الرئيسية مقالات واراء
وأنا «صافن» بهموم الدنيا..أعجبتني طريقة القط في تأمين رزقه وتدبير أحواله دون أن ينفق قرشاَ واحداً أو يخضع لضريبة جائرة ، فمثلاً عندما يجوع القط ويبحث عن فريسة على قدّه ، يلتصق بالأرض، يكوّر نفسه ، يسوّي بين أكتافه وأردافه ، يمد يديه الأماميتين ويخفي «أنتين» ذيله ويغمض نصف العين ، فإذا ما شاهد «زغلولاً» حديث الطيران أو حمامة ثقيلة الهمة متساقطة الريش بفعل تقدم العمر ،دوزن جلسته قليلاً، ثم مطّ جسده قبيل الانقضاض وانطلق مثل السهم تجاهها ، فور الإمساك ؛ يحكم المخالب على الجسد ، والأسنان على الرقبة حتى ينقطع النفس تماماً أو تخور قواها، يحملها بأسنانه ويهرب بها إلى خلف السياج أو إلى أقرب خرابة..بالمناسبة القط حتى عندما يريد ان يسرق عظمة دجاج يمارس نفس طريقته بالهروب (عاد بكون انا رامي له اياها الهبيلة)..
فكّرت طويلاً ..طيب لماذا احرق أعصابي وأتابع كل شاردة وواردة في هذا البلد الأمين ؟ لماذا أكتب وامنع من النشر وأخوّن وأهدد وأشتم مع كل قرار يتسلّط على الفقراء ..فالقط على مدار التاريخ ، لا يحفظ أسماء رؤساء الوزراء ولا يهمّه من يأتي ومن يغادر، ولم يتأثر بضريبة البنزين الجديدة ،وليس عنده اشتراك انترنت ستطاله الزيادة ، ولا يعنيه ارتفاع ضريبة حديد التسليح ،ولا يدخن «وينستون»، ولا يشرب المياه الغازية البتّة ..و»هاظ هو عايش»...وفوق ذلك، ما زال حيّاً ويتكاثر أفضل منا ،ولا يعاني لا من سكري ولا ضغط ولا كسل بصري!!..باختصار أعجبتني طريقة هالمخلوق في العيش...لذا تجنبا للاصطدام مع الحكومة ، والدخول في صراع ونضال طويل لتحقيق أهدافي ..فقد قررت بعد حزمة الضرائب الجديد أن أصبح قط بشري – حيشاكو من هالطاري- أو طرزان الضرائب إن لزم الأمر..
بما أن الحكومة تحاول أن تعيدنا إلى الوراء ، حيث لا بيوت بسبب ارتفاع الحديد ولا سيارات ولا انترنت...سأرتدي وزرة وأحمل رمحاَ وأربّي شعري وأسيح في السهول والوديان نهاراً ..أصطاد رزقي...أرنب للجيران «رح أمصع أذانه»، دجاجة تائهة «بملط رقبتها»..عنزة «قارصيتها حية بآخر نفس» سأسلخها واحضرها للعيال..كما سأحش للأولاد ما أنبت الله في الأرض..خرفيش،علت ، مرار، قطميز ،كريشة الحية ،عكوب ، خبيزة ..أي شيء.. لن أشتري شيئاً مما يباع في متاجر «الإنسان الأبيض» أو استخدم خدمة تقدم للأسياد البشريين ..طبعاً لن أنسى تحلاية العيال عند المساء ؛ بعض «الضفادع العصافيري « ، و»الجراد المقرمش». و»الحلزون المغطس بالقطر» ..أنا طرزان الضرائب ،مكاني الحقيقي الغابات والكهوف والمغارات الصخرية ، أعبر عن فرحي وسخطي بالصراخ على قمة جبل وقت الغروب ، ثم أقدح النار لتدفأ ذريتي من الطرزانات الصغيرة ...هذا مكاني الأنسب لي كمواطن مخلص لم أصمت على الظلم ولم أسرق ،ولم أتردد يوماً أن اكون مع الحق... اما المدن العامرة بالرفاهية والرواتب العالية والسرقات والتهرب الضريبي والحياة والرغد فهي لاخرين .
لكن تذكروا أن طرزان لا يملك الا هذه الوزرة ..اذا قبّعت معي ولم أجد ما أكل من الصيد الحلال...»رح أمزطها وأطلعلكو زق» !...