الرئيسية مقالات واراء
ينسى الأردنيون بنودا رئيسية في الموازنة العامة تستنزف جزءا واسعا من الإنفاق العام. من هذه البنود الرواتب وأقساط وخدمة الدين، إضافة إلى بند التقاعد.
ولا ترسخ هذه البنود، رغم ضخامة الأموال المخصصة لها، في عقول وأذهان الناس، فترانا في كل مرة نعيد السؤال الذي لا يجد جوابا: أين تذهب الأموال؟ كل هذه المنح ونعاني أزمة مالية خانقة!
نعم للأسف، لأن نمو هذه البنود خلال عقد ونصف من الزمان تم بدون دراسة أو تخطيط، حتى صارت تستحوذ على نسبة 80 % من الموازنة العامة.
بند التقاعد أحد هذه البنود المشوهة التي ما يزال إصلاحها معطلا، ونموها مطردا خلال السنوات الماضية، رغم أن وجود مؤسسة الضمان الاجتماعي التي من المفترض على المستويين؛ النظري والعملي، أن تخضع جميع العاملين تحت مظلتها، كان سيحل المشكلة ويضع حدا لتمددها.
بالأرقام، قفزت قيمة فاتورة رواتب المتقاعدين في القطاع العام؛ مدنيين وعسكريين، بنسبة 250 % خلال 13 عاما، وهو أمر مقلق يستوجب تطبيق حلول مدروسة لتفادي نتائجه السلبية.
آخر البيانات تظهر استمرار الزيادة في فاتورة التقاعد، حيث نمت خلال العام الماضي 3 %، أو ما مقداره 36 مليون دينار، لتسجل بنهاية كانون الأول (ديسمبر) الماضي 1.197 مليار دينار، مقارنة مع 1.161 مليار دينار في العام 2015.
اليوم، باتت كلف هذا البند تشكل حوالي 17.3 % من إجمالي النفقات الجارية خلال 2016، مقارنة مع 17.2 % في 2015، و15.1 % من إجمالي الإنفاق مقارنة مع 14.8 % في 2015. في حين شكلت نحو 4.4 % من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة مع 4.3 % في 2015.
الحلول لهذا التشوه ليست سرّية وليست صعبة، لكنها تحتاج، بالتأكيد، إلى صاحب قرار جريء بتطبيق فكرة إخضاع جميع الموظفين؛ عسكريين ومدنيين، إلى الضمان الاجتماعي مهما علت درجاتهم، خصوصا أن التوجه كان يفترض أن يتم اعتبارا من العام 2003.
بصراحة كبيرة ومتناهية، الزيادة في التقاعد ترتبط، بشكل وثيق، بالتقاعد الذي يحصل عليه، حتى يومنا هذا، أصحاب كل الدرجات الوظيفية العليا، بمن فيهم الوزراء وكبار الموظفين، والنماذج كثيرة لوزراء لم تتجاوز خدمتهم أشهرا وحصلوا على راتب تقاعدي مرتفع لمدى الحياة، بدون تبرير أو تفسير مقنع للأسباب التي تقف خلف هذه التشوهات.
من الحلول المقترحة، أيضا، رفع سنوات الخدمة لاستحقاق التقاعد من 20 إلى 25 عاما، أو أكثر للخدمة المدنية، ومن 16 إلى 25 عاما للخدمة العسكرية.
والمهم، أيضا، وقف التشوهات والمبالغات التي تحدث تحت غطاء ما سمي بـ"المعلولية"، بحيث يتم تشديد الإجراءات الإدارية على اللجان الطبية، ووضع سقوف للاعتلال للخاضعين للتقاعد المدني والعسكري.
اليوم، تسري بعض المعلومات غير المؤكدة، تقول إن النية تتجه لفتح قانون التقاعد مجددا، بنية منح تقاعد لواحدة من السلطات، ومثل هذا التفكير، إن تم، فإن ذلك يعني أن الإصلاح المالي ليس إلا كذبة فضفاضة تعلق عليها الحكومات قرارات رفع الأسعار، فحسب.
فاتورة التقاعد تشوُّه لم يعد السكوت عنه عادلا، وهو أحد أشكال الانحياز في منح الامتيازات، ولا يقل شأنا عن سياسات الدعم المالي لخدمات وسلع، طالما اشتكت منها الحكومات.
التشوهات الحالية في التقاعد، ليست إلا امتيازات ودعما لمتنفذين ومسؤولين يهون لأجلهم ضياع المال العام.