الرئيسية مقالات واراء
احمد حسن الزعبي
عشية الانتخابات النيابية الماضية اتصلت بي مذيعة من «سكاي نيوز العربية» لتسألني عن دور الإعلام في توعية الناخب الأردني.. فشطحت بما تيسّر لي من تنظير آنذاك ثم ختمت رأيي بالعبارة التالية: «بتظل الأمور زابطة والناس واعية حتى تطلع فاردة براس تريلا وأربع سيارات كيا.. قتنقلب كل موازين الوعي».. فردّت المذيعة: عفواً ما المقصود بـ«الفاردة» فتحوّل مسار الحديث في اللقاء من الكلام عن الانتخابات إلى تعريف الفاردة ومدى تأثيرها على السلوك الأردني..
«الفاردة» حقيقة هي مكمن مشكلتنا في هذا الوطن.. نحلف أغلظ الأيمان أننا لن ننتخب هذه المرة إلا الأصلح، نتحمّس للتغيير، ونتكلم بإحباط عن مرشح العشيرة والقرابة والمنطقة ونجزم أننا لن ننتخب هذا العام الا الأكفأ حتى لو كان من الواق واق.. وعندما تدور «رأس تريلا» في الشوارع يمتطيها بعض الشباب الصغار وهم يلوحون بقمصانهم، تتبعهم بعض سيارات الكيا والافانتي تهتف لمرشّح العشيرة الذي حصل على الإجماع للتو.. تجحظ العيون وينشف الريق، فيحنث اليمين، ويعود الحماس لإبن العم، ويحشد الأقارب من جديد، فتخرج رأس تريلا ثانية ونفس السيارات المؤيدة، وهنا يبدأ صراع العشائر وأهمية التناسل والتكاثر في ترجيح كفة الفائز بغض النظر عن صلاحيته للمركز.. يخسر الكفؤ والنظيف والمجتهد والساعي للتغيير وينجح من لا يجيد فكّ الخط ولا يستطيع كتابة حرف «على» من «علا» في منشوراته على الفيسبوك...
رأس «تريلا» كفيل أن يلعب برؤوسنا جميعاً فنغير معايير الانتخاب ونصعد «الأرعن» و»الجاهل» و»الفاسد» و»الفوضوي» على حساب «الحكيم» وصاحب «الخبرة» و»الوطني» و»المنظّم» لأجل الحماسة القبلية فقط... ولتذهب البلديات الى الجحيم ولتذهب النظافة وحالة الطرق وتنظيم الشوارع وهندسة الأراضي حسب عقلية الرئيس المنتخب..
عزيزي الناخب، بالأمس القريب أكلت «هواة» النواب.. فلا تعيد نفس الكرة وتصفع نفسك بمقلب البلدية.. شخصياً أرى البلديات أهم ألف مرة من النيابة على الأقل خدماتها تنعكس على المواطن مباشرة، ثانياً: قرارها بيدها وصلاحيتها تملكها كاملة غير منقوصة ولا مدفوعة المواقف... لذلك قبل أن «تدبّ» الصوت في الانتخابات البلدية.. اسأل نفسك هل مرشّحك قادر على ادارة بلدية بموظفيها وكوادرها وميزانيتها التي تصل بالملايين؟ هل هو أمين على المكان والخزينة؟؟! ثم تخيّل مرشّحك للرئاسة يجلس مع «وفد ياباني» لتقديم المساعدة لبلديتك.. او وفد صيني أو فرنسي.. هل لديه القدرة على التفاهم والإقناع.. هل يصلح ان يكون نظيرهم وندّهم في هكذا لقاءات.. أم أنه سيمضي كلامه عن «المليحية اللي تشر من الأكواع» وعن «الجعابير»...أرجوكم مرّة واحدة اجعلوا القرار لرؤوسكم لا لرؤوس التريلات..فقط مرة واحدة!!.
غطيني يا كرمة العلي