الرئيسية مقالات واراء
الإرهابي يخطف باصا، ويخطط لعملية دهس مثلما حدث في أوروبا، فيموت ثلاثة أو أربعة، ويجرح أقل من عشرة بإصابات طفيفة، بينما المسؤول الاردني عدّيك شره إذا خطط، فأقل حادث نفقد فيه عشرة من الأحباء وخمسين جريحا نصفهم اصابات بليغة!
في الأردن، إذا تقدم أحدهم لخطبة فتاة، يسمح الأهل أن تجلس معه للتعارف والتقارب والاتفاق على أساسيات حياتهما، ومن ثم يقرر كل منهم الرغبة بالارتباط أو لا، وحتى حين تحضر (طريش) للمنزل، تقوم بزيارة عدة ورشات للطريش ومشاهدة عمله على أرض الواقع ومن ثم تقرر الاتفاق معه أو لا، والشغالة قبل أن نتفق على التعاقد معها يحضرون لك صورة لها وخبراتها وشهادة خلو الامراض وكل مهمتها هي (الجلي) وشطف (الحوش).
بينما حين يتم تعيين وزير يتم الاتصال معه مساء ويقولون له: غدا حلفان اليمين، فيوافق مباشرة دون حتى أن يسأل عن حقيبته الوزارية! مع أن من يدعوك لحفل خطوبة أو عرس قبل بيوم من موعده ترفض الحضور لأنك تعتبرها عزومة رفع عتب.
لكن الوزير لو اتصلت معه قبل بربع ساعة يكون جاهزا لحلفان اليمين بدون أن يطلب الاطلاع على ملفات الوزارة التي سيتولاها أو معيقات عملها ليرفض بعدها أو يوافق.
طبعا الجميع يوافق لأن وظيفة الوزير أصبحت أسهل وظيفة في الأردن، وكل ما هو مطلوب منك أن تجري تنقلات في بداية عهدك حتى تثبت أنك صاحب قرار، ومن ثم كلما واجهتك مشكلة تبرر إخفاقك بنقص المخصصات.. بينما وظيفة معلم الشاورما أصعب بكثير من وظيفة الوزير، فهو لا يملك أي حجة من حجج الوزير، وإذا لم تكن الشاورما طيبة سيبدي الناس استياءهم ولن يشتروا مرة أخرى، ولا يستطيع أن يبرر فشله بعدم توفر البهارات مثلا.
عمليا أصبحنا بحاجة ملحة أن يكون لدينا حكومة تحت التجربة، لا يتم حلفان الوزراء اليمين الا بعد ثلاثة أشهر على تكليفهم، ومَنْ يملك رؤية وخططا يبقى، ومن يملك حجة نقص المخصصات يغادر.
حادثة باص المعتمرين المؤلمة والمفجعة كان يمكن تفاديها. ألم يكن بالامكان أن يكون لدينا مكتب في نقاط الاستراحة المنتشرة على الطريق من عمان الى مكة، وفيها يقف الباص لدقائق معدودة، ويطلب من السائق أن يضع إصبعه في حبر خاص بلون معين، هذا اللون مسموح له أن يقود المركبة لمسافة معينة فقط ومن ثم عليه أن يسلم القيادة للسائق المعاون، وهكذا تصبح إشارة الحبر هي الحكم على المسافة التي يجب على السائق أن يقطعها، ومن ثم لا يسمح له بالاستمرار لأنه سيتعرض للإيقاف أو عدم السماح له بالمرور، والأهم أنه لا يسمح له بتغيير الطريق لأنه من المفروض أن يعبر على كل الاستراحات ليتم الفحص.
علبة الحبر كم ثمنها؟! وموظفان اثنان كم رواتبهما؟! ونوقف بعدها الى حد ما شلال الدماء الذي يسيل على الطرقات.
دول فيها مجاعات وليس فقط نقص في المخصصات، وطرقها ترابية، ولم نعد نسمع فيها عن حوادث سير مفجعة، وقبل الطرق كانت الجيوش تمشي بعشرات الآلاف ولم نسمع أنها ارتطمت او داست على بعضها بعضا، لذلك احترموا عقولنا بحججكم الواهية ودعونا نرى نصّ استقالاتكم!