الرئيسية مقالات واراء
يطل الأردن على المشهد السوري عبر نوافذ عدة. ميدانيا، وعلى الحدود المستقرة نسبيا، تراقب قوات حرس الحدود بحذر شديد تحركات المجموعات المحسوبة على تنظيم "داعش" الإرهابي، وتتابع التطورات في مناطق أبعد قليلا؛ كدير الزور ومحيطها وصولا إلى تدمر، حيث يتمركز "داعش".
ليس ثمة أي قلق من تغيرات مفاجئة؛ فالجيش يتحسب لكل الاحتمالات. لكن أحدا في أروقة مؤسسات القرار لا ينكر الرغبة في التخلص سريعا من عبء الحدود المرهق، حتى لو كان ذلك بعودة قوات الجيش النظامي السوري على الجانب الآخر.
غير أن الهدوء قد لا يطول كثيرا؛ فالمرجح أن تشهد الأسابيع المقبلة تحركات -خارج حدودنا- لشن عمليات عسكرية أكثر فاعلية لقوات التحالف الدولي ضد معاقل التنظيم الإرهابي في الرقة ودير الزور، وذلك في إطار استراتيجية جديدة تتبناها إدارة ترامب التي وضعت على سلم أولوياتها القضاء على "داعش".
وفي هذا الإطار، ستشهد الفترة المقبلة اتصالات أردنية أميركية على أعلى مستوى. ورشح من مصادر مطلعة أن الملك عبدالله الثاني سيقوم بزيارة لواشنطن في القريب العاجل.
سياسيا، يتابع الأردن تحولات الأزمة السورية من النافذة الروسية الكبيرة. اليوم، سيحل الملك ضيفا على موسكو بدعوة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في لقاء قمة سيكرس جله لبحث الأزمة السورية، بعد يوم على اختتام مفاوضات أستانة بين وفدي النظام والمعارضة السورية.
وزير الخارجية أيمن الصفدي سبق الملك إلى موسكو، وعقد أمس اجتماعا مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، هو الأول بين الوزيرين. الصفدي استبق اللقاء بتصريحات أكدت دعم الأردن لمفاوضات أستانة، كخطوة مهمة على طريق استئناف مباحثات الحل السياسي على أساس بيان جنيف.
المؤكد بعد بيان الأستانة أمس أن ماكينة الحل السياسي بدأت تعمل بقوة، مدعومة بتوافق روسي تركي، ودعم أميركي من بعيد، سينتقل تدريجيا ليكون أكثر فاعلية في الجولات المقبلة، مع تولي فريق ترامب مهامه رسميا.
يقترب الموقف الأردني حيال الأزمة السورية كثيرا من موقف موسكو، وتجد الدبلوماسية الأردنية نفسها دوما في وضع مريح عند بحث الملف السوري مع المسؤولين الروس.
بالنسبة للأردن، المطلوب حل يضمن وحدة سورية أرضا وشعبا، وعودة اللاجئين إلى ديارهم. أما بالنسبة لمستقبل النظام الذي يحكم، فإن عمان ترضى بما يختاره السوريون بأغلبيتهم، وتصر كما كانت الحال من بداية الأزمة، على عدم تبني مواقف مسبقة من النظام أو المعارضة.
ورغم عدم تمثيل الأردن بوفد رسمي في "أستانة" التي اقتصرت المشاركة فيها على الوفود الراعية للمفاوضات، فإن الأوساط الرسمية الأردنية كانت مطلة عن قرب على مجريات المفاوضات، وتتفاعل مع بعض المشاركين فيها من وفد المعارضة، وممثلي الدول الراعية.
وسيساهم الانخراط البناء لتركيا في جهود الحل السياسي للأزمة السورية والحرب على الإرهاب، في تقارب بين عمان وأنقرة في المرحلة المقبلة.
وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار التفاهم الروسي الأميركي المرجّح حيال الحرب على"داعش"، فإن من غير المستبعد أن تشهد الأشهر المقبلة تنسيقا واسع النطاق بين العواصم الأربع.
خلاصة القول؛ إن التطورات الجارية في سورية حاليا، تنسجم تماما مع المقاربة الأردنية تجاه الأزمة منذ بدايتها.