الرئيسية مقالات واراء
خبر جميل أتى به التصنيف العالمي لمراكز الدراسات والأبحاث، الذي تعدّه جامعة بنسلفانيا الأميركية. وهو معيار معتبر ومهم عالمياً، تصدره الجامعة سنوياً. إذ احتل مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية المرتبة الأولى هذا العام على مستوى منطقة الشرق الأوسط التي تشمل، بالإضافة إلى الدول العربية، كلا من إسرائيل وتركيا وإيران.
مركز الدراسات الاستراتيجية الذي كان يحتل في العام الماضي الرقم 6 إقليمياً، والثالث عربياً، وكان يعدّ ذلك مركزاً متقدماً، قفز اليوم إلى المركز الأول، متقدّماً على مراكز مهمة وبارزة وعريقة في منطقة الشرق الأوسط، مثل "مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية"، و"مركز الجزيرة للدراسات"، و"مركز بروكينغز" (فرع الدوحة)، و"كارنيغي" (مركز بيروت)، وغيرها من مراكز إيرانية وإسرائيلية وتركية لها سمعتها وعراقتها في مجال البحث العلمي ودرجة التأثير.
لم يقتصر تقدم المركز على هذا الصعيد؛ بل دخل للمرة الأولى كأول مركز دراسات عربي يقتحم قائمة أفضل 155 مركزا عالمياً، في الموقع رقم 133، وتقدّم في مجال الأمن والدفاع سبع نقاط (من المرتبة 60 إلى 53)، وفي السياسة الخارجية (من المرتبة 48 إلى 43، أي حقّق 5 نقاط إضافية)، ما يعني أنّ هناك جملة من النتائج الإيجابية التي تحققت في تصنيف المركز عالمياً وإقليمياً وعربياً، وفي أكثر من مجال بحثي مرتبط بالحقل السياسي عموماً.
المهم، كما ذكر رئيس الجامعة الأردنية د. عزمي محافظة (في الاحتفال الصغير الذي أقامه المركز بهذه المناسبة)، أن يحافظ المركز على الموقع الإقليمي والعربي رقم 1، ويتقدم عالمياً في قائمة الـ150 مركزاً. وهذا يتطلب جهداً بحثياً وعملياً أكبر.
لكن الأهم من كل ذلك أنّ تصنيف المركز بالإضافة إلى إنتاجه المعرفي ونشاطه البحثي والفكري، يعتمد على معايير أخرى، مثل حجم الموارد المالية والبشرية، وعلى قدرته التأثيرية، وعلى نشاطه الإعلامي. وهذه كلها نقاط مهمة، لأنّها تقيس المخرجات بما تحدثه من تأثيرات وتداعيات على أرض الواقع، وهذه هي المهمة الرئيسة لمراكز الدراسات والتفكير في العالم، لكنّها المهمة المفقودة وشبه الغائبة في العالم العربي، والتي طالما شكونا منها؛ أي حالة التجاهل والإهمال التي تعاني منها مراكز الدراسات من قبل السياسيين والمسؤولين!
بعض السياسيين والباحثين ينظر إلى مركز الدراسات الاستراتيجية من خلال نشاطه في استطلاعات الرأي، كما ذكر رئيس الجامعة، وهذا فيه اختزال لأعمال المركز؛ إذ هناك دراسات في الإسلام السياسي والتطرف والإرهاب، وورش عمل متعددة يقوم بها ويصدر تقدير موقف وأوراق سياسات، وأصبح له مجموعة مهمة من الأدبيات العلمية، مثل كتاب الإصلاح الدستوري في الأردن، والصراع على السلفية، وكتاب الحل الإسلامي في الأردن (عن الحركات الإسلامية)، وهي الكتب التي أصدرها بالتعاون مع شبكات ومؤسسات نشر متعددة. وهناك أوراق ودراسات على درجة من الأهمية.
مؤخراً أقام المركز ورشة عمل عن التحديات التي تواجه الأردن في العام 2017، وهو في صدد إصدار تقرير موسع بعنوان "صناعة السياسات في مرحلة اللايقين"، عن مخرجات هذه الورشة وتوصياتها. كذلك هناك مشروع ضخم يقوم به المركز عن سيناريوهات الأردن في العام 2025، بالتعاون مع "الأسكوا". والعديد من المشروعات البحثية في مجال السياسة والاجتماع والطاقة والأمن والإرهاب.
الفرصة التي أريد أن أنتهزها في هذا المجال، ونحن نشعر بالسعادة لحصول المركز على هذا التقييم، ونتطلع إلى تعزيز هذه القدرات، هو المشروع الذي نقوم به لبناء قاعدة بيانات ومعلومات عن "أعضاء التيار الجهادي" في الأردن، ونطمح للوصول إلى عدد كبير، لكنّنا نواجه صدوداً وإعراضاً وتجاهلاً من مؤسسات الدولة المختلفة، بالرغم من أهمية المشروع. فمتى يكون هناك إدراكٌ حقّاً لأدوار المراكز وأهمية البحث العلمي والمعرفة من قبل المسؤولين؟!