالأجبان السويسرية والفرنسية، ومواد أخرى يقتصر استهلاكها على الفئات الميسورة في المجتمع. ومن المفترض أن يكون الملقي قد استمع لاقتراحات جدية من "مالية النواب"، تساهم في خفض النفقات من جهة، وتوفر مصادر بديلة لإيرادات الخزينة.
وبين يدي الملقي أيضا خمسة اقتراحات تقدم بها رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة، يقول صاحبها إنها توفر بديلا واقعيا كمصادر دخل للخزينة، عوضا عن زيادة ضريبة المبيعات.
أيا تكن خلاصة المناقشات بين الحكومة والنواب، فإن الخزينة في وضع حرج، يجعل من الصعب على القائمين عليها تجنب حزمة القرارات المعروضة بشكل كلي، إذا ما تمسكت الحكومة بقيمة الزيادة في بند الإيرادات للعام 2017.
المزاج العام للمواطنين سلبي للغاية، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة. ولا يمكن للناس أن يتفهموا قرارات جديدة من دون مبررات مقنعة. وقد يتخذ هذا المزاج منحى خطرا إذا لم تبادر الحكومة إلى شرح خطتها بالتفصيل، وتؤكد للناس، بالدليل الملموس، أن الفئات الشعبية ومعها الطبقة الوسطى، لن تطالها أعباء مالية إضافية.
وفي الوقت نفسه، ينبغي على الحكومة أن تشرع في اتخاذ إجراءات تقشفية إضافية. قد لا تكون هذه الإجراءات ذات فرق من الناحية المالية، لكنها مهمة لتغيير الانطباع السائد، وهو صحيح، عن إفراط طبقة المسؤولين في كل المؤسسات الرسمية في استثمار الامتيازات في الوظيفة العامة. إذ ليس مقبولا أبدا أن تخصص سيارات إضافية لمنازل المسؤولين من الدرجتين الأولى والثانية، وسواقين لنقل الأبناء والأحفاد إلى المدارس على حساب الخزينة، ومركبات فارهة لا تقتضيها وظيفة المسؤول، ولا زوجته في زياراتها للأصدقاء وصالونات التجميل.
وهذا الوضع ينطبق على طبقة عريضة من المسؤولين في المؤسسات الحكومية والشركات المملوكة لها. إنه وضع شاذ ولا يجوز أن يستمر مهما كانت الحال.
في نظر جمهور عريض من المواطنين، كل تلك المظاهر وغيرها الكثير، هي فساد خالص وتتناقض تماما مع أوضاع المالية الصعبة. ولن يكون بمقدورهم تحمل المزيد من الأعباء قبل أن يلحظوا تغيرا جوهريا في سلوك المسؤولين وأسلوب إدارة المؤسسات.