الرئيسية مقالات واراء
قبل الهواتف النقالة، كان من يريد أن يلتقط صورة في مناسبة عائلية كمن يسير في معاملة ترخيص برج تجاري، يحجز موعدا مع استديو تصوير لاستئجار كاميرا، ومن ثم يذهب قبل ساعات من موعد المناسبة لإحضارها، وبعدها ينتظر أسبوعا حتى تجهز عملية تحميض الصور، وكانت الصور تلتقط فقط في الأعراس، ومن باب توفير النفقات كانت تمتاز بأنها صور جماعية مثل صور الفرق الرياضية قبل بدء المباريات، فكان من المستحيل أن تكون هناك صورة فقط للعريس والعروس، بل لابدأن تجمع الصورة أهل العريس وأهل العروس وحتى أبو محمد (المطهّر) كان يظهر في الصورة رغم أنه غير معزوم، وحين يتم تحميض الصور عادة ما تكون الفاجعة بأن العروس لم تظهر في أي صورة فمن باب المصادفة كانت أم العريس تقف أمامها في جميع الصور، كانت الصورة طبيعية لدرجة أنك لو عدت اليوم إلى أرشيف العائلة تكتشف بسهولة من كان سعيدا ومن كان حزينا، ومن كان يعاني من (الحول) ومن كان يشكو(الطفر)، حتى الغيرة كانت تظهر في الصور من (ليّ) الشفائف الى اليمين، بينما اليوم تستطيع أن تنقل المناسبات العائلية على الهواء مباشرة مثلما تنقل مباريات ريال مدريد وبرشلونة بفضل كاميرا الهاتف النقال، وأصبحت طبخة ( المجدرة ) وحدها بحاجة إلى ألبوم، والأهم أن برامج الفوتوشوب أصبحت بكل سهولة تجعل من سمير الذي يشبه البرميل شبيها لعاصي حلاني، في أرشيف العائلة قد لاتجد ابتسامة واحدة ولكن الفرحة كانت تملأ القلوب، بينما دعونا اليوم نعود لأرشيف المسؤولين سنجد دائما الابتسامة رغم أن فسادهم أفرغ الجيوب!
لا يوجد لهم صورة الا وتتحدث عن إنجاز، أو افتتاح، أو خطة، أو لقاء لجلب الاستثمارات، والمحصلة مديونية بـ 26 مليار دينار وعجز يقارب النصف مليار. فلماذا لا نحاسبهم؟! أو نمحو الصور من أرشيفنا الوطني طالما لم تحمل إلا الكذب والنفاق!
كذبة ( السي في ) والخبرات لم تزدنا إلا عجزا، لذلك دعونا نراجع صورهم وطفولتهم وشبابهم، وكيف كان الواحد منهم من (الطفر) شعره مثل غابات دبين، والقميص الذي يلبسه مطرزا بصورة (نخلة) وأصبحت النخلة من كثرة الغسيل (نعنع)، واليوم دعونا نقارن لنكتشف أن 26 مليارا لم تذهب للتنمية ولا للمشاريع التنموية بل ذهبت للسيارات والقصور والامتيازات وليصبح المسؤول قارون هذا العصر!
حدثني أحدهم وهو مصدر ثقة أن فاتورة الدراي كلين لأحد المسؤولين السابقين بلغت 46 ألف دينار من موازنة الدولة، وهي لاتكفي فقط لغسل بلاطين وجاكيتات وقمصان وجرابات ذلك المسؤول، بل لو تصدق بها لغسلت ذنوب كل الأردنيين! ولو وضعنا بهذا المبلغ منظف غسيل في سد الملك طلال، لغسل الأردنيون واللاجئون والسياح ملابسهم مجانا لمدة عام. نعم وصلنا إلى هذا العجز الكبير في المديونية، بسبب ترفهم، وبسبب عدم الانتماء والشعور بالحس الوطني، واليوم لاتبحثوا عن سداد العجز من جيوبنا، بل عودوا الى فواتيركم وكذبونا إن أستطعتم، وباسترداد أثمانها من أرصدتهم تبدأ عملية إعادة الثقة بكم. ومن ثم نتشارك سويا في سداد العجز.
القادر ان ينتقل من طشت الغسيل إلى الدراي كلين، قادر بكل سهولة أن ينتقل من العجز إلى الاكتفاء دون حاجة إلى جيوبنا!