الرئيسية مقالات واراء
مبادرة بهذا المستوى ترقى بأهميتها، لمشاريع كبرى جرى أو يجري تدشينها، وأعني مبادرة رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة بالتضامن مع وزيري التربية والتعليم عمر الرزاز والطاقة ابراهيم سيف، بتركيب 2700 مكيف في مدارس الأغوار الأردنية.
المبادرة مدعومة من القطاع الخاص، بترتيب من الطراونة، ويفترض أن تتم عملية التركيب في غضون أسابيع قليلة.
في أشهر الصيف الحار تصبح الحياة بدون تكييف لاتطاق في مدننا، فتخيلوا كيف يكون الحال في مناطق الأغوار، حيث تسجل درجات الحرارة معدلات قياسية.
الآلاف من الطلبة الذين يعيشون في ظروف بيئية واقتصادية صعبة، يمضون يوميا نحو ست ساعات في غرف صفية أقرب ما تكون لخزانات مشتعلة بفعل الحرارة العالية؛ من منا يمكنه أن يستوعب كلمة واحدة لو كان مكان أحد هؤلاء الصغار، أو معلميهم؟
الاجتماع الذي عقد بالأمس في مجلس النواب لمناقشة وإقرار المبادرة، لابد أنه عالج الفكرة من كل جوانبها لضمان نجاحها. ويبدو من حضور وزير الطاقة أن المجتمعين قد تناولوا الجانب المتعلق بفاتورة الكهرباء المترتبة على استخدام المكيفات بهذا العدد.
لأباس من أن تبادر شركة الكهرباء الوطنية وشركات التوزيع بتحمل الكلفة، إذا كانت موازنة وزارة التربية والتعليم لاتحتمل ذلك. اعتبروها جزءا من الفاقد الذي يسجل سنويا بفعل السرقات، هذا إذا لم يكن لدى هذه الشركات مخصص لبند المسؤولية الاجتماعية في موازناتها.
بالأمس فقط طالعتنا "الغد" بصفحتين زاخرتين بالتقارير عن أرباح البنوك وشركات العقار والاستثمار كما تظهرها موازناتها للعام الفائت. مئات الملايين، يكفي اقتطاع واحد بالمئة منها لتغيير حياة آلاف المواطنين من حولنا.
المسؤولية الاجتماعية في مثل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها بلادنا، تقتضي من القادرين: أفرادا وشركات، مضاعفة مخصصاتهم لمشاريع المسؤولية الاجتماعية، وأن يحملوا كتفا مع الدولة التي وفرت كل ما يحتاجه القطاع الخاص ليعمل بأريحية.
قبل أسبوعين شاركت في احتفال افتتاح المقر الجديد لنادي الإبداع في الكرك، الذي أسسه المهندس حسام الطراونة. مبنى جديد مكون من ثلاثة طوابق، وعلى قطعة أرض لا تقل مساحتها عن أربعة دونمات، يقدم خدماته الرائعة للمئات من أبناء الكرك المتميزين. خلال الاحتفال تبين من كلمة المهندس الطراونة أن جلالة الملك عبدالله الثاني قد تبرع من جيبه الخاص لشراء المبنى الأنيق. ولو لم يكشف الطراونة هذا الأمر لما علم به أحد خارج حدود النادي.
ينبغي أن يقتدي رجال الأعمال بنهج الملك ويتقدموا الصفوف لخدمة مجتمعاتهم.
هناك بالفعل مؤسسات وشركات كالبوتاس وزين للاتصالات تقدم خدمات ومساعدات عظيمة للمجتمعات المحلية، وتساهم في جهود التنمية، لكننا بحاجة لمبادرات كالتي أطلقها رئيس مجلس النواب بالأمس، تترك أثرا إيجابيا على أوسع قدر ممكن من الشرائح الاجتماعية المحتاجة فعلا.
هنا يكمن التحدي أمامنا؛ توسيع نطاق المسؤولية الاجتماعية، فتوسيع دور القطاع الخاص في العملية الاقتصادية يرتب عليه في المقابل مسؤوليات وأدوارا تجاه المجتمع،لابد أن ينهض فيها.