الرئيسية مقالات واراء
الوقائع والشواهد تدحض كل يوم الروايات الظالمة والمزيفة عن تاريخنا الأردني. والشواهد هذه المرة رفات جنود من شهداء الجيش العربي في معارك فلسطين، تم العثور عليها أخيرا في منطقة سور باهر بالقرب من مدينة القدس المحتلة.
جثمانا شهيدين، يقول شيوخ طاعنون في السن من أبناء فلسطين لوكالة "معا" الفلسطينية، إنهما اثنان من أصل ثمانية، شاركوا شخصيا بدفنهم، بعد معركة شرسة مع القوات الإسرائيلية. وروى أحد الشيوخ أن جنديا أردنيا استشهد ورشاشه بيده، وسمع أحد الجنود اليهود يقول إن الجندي الأردني قتل منهم الكثير قبل أن يستشهد.
ورصد التقرير التلفزيوني للوكالة الإخبارية أسماء جنود أردنيين منقوشة على حجارة فيما كان يعرف بمعسكر الجرس.
يستحق الشهداء الذين تم العثور على رفاتهم في أرض المعركة استقبالا مهيبا، كالذي رعاه الملك عبدالله الثاني قبل أشهر يوم افتتاح صرح الشهيد بعد تأهيله من جديد، واستقبال جثمان أحد شهداء الجيش الأردني من الذين سقطوا في معركة القدس.
بمثل هؤلاء الجنود الشهداء والأحياء منهم تليق الاحتفالات. رجال قاتلوا ببسالة وشجاعة جنودا مثلهم، أكثر عتادا وعدة. قاتلوا وحدهم تقريبا، وفي مناطق مكشوفة بلا غطاء جوي كان وعدا من الأشقاء فتبدى سرابا.
جنود كتبوا سيرتهم بالدم لا بالخطابات الرنانة. خسروا الحرب لكنهم لم يستسلموا للهزيمة، وآثروا الشهادة على الاستسلام.
الأرشيف الأردني زاخر بقصص البطولة والشهادة. أبناء فلسطين الذين قاتلوا في صفوف الجيش العربي يعلمون الحقيقة، وتجمعهم بأشقائهم الأردنيين أيام لاتنسى من التضحيات المجيدة، فسجلات شهداء الجيش في تلك المعارك زاخرة بأسماء ضباط وجنود من كل مدن فلسطين.
كل شبر من أرض فلسطين الطاهرة يحمل بصمة لجند أردنيين، يوم حمل الجيش العربي الأردني المسؤولية وحده مع شعب فلسطين، لرد غزو مدعوم من أكبر القوى العالمية.
هذا تاريخنا لا تلغيه ولا تتجاوزه كل المعاهدات والاتفاقيات، سيبقى مصدر فخر ومحل اعتزاز.
ورحلة البحث والتوثيق لبطولات الجيش في فلسطين ينبغي أن لا تتوقف. لنا الحق في البحث في كل مكان عن رفات شهدائنا، وحملها والاحتفاء بها وتسجيل سيرهم، والتعرف على هوياتهم وعائلاتهم، وتكريم كتائبهم التي ما تزال قائمة حتى يومنا هذا ضمن تشكيلات الجيش الأردني.
نعرف أن أصحاب القلوب السوداء لن يقروا لجنودنا بالبطولة، إنهم، وليومنا هذا، يمارسون لعبة التضليل والتزييف للتاريخ، وتحميل الأردن مسؤولية ضياع فلسطين، مع علمهم الأكيد بالحقائق والوقائع، وقصص البطولات الزائفة، ومعركة الساعات الخمس التي اختفت قبلها أسراب الطائرات المقاتلة وتحولت لرماد.
لا نعلم إن كانت هناك ترتيبات قريبة لوصول رفات الجنديين الأردنيين اللذين تم العثور عليهما مؤخرا، لكن أيا يكن توقيت استلامها، فلا يجوز أن يمر دون إظهار التقدير الوطني والشعبي الذي يستحقانه، ومحاولة توثيق قصتهما بالتفصيل، لتضاف لسجل الجيش الأردني المجيد.