الرئيسية مقالات واراء
لم يتردد "شرعي" هيئة تحرير الشام- جبهة النصرة سابقاً، المدعو أبو اليقظان المصري من إطلاق فتوى بقتال أحرار الشام ومن يقف في وجه مشروع الحركة بالسيطرة على إدلب، قبل توقيع الاتفاق الأخير مع حركة "أحرار الشام".
وأضاف أبو اليقظان، في فتواه التي تمّ تناقلها عبر موقع اليوتيوب، "نحن نحاول تحييد المدنيين، لكن عندما نقاتل فإننا نقاتل وإذا كان الحاجز لا يمكن أخذه إلا بالقتال (اضرب بالراس)، واذا كانت مصلحة العمل في القتل وكان لا بد من ضحايا مدنيين، فهذا تمترس. اقتل وفي يوم القيامة قل هذا ما أفتى به أبو يقظان، وفي يوم القيامة تبعثون على النوايا"!
بالنتيجة هي الفتوى ذاتها التي استخدمها تنظيم داعش لقتال الفصائل الأخرى، من النصرة نفسها، والجيش الحرّ، واعتبرت أنّ في قتلهم تقرّباً إلى الله، بدعوى أنّهم أي جبهة النصرة، التي ينتمي إليها أبو اليقظان، هم من "الصحوات" (في إشارة إلى الفصائل التي انقلبت على داعش في العراق 2007، بدعم من الأميركيين)، وأنّ قتالهم واجب.
أعداء اليوم (هيئة تحرير الشام وأحرار الشام) هم حلفاء الأمس، في جيش الفتح، الذي سيطر على كامل إدلب، قبل عامين، وطرد جيش الأسد منها، لكن ما الذي حدث حتى: أولاً انقلاب التحالف إلى عداء؟ وثانياً لماذا انهارت حركة أحرار الشام، بسرعة شديدة، أمام هيئة تحرير الشام، ما شكّل مفاجأة صادمة، نظراً لحجم الحركة – أحرار الشام- ورصيدها العسكري؟
بخصوص انقلاب التحالف، فإنّ التحليلات تميل إلى محاولات كلا الفصيلين فرض سيطرته على إدلب، والتنازع على "السلطة" والقوة. وهو سبب منطقي، لكن مفتاح فهم ما يحدث هو التحول في الموقف التركي، تحديداً، منذ محاولة الانقلاب الفاشلة، ثم سعي الأتراك للتقارب مع روسيا، والتخلّي عن جبهة النصرة، بعد أن كانت تحاول تأهيلها دولياً وإقليمياً.
الاختلافات بين الأحرار والنصرة بدأت في الموقف من عملية درع الفرات، سابقاً، ثم تصدّع التحالف، وبدأت عملية استقطاب شديدة في العام الماضي، بين الفصيلين، وإعادة تشكيل التحالفات، فانضمت فصائل إلى الأحرار وأخرى إلى حركة تحرير الشام، جبهة النصرة سابقاً، ثم أصبحت هيئة تحرير الشام، بينما انضمت فصائل أخرى، مثل صقور الشام وجيش الإسلام في إدلب إلى الأحرار.
مع بروز مشروعات مناطق منخفضة التوتر، وبدء تشغيل ديناميكيات مؤتمرات الآستانة، والتحول الجوهري في موقف تركيا من النصرة، بدأت الأخيرة تشعر بالقلق من أن تدفع ثمن ما يجري، بخاصة أنّ أحرار الشام قريبة من السياسات التركية وتعتبر حليفاً استراتيجياً لها، فقامت بالضربة الاستباقية.
إذاً، العامل الإقليمي لعب الدور الأكثر أهمية فيما يحدث في شمال سورية، سواء ما حدث سابقاً في ريف حلب، أو اليوم في إدلب وريفها، وجوهر العامل الإقليمي هنا التحول الكبير في الدور التركي، والطلاق بينها وبين جبهة النصرة، وثانياً بالتراجع الحادّ بالدور القطري في سورية، والتحولات التي تسم الدور السعودي، إذ كانت السعودية شريكاً لتركيا وقطر، في العام 2015 في تأسيس فكرة جيش الفتح، ودعمه للسيطرة على إدلب، قبل أن تعود – أي السعودية- لتغيّر مقاربتها مرّة أخرى.
سنناقش غداً الأسباب الكامنة وراء انهيار أحرار الشام عسكرياً والآفاق المتوقعة..