الرئيسية مقالات واراء
مسكين فتحي، كلما زار أناسا لا يقدمون له سوى كوب من الشاي، وكانت أمنيته الوحيدة أن يتبعها ولو لمرة واحدة حبة (وربات) أو برازق، حتى جاء يوم واكتشف أن معه السكري.
علم الجميع بمرض فتحي وبدأ هو الالتزام بالحمية الغذائية لمرضى السكري، وفي أول زيارة له لأحد أقربائه سأله المعزب: مالك عرقان؟ فقال له: السكري مرتفع، فنادى الرجل على احد أبنائه: ياولد روح بسرعة جيب كنافة، فحلف أغلظ الأيمان ألا يذهب لأنه ممنوع من أكلها، فحلف المعزب أن يحضر له كنافة، وفتحي يحاول إقناعه بأنه إن أحضرها سيتجاوز السكري أرقام المديونية الأردنية، فكان له ما أراد.
فتحي كان يشعر بالأسى والحزن لأنهم طبخوا (كفتة)، وهي مفيدة لمرضى السكري ولكن، حلفان اليمين لم يشمل الكفتة بأي حال! وحين صدفه احد الجيران ودعاه لمنزله، فإن اول سؤال كان لفتحي: مالك محمرط؟ فقال له: شكله السكري مرتفع، فطمأن قلبه ونادى على زوجته: يا أم محمود، جارنا فتحي في المنزل فهل تحضرين لنا صينية (الهرايس) لنتحلى. فقال له: والله ما بقدر. الهريسة ترسلني الى القبر بدون فيزا، فقبل عذره مباشرة بدون أن يقدم له "منيو" آخر فيه موالح مثلا.
حين كان فتحي يراجع الدوائر الحكومية لم يكن يجد شربة ماء، وبعد السكري دخل أحد المكاتب، فقالوا له: مالك (دايخ)؟! فقال لهم: السكري مرتفع، فقالوا له: جيرة الله عليك توكل معنا (كلاّج)!
المواطن الأردني مثل الاخ فتحي، الحكومة بعد أن تيقنت ان قوته الشرائية أصبحت معدومة بدأت تعلن عن استعداداتها لتوفر كل شيء له خلال شهر رمضان المبارك !
تخيل أنهم عقدوا اجتماعا مؤخرا لبحث توفير المواد الغذائية في رمضان، على أساس أننا في رجب نأكل (مقالي باذنجان)، وفي شوال نشرب فقط (لبن مخيض)، وفي ذي العقدة نكتفي بسلطة (السماق)، اما الأرز والسكر والكاتش أب فلا نعرفها الا في رمضان. وأعلن أيضا مربو الدواجن عن توفرها خلال شهر رمضان الكريم بكميات كافية، فلولا رمضان لن نرى الدواجن في الأردن، فهي طوال السنة كانت في تجربة احترافية مع ريال مدريد وتعود لتمضي إجازتها السنوية بيننا فقط في رمضان.
مستوردو الجوز أعلنوا عن استعدادهم لتلبية طلبات السوق المحلي من الجوز، على أساس أن مستوردي الجوز كانوا قبل رمضان يقومون باستيراد (السيراميك)؟! وأعلنت وزارة الصناعة عن حملات مكثفة خلال شهر رمضان المبارك لمراقبة الأسواق لأن الوزارة قبل رمضان كانت تراقب الهلال. وأعلنت وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية عن استكمال استعداداتها لاستقبال الشهر الفضيل، حسسوني أني طوال العام كافر ومرتد ولن أصلي الا في رمضان، وأعلنت أمانة عمان عن حملات مكثفة على البسطات خلال الشهر الفضيل، فهل كانت الامانة قبل رمضان تقوم بحملات الوعظ والإرشاد مثلا!
لتعلن سلطة المياه عن توفير المياه لنا في رمضان، ولتعلن شركات الاتصالات عن توفير خدمات النت خلال شهر رمضان، ولتعلن الحكومة مشكورة أن الشعب الأردني سيتمكن هذا العام من صيام رمضان في الأردن!!