الرئيسية أحداث البرلمان
أحداث اليوم - – أنهت الحكومة، بتعديلها الوزاري الذي أجرته أمس، عدة أزمات، كادت تعصف بها وببعض أعضائها، وكانت تعكس حالة عدم الانسجام في علاقات فريقها الوزاري في الفترة الأخيرة.
وبقراءة التعديل الوزاري الجديد، فإن حكومة هاني الملقي نجحت في الخروج من عنق الزجاجة، ولو مؤقتا، عبر إعادة تنظيم ذاتها، فيما بقيت ملفات كبيرة تراوح مكانها، خصوصا ما يتعلق بالوضع الاقتصادي والأمني الذي تعيشه المملكة، الأمر الذي كان ينتظر المراقبون أن يؤخذ بعين الاعتبار عند إعادة تشكيل الفريق الوزاري.
ويمكن للتشكيلة الجديدة ذات النكهتين الليبرالية والمحافظة، أن تطيل عمر الحكومة، في أجواء زوال المماحكات، بل قد توفر تجانسا بين أعضاء المجلس، حيث كان من شأن استبعاد عدد محدود من الأسماء، إزالة التوتر والضغط، وإتاحة حرية الحركة للحكومة في الملفات التي تحملها، بحسب مراقبين.
والملاحظ في التعديل، أنه لم يكن مألوفا كسابق عهد أي تعديل سابق، إذ طلب الرئيس الملقي من وزرائه جميعهم تقديم استقالاتهم؛ ليتيح لنفسه حرية الاختيار من دون ضغوط، فضلا عن تسلمه إشارات واضحة بإخراج عوامل التأزيم من الحكومة، وفرض إيقاع الرئيس على المجلس، بقيادة واحدة ومرجعية واحدة.
وطغت على التعديل السرية والتكتم الشديدان، إلا من بعض التسريبات التي قصد منها معرفة موعد انتهاء الرئيس من اختياره، وعودة إلى التقاليد الراسخة للحكومات، باستمزاج السلطة التشريعية حول مجريات التعديل، وهو تقليد تمردت عليه فقط الحكومة السابقة، ما أثار حفيظة مجلس النواب الذي اعتبره "تغولا" على أبجديات العمل السياسي.
وجاء التعديل الوزاري لحكومة الملقي، لإغلاق ملفات رئيسية، شعبيا ونيابيا، أولها ملفات التربية والتعليم، وبينها المناهج وعلاقة الشد والجذب مع نقابة المعلمين وغيرها.
أما الملف الثاني الذي انتهى فهو أزمة طرح الثقة بوزير الداخلية سلامة حماد، التي كان وقع مذكرتها 47 نائبا، وكان لا بد من مناقشتها أمس في الجلسة الصباحية التي ألغيت، لجهة إكمال مراسم التعديل الوزاري، لوقف أي مواجهة مع مجلس النواب، وفق ما صرح بذلك رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة، الذي قال "إن التعديل الوزاري جنب البلاد مواجهة كانت ستقع بين الحكومة والنواب في جلسة أمس الأحد، على مذكرة مرت بمراحلها الدستورية".
أما الملف الثالث، والذي لم تكتمل ملامحه بعد، ويتعلق بأزمة الطاقة وعجز الموازنة، حيث من المطلوب من الحكومة حزمة إجراءات مالية واقتصادية تخفف عجز الموازنة، وبنفس الوقت لا تثقل كاهل الشرائح الفقيرة والمتوسطة في المجتمع.
كما أنهت الحكومة في التعديل، أزمة التجاذبات مع أعضاء المجلس النيابي، سواء عبر انهاء ازمة الثقة بوزير الداخلية أو بخروج الوزير فواز ارشيدات، الذي شهدت أروقة الرئاسة ملاسنة بينه وبين النائب محمد الرياطي على خلفية التأمين الصحي.
كما منح التعديل زخما قويا لحقيبة شؤون رئاسة الوزراء، عبر إدخال الوزير المخضرم ممدوح العبادي إلى التشكيلة الحكومية، لضبط آلية التعامل مع أعضاء المجلس النيابي من جهة، وتحسين العلاقة مع النواب من جانب آخر، حيث يملك الخبرة اللازمة للتعاطي مع هذا الملف، لكونه نائبا سابقا وسياسيا وخدماتيا.
وفيما يتعلق بملف التربية والتعليم، جاء اختيار الوزير الجديد عمر الرزاز لهذه الحقيبة ايجابيا، نظرا لدرايته بتطوير الموارد البشرية من جهة، والتخطيط من جهة أخرى، فضلا عن الكاريزما التفاوضية التي يتحلى بها الرجل من جهة أخرى، وهو القادر على امتصاص أي صدمة والتعامل معها بتنظيم دقيق، من واقع خبرته في إدارة المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي.
ويبدو ان التغيير على حقيبة الخارجية، وانهاء الازدواجية في عملها، بالغاء حقيبة وزير الدولة للشؤون الخارجية، التي انتقل حاملها بشر الخصاونة الى حقيبة الشؤون القانونية، يأتي لإتاحة المجال لوزير الخارجية الجديد ايمن الصفدي للعمل بمرونة اوسع، حيث تنتظر الصفدي ملفات خارجية ودبلوماسية مهمة، تحديدا مع بدء العد التنازلي لاستضافة عمان القمة العربية نهاية اذار "مارس" المقبل، التي يسعى الاردن مليا لانجاحها في ظل ما تمر به الدول العربية من انقسامات وخلافات.
كما تنتظر الصفدي، في قيادته للدبلوماسية الاردنية، ملفات مهمة اخرى، بينها عملية السلام التي تراوح في تعثرها مكانها، وقدوم ادارة اميركية جديدة برئاسة دونالد ترامب والجمهوريين، اضافة الى تزايد مؤشرات الذهاب الى حلول سياسية للازمة السورية.
وبقي في الحكومة وزيرتان كالسابق، هما وزيرة السياحة لينا عناب، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مجد شويكة.
كما لم يوزر الملقي أيا من الأمناء العامين في الوزارات، حيث خلت الحكومة من الصبغة التكنوقراطية.
كما بقي من الفريق الاقتصادي دون تغيير، وزيرا الطاقة إبراهيم سيف والصناعة والتجارة يعرب القضاة ، فضلا عن وزير التخطيط عماد فاخوري.
وألغى التعديل وزارة الدولة للشؤون الخارجية، ووزارة شؤون الاستثمار، ووزارة الشؤون الاقتصادية، واستحدث من جديد وزارة الشؤون القانونية.
وبخروج اثنين من أعضاء الفريق الاقتصادي، هما الوزيران جواد العناني ويوسف منصور، فقد أضعف الرئيس الملف الاقتصادي بحسب مراقبين.
وكانت حكومة الملقي أقسمت اليمين الدستورية أمام جلالة الملك في الثامن والعشرين من أيلول (سبتمبر) الماضي، وأجرت تعديلا بعد يوم من تشكيلها، حيث غادرها وزير النقل مالك حداد، وتسلم الحقيبة بدلا منه حسين الصعوب.
وخرج من التشكيلة الجديدة نواب الرئيس الثلاثة، وزراء الخارجية ناصر جودة، والتربية والتعليم محمد الذنيبات، ونائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية جواد العناني، ووزير الداخلية سلامة حماد، ووزير الدولة لشؤون الاقتصاد يوسف منصور، ووزير الدولة لشؤون رئاسة الوزراء فواز ارشيدات، ووزير الشباب رامي وريكات.