الرئيسية مقالات واراء
بحسب المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، يتعين على الحكومة جني مبلغ 550 مليون دينار من جيوب الأردنيين، بهدف العمل على تحسين المؤشرات المالية وأولها ضبط قيمة عجز الموازنة لتثبيت حجم المديونية عند حدود آمنة.
الصندوق لا يفرض على الحكومة كيفية تحصيل الأموال، لكنه يحدد المطلوب حتى تنجز الأهداف. الطرق متعددة لإنجاز المهمة، ما يعني أن المنح المالية غير المستردة تعد بابا لتوفير المطلوب، أو زيادة الإيرادات المحلية برفع الرسوم على السلع والخدمات، فيما يبدو الاقتراض بندا غير محبب للصندوق لغايات ضبط النمو في المديونية، فيما يتمثل الحل الرابع بتحقيق معدلات نمو مرتفعة جدا تقي الأردنيين شر زيادة الأسعار.
بناء على السابق، وفي ظل توقف المنح العربية بشكل تام واقتصار قدومها على النافذة الأميركية ومبلغ محدد من منح الاتحاد الأوروبي يبدو أن باب المنح موصد بالكامل كطريق لضبط العجز وتخفيض الدين. هذا الواقع يفتح الباب على التفكير بمزيد من سياسات الجباية لتحصيل المبلغ المطلوب، حيث بلغ إجمالي الدين العام للمملكة 26 مليارا و120 مليون دينار في نهاية شباط (فبراير) من العام الحالي، شكلت نسبته 3ر94 % من الناتج المحلي الإجمالي المقدر للعام 2017، مقارنة مع 1ر95 % من الناتج للعام 2016.
الرقم المطلوب ليس هيّنا، بل إن التفكير فيه يسبب الصداع ويطرح سؤالا كبيرا؛ هل ما يزال في جيوب الأردنيين مثل هذا المبلغ لتحصيله العام 2017، بعد أن جنت الحكومة مبلغ 450 مليونا خلال العام 2016، وهل بإمكان الحكومة تمرير حزمة من القرارات القاسية التي تستنزف مداخيل الأردنيين، في ظل مزاج عام غاية في السوء، وشعور عام بأن الحكومات لم تعد تمتلك حلولا لمشاكل تسببت بها إلا عن طريق جيوب الناس!
أمام هذا الواقع الصعب الذي تدركه الحكومة جيدا، يأتي الصوت من صندوق النقد الدولي على لسان رئيس بعثة الصندوق إلى الأردن، مارتن سيرسولا، الذي يظن أن الحكومات وإن كانت أفلحت في تحسين بعض المؤشرات، لكن ما يزال أمامها عمل طويل لتحقيق المطلوب، وسط ترويج لفكرة، نظريا تبدو حقيقة، بأن نحو 95 % من الأردنيين لا يدفعون ضريبة الدخل، وأن إيرادات الخزينة لا تتجاوز 0.4 % من إجمالي الناتج المحلي من ضريبة الدخل الشخصي.
سيرسولا، وفي مقابلة مع "الغد" من مقر الصندوق بواشنطن، يشير إلى أن الاقتصاد الأردني أحرز تقدما في تنفيذ برنامج تسهيل الصندوق الممدد (EFF)، مع أداء مالي أفضل من البرنامج المقرر، كاشفا عن وجود بعض التدابير المنخفضة الجودة، مثل تخفيض الإنفاق الرأسمالي والاجتماعي، مقارنة بالهدف الاسترشادي.
الصندوق الذي لا يفكر إلا بالأرقام والنسب، يتوقع أن تنخفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 77 % في العام 2022 بدلا من العام 2021، وفي هذا اعتراف ضمني أن الخطة لتثبيت الدين قد لا تمضي بحسب ما هو مخطط لها، ما يتطلب تضحيات إضافية من حكومة د. هاني الملقي، باتخاذ قرارات جبائية تجني المبلغ المطلوب لزيادة الإيرادات المحلية، فهل يفعلها الملقي؟
وللحديث بقية.