الرئيسية مقالات واراء
سلوك عبثي من بضعة أشخاص، كان سيؤدي إلى أزمة دبلوماسية مع الحكومة العراقية، لولا التدخل السريع والفعال من الحكومة ممثلة بوزير الخارجية أيمن الصفدي.
الحكومة والأجهزة المختصة أخذت على عاتقها تطبيق القانون بحق من تورطوا في أفعال يعاقب عليها القانون الأردني، والوزير الصفدي تولى احتواء رد الفعل العراقي باتصالات مع نظيره إبراهيم الجعفري، الذي أبدى حرصا شديدا على تطويق الحادثة، والمحافظة على زخم العلاقات المتنامية بين الجارين الشقيقين.
ثمة من سعى لخلط الأوراق واستغلال التوتر في العلاقات الأردنية الإيرانية، لتعطيل خطوط التعاون والتقارب بين عمان وبغداد.
في قضية التصريحات المسيئة لمسؤول في الخارجية الإيرانية، جاء رد الحكومة بالمستوى المطلوب، دون أدنى رغبة بتصعيد الأزمة مع طهران، لاعتبارات كثيرة يطول شرحها.
العراق لم يكن طرفا في المشكلة أصلا، وظهور أصوات عراقية مناهضة لعلاقات حكومة العبادي مع الأردن، لايبرر ردودا استفزازية تضع كل المكونات السياسية العراقية في سلة واحدة.
الأردن يلعب وبطلب من أطراف عراقية مهمة دورا بارزا في جهود المصالحة الوطنية. ومنذ أشهر توافد قادة عراقيون بارزون للقصر الملكي للطلب من الملك عبدالله الثاني بما يمثل من مكانة لدى جميع الطوائف العراقية، رعاية تلك الجهود، والتوفيق بين الأشقاء لإنجاز المصالحة المنشودة.
وبين البلدين حزمة كبيرة من المصالح المتبادلة وعلى جميع المستويات، لايمكن التفريط فيها. العراق أحد أهم المستفيدين من دور الأردن في الحرب على الإرهاب، والتعاون بين البلدين في هذا المجال لاحدود له. والبلدان معنيان بإنجاز مشروع مد أنبوب النفط من البصرة للعقبة، لما له من فوائد اقتصادية للطرفين.
وعلى المستوى الاقتصادي ثمة رغبة مشتركة بتجاوز المشكلات الأمنية لاستئناف حركة التبادل التجاري والنقل البري بين عمان وبغداد. القطاعات الصناعية والتجارية الأردنية تعد الأيام لفتح معبر الكرامة وعودة النشاط الاقتصادي.
المصالح المتبادلة كثيرة ويصعب حصرها، وفي إقليم تعم فيه الفوضى من حولنا، لانملك في الأردن ترف التضحية بأية فرصة لتطوير علاقاتنا مع الدول الشقيقة والصديقة، لتعويض الخسائر الخيالية للأوضاع الأمنية المتدهورة من حولنا.
حكومة بغداد الحالية أظهرت رغبة كبيرة بتطوير التعاون مع الأردن، ورد رئيس الوزراء هاني الملقي على مبادراتها بشكل مماثل، فزار بغداد قبل أشهر قليلة، وذلل العقبات أمام توسيع قاعدة التعاون بين البلدين وتسريع خطوات المشاريع المشتركة، خاصة أنبوب النفط الذي نقترب من التوقيع على اتفاقيته.
ينبغي على الحكومة أن لا تسمح بأن تكون المصالح الاستراتيجية العليا للدولة عرضة للتلاعب من أصوات مراهقة وعدمية. لا شأن لنا بتوجهات الحكومة العراقية وتحالفاتها الإقليمية والدولية. هل نسمح نحن في الأردن لأحد من الخارج أن يحاسبنا على خياراتنا وتحالفاتنا الخارجية؟!
لقد كان الأردن على الدوام قادرا على إدارة مصالحه مع دول الجوار رغم تباين السياسات واختلافها. علينا أن نحافظ على هذه الميزة ولانفرط فيها. العلاقات بين الدول تقوم على المصالح لا العواطف والأمجاد الغابرة.