الرئيسية مقالات واراء
قدم الملك خلال لقائه بالإعلاميين، أمس، برقيات سريعة حول مجمل الجهود والمساعي الملكية التي تصب في خدمة مصالح الأردن السياسية والاقتصادية والأمنية، وحمايته من جميع الأخطار المحيقة به.
في اللقاء الذي امتد لأكثر من ساعة، عبر الملك عن قلقه من الوضع الاقتصادي وتبعات ذلك على المملكة وناسها، وتحديدا ما يتعلق بارتفاع معدلات الفقر والبطالة، كما لفت إلى أن ما يشغل باله أيضا، هو ملف عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ووضع مدينة القدس، ما جعل الأردن يضعه في مقدمة الملفات، سواء في لقاء الملك الأخير مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أو من خلال تبنيه أولوية على جدول أعمال القمة العربية التي انعقدت أخيرا في الأردن.
وبسبب الإدراك الملكي العميق للتبعات السلبية لغياب الحل العادل لهذه القضية، التي يصفها دوما بالمركزية، على الإقليم، فقد سخر جميع الجهود في سبيل إعادة فتح هذا الملف، أملا في إحياء عملية السلام التي دخلت في نفق مظلم منذ أعوام طويلة، وذلك بسبب إيمان جلالته أن غياب الحل العادل والشامل، أو تأخره، سيبقي الباب مفتوحا لنشر التطرف ويترك المساحة الكبيرة لانتشار الفكر الإرهابي في المجتمعات العربية.
الاقتصاد وظروفه المعقدة، أيضا، واحد من الأسباب التي توفر الدوافع لدى فئة للانضمام للجماعات الإرهابية، وتحديدا ما يتعلق بارتفاع معدلات الفقر والبطالة بين الشباب العربي عموما والأردني بشكل خاص، ما يؤدي إلى فقدان الأمل بالمستقبل لدى كثيرين، فيصبحون عرضة للانقياد إلى أوكار الإرهاب والظلامية والعدمية.
ورغم كل التحديات السابقة وغيرها من الملفات الإقليمية، أعاد الملك التأشير إلى الثوابت الأردنية التي تؤكد على الدوام أن الحل في سورية سياسي، وأنه لن يتم تحقيق ذلك بدون تعاون روسي أميركي في جميع الملفات.
الملك شدد على أن كل ما يثار من مزاعم حول دور للجيش الأردني في البلد الجار غير صحيح، ولكن، في المقابل، يبدو الملك ممسكا بمفاتيح وتحركات وعلاقات مع أطراف متعددة لحماية الأردن ومصالحه، وقد بدا ذلك واضحا من قوله: "مستمرون بسياستنا في الدفاع في العمق دون الحاجة لدور للجيش الأردني داخل سورية. كما لن نسمح للتطورات على الساحة السورية وجنوب سورية بتهديد الأردن".
صورة التحرك تبدو واضحة في ذهن الملك، وهي مرتبطة بشكل وثيق بما يحدث حولنا، وتحديدا على الواجهة الشمالية؛ فلكل تطور تحرك يقتضيه، حسبما فهمنا من الملك، وفي المحصلة كان الاطمئنان والثقة باديين بوضوح في كلام الملك بالنسبة للوضع على حدودنا الشمالية، خصوصا أن الأردن يمتلك كامل القدرة وبأدوات متعددة، للتعامل مع أي مستجد، وبحسب ما تقتضيه أولوياتنا ومصالحنا الوطنية.
بالإضافة إلى الحرب التي يخوضها الأردن ضد التنظيمات الإرهابية في الخارج من خلال التحالف الدولي، يرى الملك أن ثمة عملا محليا مطلوبا لمكافحة الفكر المتطرف، يقوم على استراتيجية واضحة، بالتنسيق والتعاون المطلوب بين المؤسسات المعنية، لمحاصرة هذا الفكر ومنابعه، وأن علينا تكريس سيادة القانون واحترامه، مشددا مرة أخرى على أن لا أحد فوق القانون.
لقاء أمس حمل رسائل كثيرة، وأعاد التأكيد على ثوابت لا يساوم الأردن فيها، غير أنه، كذلك، بعث بتطمينات مهمة للأردنيين، وتحديدا ما يتعلق بدور الجيش في المعركة ضد "داعش"، بتأكيد جلالته أن ما يحاربه جيشنا هو الإرهاب الأعمى، وأن لا مصلحة أردنية في أن يتم الزج بهذا الجيش خارج حدود الوطن.
هذه المسألة شغلت الأردنيين طويلا، وها هو الملك يأتي لإقفال باب الجدل والتكهنات والقراءات غير الموضوعية، ولا المنصفة للمهمة النبيلة لجيشنا.