الرئيسية مقالات واراء
منذ عامين تقريبا وحركة حماس تتحيّن الفرصة لتطبيع علاقاتها مع طهران من جديد. لكنّ اصطفافها في الخندق المناهض للنظام السوري حليفها الاستراتيجي السابق منعها منذ ذلك.
قبل يومين قررت قيادة حماس التقدم نحو إيران، فأرسلت وفدا رفيع المستوى يمثل مكتبها السياسي إلى طهران للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس حسن روحاني لولاية ثانية.
في البيان الصادر عن الحركة بمناسبة هذه الزيارة إشادة كبيرة بدور إيران في دعم المقاومة الفلسطينية. وهي على ما يبدو محاولة من حماس للتذكير بالماضي لاستعادة وهج التحالف مستقبلا.
ما كان لحركة حماس أن تقدم على هذه الخطوة قبل أن ينفرط عقد التحالف الخليجي، وتَحرر قطر من التزاماتها تجاه السعودية. لقد منحت أزمة الخليج الأخيرة بين قطر وعواصم خليجية حركة حماس فرصة التحرك صوب طهران، خاصة بعد وقوف الأخيرة إلى جانب الدوحة في خلافها مع الرياض وأبو ظبي.
طهران كانت على الدوام مستعدة لفتح خطوط الاتصال مع حماس رغم اعتراض دمشق على هذا التوجه. وبعد زيارات سابقة لمسؤولي حماس لطهران، سجلت دمشق احتجاجها رسميا على سلوك حليفها الإيراني، لكن ذلك لم يمنع طهران من مواصلة جهودها لتوثيق العلاقات مع حركة حماس.
المصالحة بين طهران وحماس لاقيمة لها من دون سورية؛ فهل تمضي حماس خطوة أبعد فتجعل من طهران بوابة لدخول دمشق من جديد؟
من المستبعد حدوث هذا التحول في وقت قريب لسببين رئيسيين.
الأول يخص حماس نفسها. حتى اللحظة، الاستدارة القطرية لم تبلغ حد تغيير الموقف من النظام السوري، ولا يمكن لقيادة حماس أن تغامر بتحدي إرادة حليفها القطري قبل أن يقرر بنفسه تبديل مقاربته من النظام السوري، وهو أمر لا تظهر بوادره بعد.
الثاني يتعلق بموقف النظام السوري من حركة حماس. لقد شعرت دمشق بالمرارة من موقف حماس حيال الأزمة في سورية، واكثر من ذلك بالخيانة بعد سنوات طويلة احتضنت فيها دمشق حركة المقاومة وقدمت لها دعما مطلقا لا ينكره قادة الحركة حتى يومنا هذا.
في نظر دمشق، حماس لم تكتفِ بالتخلي عن حليفها السوري، بل وقفت في خندق الطرف الثاني ودعمته بالمقاتلين والسلاح.
لن يكون سهلا على النظام السوري أن يبتلع حماس من جديد. إيران تتفهم هذا الموقف، لكنها إذا ما نجحت أولا في إعادة إنتاج شروط التحالف مع حماس من جديد، ستعمل بهدوء وتروٍ على ترويض الطرفين لتقبل بعضهما من جديد. وسيتطلب الأمر كسب دعم قطر لهذا التوجه.
حماس يمكنها تقديم تنازلات في هذا الخصوص، فهي لم تعد حساسة كثيرا لمواقف حلفائها من الإخوان المسلمين في العالم العربي، بدليل إقدامها على عقد تسويات جوهرية مع النظام المصري العدو رقم واحد للإخوان ومع محمد دحلان، الموصوف بمهندس الحرب على الجماعات الإسلامية في مصر وعموم العالم العربي.
ليس سهلا تخيل أن التحالفات في المنطقة تعود كما كانت قبل سبع سنوات، لكن بعد كل الذي شهدناه لم تعد للتوقعات حدود تقف عندها.