الرئيسية مقالات واراء
لو طرحنا سؤالاً على عينة من الشباب الأردني يتعلق بمَثلهم الأعلى أو قدوتهم، فإن من المستبعد أن تتضمن إجاباتهم شخصية أردنية، سياسية أو غيرها، أو على الأقل ستكون ضئيلة جداً فرص الحصول على إجابة تشير إلى شخصية أردنية حديثة.
والقصد الواضح هو أن الأجيال الناشئة تفتقد النموذج والقدوة في الشخصية الأردنية العامة حالياً، والتي يمكن استلهامها. الأمر الذي يقلل بدوره فرص رسم أحلام هذه الأجيال وبناء أفق لها.
أين القصور والخلل؟
المشكلة لا تكمن في افتقاد المجتمع لقصص النجاح، وبالتالي وجود شخصيات أردنية شكلت حالة لافتة على مختلف الصعد؛ السياسية والاقتصادية والاجتماعية. بل إن قصص النجاح من حولنا متعددة على مدى العقود الماضية؛ إذ لدينا السياسي والعالِم والرياضي والفنان والمهندس والصحفي والإعلامي، كما رجال أعمال وأطباء ومبتكرون ومحامون... مميزون. وهو ما يعني حتماً أن جوهر المشكلة وأساسها هما القصور في إبراز هذه الشخصيات، لأسباب متعددة الأوجه.
ورغم أن الحديث هنا لا يقتصر على جنس واحد، لكن الإجابات المفترضة تضيق عند سؤال الشباب عن نماذج نسائية أردنية ناجحة، رغم أنهن كثيرات! يكفي تقليب صفحات "الغد" والبحث في موقعها الإلكتروني، لاكتشاف كم لدينا من قصص نجاح بطلاتها نساء عظيمات، تمكن من الإطاحة بكل المعيقات، وسجلن منجزاتهن في لوحة الشرف.
ولعل أبرز محطات التقصير ومظاهره، تبدو واضحة في قطاع التعليم، ولا سيما الكتب المدرسية ونشاطات المدارس، بعدم تسليط الضوء على هذه النجاحات؛ ليس ترويجا لأصحابها -مع أنهم يستحقون ذلك- بل بغية أن نزرع في عقول ونفوس أجيال المستقبل فكرة أن الحلم ممكن والأمل موجود.
من هنا، ونحن بصدد مراجعة المناهج وتطويرها لتواكب الارتقاء في فنيّات التعليم، يلزم الانتباه إلى هذه القصة/ الخلل من قبل وزير التربية والتعليم د. عمر الرزاز. وهو بالمناسبة واحد من هذه الشخصيات، ولا تفوته مثل هذه الفكرة، لأهميتها في بناء شخصيات أبنائنا وصقلها، كونهم يتعلمون بالبراهين القاطعة أن النجاح ممكن، كما هو وارد إحداث اختراق رغم صعوبة الظرف.
فعلى مدى سنوات تلقي الطفل تعليمه، بالإمكان تزويده بصور مشرقة لشخصيات محلية من مختلف القطاعات، لنتمكن بعد سنوات من تغيير إجابات الطلبة والشباب عن السؤال الافتراضي السابق بشأن قدوتهم ومثلهم الأعلى.
ومن الممكن تقديم عرض فيلمي عنهم للشباب في المدارس والجامعات، وأفضل من ذلك تنظيم لقاءات مباشرة لهذه الشخصيات مع أبنائنا الطلبة، ليتعرفوا عليهم عن شديد قرب، بما يغير القناعات وطريقة التفكير، فيكتسب الطلبة مهارات معرفية، وأهم منها الطاقة والروح للعطاء والنجاح.
وثمة دور للإعلام أيضاً في إنجاح الفكرة، وإن كان بدرجة أقل تأثيرا من التعليم؛ لأن ما يتعلمه الطفل أو الفتى أو الشاب على مقاعد الدراسة يبقى أكثر رسوخا في عقل النشء.
الأجيال الحالية والمستقبلية تحتاج إلى نماذج نجاح، وقدوة في الإنجاز. ولدينا العديد منها، فلماذا نبخل على الناجحين، وكذلك على أبناء الأردن، بالأمل؟