الرئيسية مقالات واراء
لا يوجد مرحلة من حياة الأردني إلا يتعرض فيها إلى ضغوط، عندما يولد يضغطون عليه حتى يضحك، وبعد سنة يضغطون عليه حتى يمشي، وبعد سنتين حتى يعمل النونو وحده، وفي الروضة حتى يرسم شجرة، وفي الابتدائي حتى يجيب 99، وفي الإعدادي حتى يروح علمي، وفي الثانوية العامة حتى يحصل على معدل وبعثة، وفي الجامعة حتى يحصل على امتياز، وبعد التخرج حتى يتعين، وبعد الوظيفة حتى يتزوج.
يتزوج المسكين، وفي ظنه أنه تحرر أخيرا من الضغوطات، وبعد ثلاثة أيام من زواجه بتبلش العيلة تغمز له أن بشّر (في إشي عالطريق)؟! وهو لم يحفظ بعد اسم زوجته الرباعي، فيقول لهم: لا .. بعد أسبوع يسمع نفس السؤال: آه يا فحل بشّر في إشي عالطريق؟! فيقول لهم: ياجماعة اصبروا عليّ، أي طبخة الملفوف تحتاج إلى أسبوع من التحضيرات، بعد أسبوعين يعاد نفس السؤال والاستفسار: أوعك تقول ما في إشي عالطريق! فيرد: ياجماعة لا تشككوني بحالي، أي معاملة تجديد بطاقة التأمين الصحي تحتاج إلى أسبوعين، بعد شهر تقرر العائلة عقد اجتماع طارئ ويتم استدعاء العريس ويقال له: لازم تفحصوا! فيصاب العريس بصدمة نفسية ويطلب مهلة لتصويب الأوضاع، توافق العائلة على مضض إعطاء مهلة مشروطة، فإذا لم يأتِ بالخبر اليقين فعليه أن يتزوج بأخرى، يذهب العريس وهو تحت ضغوطات أكثر من التي يتعرض لها الرئيس الأميركي لمنع قرارات منع الهجرة، يصاب بالاكتئاب، وتتراجع صحته بشكل ملحوظ، فهو لم يتوقع أبدا أن شهر العسل الذي من المفروض أن يحمل أجمل الذكريات يصبح شهر امتحانات الثانوية العامة وفيه سؤال إجابته أصعب من إجابة كل أسئلة الرياضيات والفيزياء والكيمياء؟!
تقارب المهلة على الانتهاء، وهو في الخفاء راجع كل الأطباء حتى طبيب الأسنان للاطمئان، وكانت الفحوصات تشير الى أنها مسألة وقت، وحين جاء الخبر السعيد هرول مسرعا إليهم مبشرا بقدوم المولود الأول وكانت فرحته بالحمل أكبر من فرحة ريال مدريد بحمل لقب الدوري!
ارتاح باله، وعادت الثقة بنفسه، وبعد أن أنجبت زوجته، عادت العائلة لتسأل: شو يا معلم ما بدّك تخاويه؟! فنعود لمسلسل البطولات وإثبات الذات من جديد.
كلما يأتي رئيس وزراء جديد، لا يتعرض لضغوط لتحسين التعليم أو الصحة أو البنى التحتية، بل فقط لسد العجز، وبعد أسبوع من جلوسه في الرابع يتم سؤاله: في إشي عالطريق؟! فيقول لهم: ياجماعة اصبروا، بعدني ما بعرف أسماء الوزراء، وتتواصل الضغوط عليه حتى يعلن عن الرفعة الأولى ليرتاح بال صندوق (النق) الدولي!
وبعد أن يعلن عن الرفعة الأولى وهي عادةً توأم (بنزين وسولار)، يعاود الصندوق ليقول له: شو مابدّك تخاويها؟! فيعلن تباعا عن سلسلة رفعات لإثبات أنه رجل المرحلة ومنقذ الاقتصاد!
سبب الجلطات في الأردن أصبح معروفا، وهو أن المواطن مرة مطلوب منه أن يجيب عن سؤال: في إشي عالطريق؟! ومرة مطلوب منه أن يسأل الحكومة: شو في إشي عالطريق؟! وكلاهما رفع وحرق أعصاب!