الرئيسية مقالات واراء
كالعادة، تجاوز حضور المنتدى الاقتصادي العالمي الألف من الشخصيات العامة؛ سياسيون واقتصاديون ورجال أعمال وخبراء، وبحثوا، كما هو مقرر، تمكين الأجيال وإعدادها للمستقبل، وأيضا التحديات التي تحيط بالشباب ومستقبلهم وحاضرهم.
العناوين كثيرة؛ سياسية واقتصادية، والهموم كثيرة أيضا، تبدأ من البطالة، وتحديدا لدى الشباب والنساء، والفقر وغياب التنمية والتبعات الكارثية لارتفاع معدلات الفقر على الشباب والمشكلات التي يجلبها للمجتمعات، المرأة وقضاياها وتدني مشاركتها الاقتصادية إجمالا، وغيرها من الملفات، مثل اللجوء وكلفته وحماية ملايين اللاجئين الذين شردتهم الحروب، وما يلحق بهذه المسألة من كلف كبيرة على الدول المستضيفة، وتقصير مجتمع المانحين في تغطية تكاليف لجوئهم.
عدا عن عناوين الجلسات المقررة بحسب جدول المنتدى الاقتصادي العالمي، ثمة قضايا كثيرة تثار، بالتزامن، من على شرفة قصر المؤتمرات، يبث فيها المشاركون همومهم وآمالهم، ويستعرضون التحديات والفرص في المنطقة عموما والأردن خصوصا.
هناك على شاطئ البحر الميت وعلى الشرفة، يناقش المشاركون مآلات الأزمة السورية ومستقبلها بين وقف النار والتقسيم، ويطرحون "سؤال المليون" فيما لو كان اللاعبون في الملف السوري سيتفقون على حل نهائي لوقف الحرب هناك، مع الشكوى من ارتفاع كلف النزاع المتواصل على مدار أكثر من ستة أعوام، وتأثيراته على التنمية الشاملة في منطقتنا التي تلهبها الحروب، حيث تتعاظم مشاكل الشباب والمرأة، نتيجة الحروب المستعرة وما يلحق بها من ضعف عجلة الاستثمارات.
على الشرفة يبدو الكلام أكثر انفتاحا، فإدانة الاحتلال حاصلة، وكل ممارساته البشعة بحق الفلسطينيين موضوعات تثير الشجن، وكذلك معاناة العراق من الإرهاب وأمراض الطائفية، مع الدعوات لأن يستقر العراق وينتصر في حربه على داعش وعلى كل أشكال الإرهاب الأخرى.
رجال الأعمال يبثون شكاواهم من البيروقراطية "اللعينة" التي تعيق أعمالهم، ويسهبون في الحديث عن التشريعات التي تؤخر إنجاز استثماراتهم، وكيف تبقى فكرة الشراكة بين القطاعين؛ العام والخاص حبرا على ورق، ويدخل المتحدثون، بدون تكلف، في توصيف حجم المعيقات التي تفرضها الحكومات بدلا من تسهيل مهمتهم.
المؤسسات الدولية الحاضرة، تسعى هي الأخرى لقول كلمتها من على الشرفة، وتصر على تقييم أحوال المنطقة، رائية أنها ستكون أفضل من العام الماضي، فيما يرى بعض المسؤولين والخبراء العرب والمحليين أن بعض هذه المؤسسات "تصر" على تفاؤلها حيال أحوالنا الاقتصادية، مع أنهم يعلمون أنها أكثر سوءا مما كانت عليه العام الماضي.
للأردنيين أحاديثهم الخاصة، فهم يعيدون التأكيد على استراتيجية العلاقة مع العراق، والفرص القادمة من هناك، سواء ما يتعلق منها بأنبوب النفط كمشروع ضخم يؤسس لشكل جديد من الشراكة، أو أملهم في فتح معبر الطريبيل بعد أن ينتصر العراق على داعش، لتحقيق منافع مشتركة للطرفين.
وكالعادة؛ يجري الحديث حول الفائدة من عقد مثل هذه المنتديات، ومستوى الحضور، والمقارنة بما كان عليه الوضع في دورات سابقة، وما هي المنافع التي تعود على الأردن منها. وبين أخذ ورد وجدل بين النفع من عدمه يتفق الجميع على أن انعقاد المنتدى في الأردن في هذه المرحلة الصعبة التي تعاني فيها المنطقة من حروب مدمرة، إنما هو دلالة قوية على أن الأردن مختلف، وأنه واحة أمن تجاوز ما لم تستطع دول عديدة تجاوزه، وأن الاستقرار الذي ينعم به الأردن، مقارنة بغيره، يعطيه قيمة مضافة تجعله مؤهلا لاستقبال استثمارات كبيرة، سيعلن عن بعضها اليوم.