الرئيسية مقالات واراء
في أول إطلالة له على العالم الخارجي، شمل الرئيس الأميركي دونالد ترامب دولة عربية واحدة هى المملكة العربية السعودية في جولته الخارجية التي يحضر خلالها قمة حلف الأطلسي في بروكسل وقمة مجموعة السبع في صقلية، والأهم أن جولته ستشمل أيضا الفاتيكان وإسرائيل.
اختيار السعودية كمحطة لزيارته ليس عبثا؛ فهي دولة ذات ثقل استراتيجي في المنطقة، تتولى زعامة مجلس التعاون الخليجي، الذي تعد دوله حليفا استراتيجيا للولايات المتحدة في المنطقة.
إسرائيل تعني الكثير للإدارات الأميركية المتعاقبة، وتحتل مكانة مميزة بالنسبة لإدارة ترامب. إنها باختصار دولة فوق حليفة وتقترب لأن تكون جزءا لا يتجزأ من الولايات المتحدة.
لكنّ محطتي الزيارة في الشرق الأوسط، على ما بينهما من تباينات في المواقف، إلا أنهما عنوان سياسي مهم بالنسبة لإدارة ترامب.
لا يبدو أن قضية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ستكون في صلب زيارة ترامب لإسرائيل، بل إيران بالدرجة الأولى، وهذا ما يفسر أيضا الزيارة للسعودية واللقاءات المتوقعة مع قادة دول خليجية في الرياض.
تمثل سياسات إيران في المنطقة من وجهة نظر الدول الخليجية تهديدا مباشرا لأمنها. وبالنسبة لإسرائيل هى العدو رقم واحد.
إدارة ترامب هي أكثر الإدارات الأميركية في التاريخ عداء لإيران. ومنذ أن تولى الرئاسة يبحث ترامب بكل الوسائل المتاحة لإلغاء الاتفاق النووي مع إيران. إسرائيل تشاطره هذا الطموح، وإن تعذر ذلك، فإنها ترغب وبشدة بفرض المزيد من العقوبات على إيران، ودفعها إلى المواجهة العسكرية لو تطلب الأمر.
الدول الخليجية تظهر قدرا من الواقعية في هذا الملف، فقد أكدت في اجتماعها الأخير دعمها للاتفاق، لكنها في نفس الوقت تؤيد استمرار العقوبات الاقتصادية على إيران، ومحاصرة نفوذها في المنطقة، وسحب البساط من تحت قدميها في اليمن وسورية.
ترامب يدرك حاجة هذه الدول لدعم الولايات المتحدة في مواجهة إيران، وهو يطمح لشراكة واسعة تتحمل الدول الخليجية بموجبها دفع كلفة الحماية والأمن، وبناء تحالفات اقتصادية يستفيد منها الاقتصاد الأميركي بشكل مباشر.
ويظهر من صفقات السلاح التي يجري العمل عليها حاليا حجم التوقعات لما ستكون عليه علاقات أميركا مع دول خليجية في المرحلة المقبلة.
وتعول أوساط خليجية على زيارة ترامب لتحريك ملف اليمن الذي أصبح كابوسا يؤرق الكثيرين بعد تعذر الحسم العسكري والتسوية السياسية للأزمة.
الولايات المتحدة غير مستعدة بالطبع لإرسال قواتها لليمن، لكنها جاهزة لترمي بثقلها السياسي والدبلوماسي للوصول لتسوية تخدم أجندة الدول الخليجية، وتضع إيران خارج الملعب اليمني.
لكن حتى هذا الأمر يبدو صعب المنال في ضوء التحولات التي شهدتها الأزمة اليمنية، وتحولها إلى نزاع مزمن على شاكلة الوضع في سورية، ونذر التقسيم التي بدأت تلوح في الأفق بين شطري البلاد.
بهذا المعنى ستكون زيارة ترامب للمنطقة تظاهرة ضد إيران، ومناسبة لإعادة إنعاش التحالف الخليجي الأميركي الذي تعرض لانتكاسة كبيرة في ولاية أوباما الثانية، بسبب سياسة الأخير المنفتحة تجاه إيران، وضغوط إدارته لإجراء مزيد من الاصلاحات السياسية.