الرئيسية مقالات واراء
لم تكشف السلطات الأمنية إلا في وقت متأخر عن نجاحها في اعتقال الخلية الداعشية التي خططت ونفذت الهجوم الانتحاري على موقع متقدم للجيش الأردني قبالة مخيم الركبان للاجئين السوريين على الحدود في الحادي والعشرين من شهر حزيران (يونيو) الماضي، وأدى إلى استشهاد سبعة من أفراد قوة حرس الحدود.
عملية استخبارية جريئة، نجحت في تحديد هوية العناصر المتورطة داخل مخيم الركبان المحاذي للحدود الأردنية مع سورية، والقبض على خمستهم، وقد مثلوا أمس أمام محكمة أمن الدولة.
العملية الاستخبارية أعطت دليلا قويا على دقة التقديرات الأردنية السابقة بشأن المخيم بوصفه حاضنة لنشاطات تنظيم داعش الإرهابي.
ظلت المنظمات الأممية تضغط على الأردن طوال السنتين الماضيتين لفتح حدوده أمام اللاجئين الذين تجمعوا بعشرات الآلاف في منطقة الركبان. وفي أكثر من مناسبة عبرت تلك المنظمات عن عدم قناعتها بحجج الأردن الأمنية ومعلوماته عن وجود حراك داعشي نشط داخل المخيم، واستغلال التنظيم الإرهابي وجود أعداد ضخمة من النازحين السوريين قسرا عن ديارهم، لبناء قواعد تنظيمية له، ليس لها هدف سوى إيذاء الأردن والتخطيط لهجمات مماثلة لهجوم الركبان الصيف الماضي.
تمسك الأردن بموقفه، وبعد الهجوم الإرهابي أعلن عن إغلاق الحدود بشكل كامل مع سورية. ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم لم يدخل لاجئ واحد عبر المنافذ البرية مع سورية، باستثناء حالات إنسانية طارئة تم إدخالها لتلقي العلاج في المستشفى الميداني ومن ثم العودة إلى سورية.
وفي الوقت نفسه، توصل الأردن مع المنظمات الإنسانية إلى آلية محكمة سمح بموجبها بإدخال المساعدات الغذائية والطبية لقاطني المخيم بشكل دوري.
تخيلوا لو أن الأردن رضخ للضغوط الدولية وفتح الباب على مصراعيه لدخول آلاف اللاجئين من الركبان لأراضيه؟
المؤكد أن المئات من عناصر داعش المتخفين وسط اللاجئين، كانوا لتسللوا بينهم، دون التمكن من رصدهم. ومن غير المستبعد أن يكون من بينهم أفراد الخلية الذين مثلوا أمس أمام "أمن الدولة"، وعندها يكون المجال مفتوحا أمامهم مع غيرهم من الإرهابيين للتخطيط، وعلى راحتهم، لعمليات إرهابية داخل الأردن.
الآن وبأثر رجعي يمكن للكثيرين بيننا أن يدركوا حكمة القرار الأردني بشأن لاجئي مخيم الركبان، على الرغم من تداعياته الإنسانية على أبرياء كثر، وجدوا أنفسهم وسط جيش من الإرهابيين في المخيم المنكوب.
لكن في ضوء العملية الأخيرة، والمعلومات المتواترة عن أن عشرة بالمئة من سكان مخيم الركبان هم من عناصر تنظيم داعش الإرهابي، يتعين التفكير بحلول جذرية لتفكيك المخيم وإنهاء وجوده على النحو القائم حاليا، لأنه سيتحول مع مرور الوقت إلى قاعدة ضخمة للإرهابيين، وسيجد الأردن صعوبة في استهدافهم عسكريا، نظرا لوجودهم بين المدنيين من اللاجئين الحقيقيين.
وتفكيك المخيم يتطلب تعاونا مع أطراف سورية وإقليمية ودولية فاعلة في المشهد السوري، لضمان توزيعهم على مناطق آمنة داخل سورية، وإعادة بعضهم إلى مناطقهم الأصلية التي شملها وقف إطلاق النار. وربما يصبح هذا السيناريو ممكنا مع قرب معركة تحرير الرقة وتنظيف دير الزور التي يعود معظم اللاجئين في الركبان إليها.